القضية الكردية والأمة الإسلامية
يعتبر الكرد رابع أكبر قومية في الشرق الأوسط، ويشكلون جزءاً مهماً من جسد الأمة الإسلامية الجامع. وهم بغالبيتهم مسلمون سنة على مذهب الإمام الشافعي، ويتوزعون في أربع بلدان بشكل رئيسي وهي تركيا، العراق، إيران، وسوريا، وهناك جاليات كردية كبيرة في أوروبا وبعض دول الاتحاد السوفيتي سابقاً وبعض الدول العربية مثل لبنان وفلسطين وغيرها. يطالب الكرد بأن يكون لديهم ما لدى إخوانهم العرب والترك والفرس من حقوق، وهم دائماً مستعدون أن يؤدوا واجباتهم.
كانت بدايات دخول الكرد في الإسلام في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- عن طريق الصحابي الكردي جابان أبو ميمون -رضي الله عنه- وابنه الصحابي ميمون -رضي الله عنه-، وبحسب العلامة المؤرخ محمد أمين زكي صاحب كتاب خلاصة تاريخ الكرد وكردستان فقد كان هناك عدد آخر من الصحابة الكرد -رضي الله عنهم-، وقد دخل الإسلام إلى بلاد الكرد بشكل أوسع في عهد عمر -رضي الله عنه-، وأقبل الكرد على الإسلام إيماناً واحتساباً ودخلوا فيه طواعيةً وحباً.
ومنذ أن دخل الكرد الإسلام باتوا من حراس الأمة الشجعان المحبين لأمتهم المدافعين عنها بأرواحهم، ويذكر لنا التاريخ والحاضر إخلاصهم وتفانيهم في خدمة الأمة الإسلامية ودفاعهم عن حدودها وأبنائها وحقوقها.
الأمة الإسلامية مطالبة اليوم بالعمل من أجل إحقاق حقوق الكرد انطلاقاً من أسس الأخوة الإيمانية التي تجمع الكرد بإخوانهم المسلمين، ونصرة المظلوم، وحب الخير لكل المسلمين.
وقد قدم الكرد ثلة من القادة والعلماء للأمة الإسلامية ساهموا في نهضة وتقدم الأمة، وآثارهم باقية ما بقيت الأمة، فمنهم على سبيل المثال لا الحصر صلاح الدين الأيوبي، ابن تيمية، بديع الزمان النورسي، الكواكبي، ابن خلكان، ابن الأثير، والدينوري.. وغيرهم.
بعد انهيار الدولة العثمانية واتفاقية سايكس بيكو التي قسمت المنطقة والتي حرمت الكرد من الحقوق التي منحتها لباقي القوميات، وخاصة الكبرى منها، عانى الكرد الويلات والتشرد والظلم والاضطهاد وهضم الحقوق وطمس الهوية وتشويه تاريخهم وأنواع أخرى من الظلم.
وإذا تكلمنا بلغة الجسد والأعضاء فإنني أقول بأن موقع الكرد من جسد الأمة الإسلامية القلب النابض، وإن هذا القلب قد أصيب بمرض، وواجب الأمة أن تتحرك لتشخيص المرض تشخيصاً دقيقاً ووصف الدواء له وإلا فإن المرض إن تُرك دون علاج سينتشر ويتمدد ويؤثر على الجسد كله.
إن الأمة الإسلامية مطالبة اليوم بالعمل من أجل إحقاق حقوق الكرد انطلاقاً من أسس الأخوة الإيمانية التي تجمع الكرد بإخوانهم المسلمين، ونصرة المظلوم، وحب الخير لكل المسلمين. وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- المسلمين بإفشاء السلام، ونحن نعلم إنه لم يكن هناك سلام في هذه المنطقة منذ حوالي مائة عام إلى الآن ولن يكون حتى تحل المشاكل وتعالج الأمراض ويحق الحق، فإذا أردنا تطبيق الأمر النبوي علينا بمناقشة وحل قضايا المنطقة بدل تجاهلها أو الوقوف ضدها في بعض الأحيان ليحل السلام وتتقارب النفوس وتتصافى القلوب ويجتمع شمل الأمة على المحبة والخير.
القضية الكردية هي قضية الأمة الإسلامية، والمطلوب من عقلاء ومفكري الأمة وأصحاب القرار تبنيها والاجتماع من أجلها والبحث عن حلول لها خير من تجاهلها، فالكرد جزء من الأمة بل وجزء مهم ومؤثر تاريخياً وحاضراً، وضعفهم ضعف للأمة وقوتهم قوة للأمة. وبالتالي فإن حل المشكلة الكردية سيساهم بشكل كبير في نهضة وتقدم الأمة، أو على الأقل سيخفف من أمراضها ومشاكلها، فهل من مستمع ومستجيب؟[1]