المثقف الكردي والمصلحة الذاتية
سلمان الخليل
يقول بيكون المعرفة سلطة , وسلطة المثقف معرفته . ويقول هتلر كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي في هاتين العبارتين دلالة واضحة على أهمية الثقافة ودور المثقف في المجتمع . لان الثقافة هي مجموعة القيم والمعارف التي تلهم سلوك الجماعة وتساهم بالارتقاء بالوعي المعرفي للمجتمع في كافة مجالات الحياة الثقافية و السياسية والاجتماعية والاقتصادية, من خلال تأسيس وإعادة تأسيس وبناء منظومة فكرية وأخلاقية ومعرفية للمجتمع لان المجتمع ليس شيئأ ناجزا أو جاهزا.
المثقف الحقيقي هو من يستطيع تحليل وتوصيف وتفسير الواقع وصياغة رؤى وأفكار ومعارف للمستقبل . هنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي . هل يستطيع المثقف الكردي أن يقوم بهذا الدور ؟ وهل يملك المثقف الكردي مشروعه الثقافي!. أحيانا كثيرة أشك في قدرة المثقف ا لكردي على القيام بهذا الدور . قد تحمل الإجابة على هذا التساؤل جوانب متعددة منها. أولا إن غالبية المثقفين الكرد ينتمون إلى الفئات الوسطى ذات المنبت العشائري التي لم تستطيع أن تتحرر من ثقافتها التقليدية ونزعاتها العشائرية فنرى المثقف الكردي أسير للعقلية العشائرية وذهنه محشوا بتقاليد وقيم من موروثات الماضي القائمة على تمجيد النزعة الفردية وجعل الذات محورا بينما الثقافة تحتاج إلى عمل وكيان جماعي حتى تقوم بدورها بفعالية . ثانيا شعور المثقف الكردي بها مشينه وضآلة تأثيره على أرض الواقع تخلق لديه ردة فعل بالنزوع إلى المزيد من الفردية من أجل إثبات الذات . ثالثا يتصف المثقف الكردي على العموم بالنرجسية والتعالي و الغرور لشعوره بأنه يملك من المعرفة ما لا يملكه الآخرين مما يؤدي إلى خلق هوة بينه وبين بقية أفراد المجتمع بالتالي يعاني من حالة اغتراب عن الواقع. مجمل هذه الأمور تؤدي بالمثقفين الكرد إلى حالة من التخبط والتقوقع حول الذات . فالكثير من المثقفين الكرد رغم نشاطاتهم المتعددة ونتاجهم الغزير لكنهم يفتقدون إلى الرؤية الواضحة ويعملون بشكل عشوائي واعتباطي ضمن مناخ من التنافس والنقد الجارح والنتيجة حروب كلامية مستمرة وخلافات شخصية دائمة بين غالبية المثقفين بدلا أن يسعوا إلى العمل الجماعي وفق أطر مؤسساتية وتشكيل هيئات تجمعهم وتتبنى نشاطاتهم ونتاجاتهم . لان العمل في الشأن الثقافي الكردي عمل تكاملي وليس عمل تنافسي. إلا إذا كان المحرك الأساسي للفعل الأخلاقي عند المثقفين هو المصلحة الذاتية وهمهم البحث عن الشهرة والأضواء. لهذه النوعية الانتهازية من المثقفين أقول بأنهم سلكوا الطريق الخطأ ومن الأفضل لهم أن يتجهوا إلى الغناء فأغنية فيديو كليب واحدة كفيلة بأن تجعلهم نجوما مشهورين بين ليلة وضحاها. لأن العمل في الشأن الكردي عمل شاق و طويل بحاجة إلى نكران الذات نظرا لخصوصية الواقع الكردي, هذه الخصوصية تتطلب منا جميعا وضع مصلحة شعبنا فوق أي اعتبار . في النهاية لابد من القول بأنه رغم كل السلبيات الموجودة في واقعنا الثقافي ورغم سوداوية اللوحة تبقى بعض النقاط المضيئة لأن القوى الكامنة في شعبنا مازالت تبشر بالخير ومازال شعبنا بإرادته القوية وطموحه ووعيه وحسه العالي بالمسؤولية قادر على اقتحام المستقبل.
[1]