فؤاد روند
من اجل تدوين سيرة حياة الدكتورة #زكية اسماعيل حقي# ميرزا (1929 – 2021) مؤسسة الاتحاد العام لنساء كوردستان عام 1952. بتاريخ #08- 4 0-2014# التقيت بها في اربيل رفقة الدكتور (لزكين جالي) في فندق ديفان بمدينة اربيل، وبعد عدد من اللقاءات وبتاريخ #11 - 4 - 2014# كانت الدكتورة زكية وشقيقتها الدكتورة ندى وابن وابنة شقيقتها ضيوفا عليّ في داري بأربيل.
فقصدت ان اخلق جوا مناسبا بعيدا عن الانغماس في التاريخ المنصرم. فقلت لها ان حضرتك كنت الفتاة الكوردية الأولى التي قُبِلت في قسم الحقوق في مدينة بغداد .فقالت: كلا فقبلي كانت ابنة خال الدكتور حبيب محمد كريم قد قبلت في هذا القسم. ابنة محمد باشقة المدير العام في وزارة الداخلية العراقية. وفجأة أطلقت ضحكة وقالت أنا في تلك الفترة لم ارَ منها سوى الجدية. وبعد برهة قصيرة قالت: في عام 1953 تم قبولي في قسم الحقوق.
كنا أنا ووالدي ذاهبين لعيادة مريض من اقربائنا في منطقة باب الشيخ. كان والدي يرغب ان اكون ناشطة في مجال الشؤون الاجتماعية ومساعدة الفقراء والمرضى الكورد. وأثناء عودتنا. فتحت باب منزل في احدى الازقة الضيقة حيث خرجت امرأة مسنة لترمي طستا من الماء. في تلك الفترة لم يكن لدى معظم البيوت مجاري للمياه، وعندما لمحت أبي نادته باسمه, وكان أبي غاضبا جدا ويمشي بخطى متسارعة، فمسكت المرأة المسنة بذراعي وقالت: والله يا اسماعيل لن اترك ابنتك الا ان تدخل الى بيتي. فاضطر أبى أن يخضع لقولها .
كانت لديهم دار واسعة فجلست أنا وأبي على احدى الارائك (كرويتة) وجلست هي على قطعة من السجاد على الأرض. وكان ابي مازال غاضبا، فقالت لي المرأة: حبيبتي ان اباك أطلق اسمي عليك، فانا ايضا اسمي زكية, فقال لها ابي بمنتهى الغضب: يا زكية لقد بعتني من اجل عبسكة (عبسكة مصغر لاسم عباس)، فصمتت العمة زكية لبرهة وخجلت قليلا، وبعدها اجابته قائلة: أنت كنت لسبع سنين عند شيخك وجعلتني فداء لشيخك ثم اختفيت، صحيح اني كنت خطيبتك. ولكن الناس قالوا حينها انك ميت بحكم الشرع فاضطررت الى الزواج من عباس. وعندما خرجنا من الدار في الطرق قلت لأبي: اين كنت؛ فقال: كنت أنا وقريبنا محمد باشقة موظفين في مدينة السليمانية. وفي عام 1919 التحقت بالشيخ محمود الحفيد كمسلح وبعد انتكاسة الثورة لم اسلم نفسي، وجعلت من نفسي رجل دين في احدى قرى شاربازير، وكان اصدقائي كثيرون حولي وكنت في حمايتهم، وفي عام 1928 عدت الى بغداد بقلب مليء بالحب ولكن للاسف كانت خطيبتي زكية قد تزوجت. فقررت ان التحق بقسم الحقوق لاتمكن من مساندة حقوق الامة الكوردية بالقانون. كان طريقي الكوردايتي واتخذ محمد باشقة صيغة اخرى. كان محمد باشقة قد بقي في سلك التدريس لمدة معينة وطبع أول كتاب تربوي للمعلمين للدراسة الكوردية مع شخص آخر. وعلى الرغم من التحاقه بوزارة الداخلية في المملكة العراقية الا انه لم يكن اقل منيّ شأنا في حبه للقومية الكوردية (الكوردايتي)، فهو ذاته الذي منح اجازة رسمية لطبع مجلة (كلاويز) للمحامي ابراهيم احمد، كما أرسل ابنته إلى قسم الحقوق.
قالت الدكتورة زكية فهمت للتو لماذا لم يمنعني أبي من اتخذ طريق النضال الكوردي (الكوردايتي) وأمنّ لي حق الدراسة، فقال ابي: ان قريبتي زكية كانت محقة في زواجها، فهي لم تكن تعلم فيما اذا كنت انا حيا او ميتا وصبرت سبع سنين. فاردت ان اخلد قصة حبنا الحزينة من أجل الكوردايتي بإطلاق اسمها عليك.
المحامي اسماعيل حقي ميرزا كان واحدا من المؤسسين لنادي الكورد الفيلية الرياضي والمدرسة الابتدائية الفيلية والعديد من المؤسسات الاجتماعية الأخرى في مدينة بغداد. وكان يدعم ويساند التحاق البنات الكورديات بالدراسة. ويحث النساء الثريات من اقربائها على تقديم المساعدات لنادي (سركوتن) الكوردي في مدينة بغداد. وهكذا فإن التاريخ الكوردي المعاصر مليء بالاساطير المجيدة.
ترجمة: ماجد سوره ميري.[1]