تاريخ: كوردستان في ترتيب الخريطة الجيوبوليتيكية
#ميرال برورد#
الخريطة القديمة :
التقسيم الثاني لكوردستان :
* اتفاقية سايكس بيكو أيار (1916): تمت هذه الاتفاقية بالأساس بين انكلترا و فرنسا و روسيا
وقد خصص القسم الأكبر من هذه الاتفاقية لتحديد كيفية تقسيم البلاد الداخلة في إطار الإمبراطورية العثمانية و احتلت كوردستان في محادثات الحلفاء السرية مكانها .
وقد جاء فيها تقسيم المنطقة إلى دول (تركيا و العراق و سورية) و قسمت كوردستان التابعة للعثمانيين على ذلك الأساس و ألحقت بالأجزاء الثلاثة المذكورة لتصبح كوردستان خمسة أجزاء (الجزءان الآخران ملحقان بإيران و روسيا)
و من الجدير ذكره أن موضوع المنطقة الكوردية بحث في رسالة سرية بعثها وزير الخارجية الروسي (سازانوف) في نيسان من العام (1916) إلى السفير الفرنسي في (بتروغراد) دارت حول أطماع روسيا في السيطرة على جزء هام من كوردستان تركيا.
الاعتراف الأول بحق الشعب الكردي دولياً : و قد كان ضمن منهاج الرئيس ولسون للسلام العالمي في صلح فرساي 1918 حيث جاء في النقطة (12) ما يلي :
(و إن الأقليات الغير تركية ضمن الإمبراطورية العثمانية يجب أن تتاح لها الفرصة الحقيقية الحرة لممارسة استقلالها بعيداً عن كل تدخل و تأثير)
معاهدة سيفر – آب 1920: جاءت هذه الاتفاقية كنتيجة حقيقة لما جاء في منهاج الرئيس ولسون و قد تمت بحضور وفد كوردي برئاسة الجنرال شريف باشا ووقعت عليه كل من دول :
- بريطانيا و فرنسا وايطاليا و تشيكوسلوفاكيا و بولندا و بلجيكا و اليابان و الحجاز و أرمينيا و تركيا .
و قد جاء في القسم الثالث من المادة (62) للمعاهدة ما يلي :
تتألف اللجنة المقيمة في لقسطنطينية من ثلاثة أعضاء و ترشحهم رسمياً حكومات بريطانيا و فرنسا و ايطاليا و خلال الأشهر الستة المقبلة تقدم اللجنة خطة للحكم الذاتي المحلي للمناطق التي تقطنها أغلبية كوردية شرق نهر الفرات و جنوب الحدود الأرمينية التي يمكن تحديدها فيما بعد و شمال الحدود بين تركيا و بين سورية و العراق .
كما جاء التأكيد و التثبيت في الفقرات (27-11-32) و إذا ما أخفقت اللجنة في الوصول إلى قرار جماعي حول أية مسألة من المسائل يقوم كل عضو بطرح المسألة على حكومته
معاهدة لوزان – تموز 1923 : جاءت هذه المعاهدة لتلغي كل الذي جاء في معاهدة سيفر و أجهضت الحقوق الكوردية و الأمل الكردي بحكم منطقتهم بنفسهم علماً أن الدول التي وقعت هذه لمعاهدة هي نفسها الدول التي وقعت معاهدة سيفر و هكذا احتفظت تركيا بكل الأراضي و لم يرد أي شيء يتعلق بالوضع الكردي سوى أنه جاء في المعاهدة ( تحترم حقوق الأقليات الثقافية و الدينية في تركيا ) .
* قضية الموصل و ثورة الشيخ سعيد بيران (1925) : يقول مندلستام الأخصائي في مادة الأقليات إن معاهدة لوزان 1923 لم تنص على المساواة في الحقوق السياسية و المدنية إلا لمصلحة الدول الكبرى .
و قد كان لهذه المعاهدة دور واضح في قضية الموصل حيث اضطرت عصبة الأمم المتحدة لإيفاد لجنة تحقيق دولية إلى المنطقة الكوردية ثم و ضعت حدوداً مؤقتةً في تشرين الأول (1925) دعتها ( خط بروكسل) ووضعت هذه المنطقة تحت وصاية دولية لمدة (25) عاماً و تسليم الشؤون الإدارية و العدلية و التربية إلى العناصر الكردية مع اعتبار اللغة الكوردية لغة رسمية .
بدأت عصبت الأمم بدراسة التقرير و في هذه الفترة اندلعت ثورة الشيخ سعيد بيران في شباط (1925) .
وقد كانت الثورة تعبيراً واضحاً للأكراد في تركيا عن رفضهم للحكم التركي و تكذيباً للتصريح الذي أدلى به الوفد التركي حول أريحية الأقليات المسلمة لمصيرها في ظل حكم الأتراك كما كانت تعبيراً واضحاً عن ضم الموصل للعراق و بموجب قرار عصبة الأمم المتحدة أصبح خط بروكسل الحدود الفاصلة بين تركيا و العراق و في عام (1926) و لأول مرة صرح رئيس الوزراء العراقي ( يجب أن نمنح الأكراد حقوقهم)
و من الجدير ذكره أن ثورة الشيخ سعيد بيران حررت مدينة ( خاربيت ) إلا أن الإمدادات التركية للجيش التركي وصلت و انهارت الثورة كما أن خيانة ( قاسم جبراني ) قائد العشائر دور أساس في انهيار الثورة .و ألقي القبض على الشيخ و رفاقه و شنقوا جمعياً في ديار بكر عاصمة كوردستان الشمالية .
تأسيس خويبون (1927)
بقي حلم تحرير كوردستان مراوداً للأكراد و ما فارقهم لحظة ففي ربيع (1927) عقد مؤتمر كوردي تمخض عنه فكرة تأسيس لجنة وطنية كوردية سميت ( خويبون ) التي انبثقت عنها حركة كفاح مسلح لتحرير كوردستان .
آكري ، آكري ، قد كنت ناراً ...
كنت دوماً شامخ الهامة ....
كنت مشعلاً فوق كوردستان ...
اتقد يا آكري ...أتقد يا آكري ...
كان هذا هو النشيد الوطني لانتفاضة آكري البطلة التي اندلعت (1926)بقيادة ( بروهسكي )
و بعد تأسيس خويبون تولى قيادة الانتفاضة ( الجنرال إحسان نوري باشا ) حيث رفع العلم الكوردي الثلاثي اللون فوق قمة آكري معلناً استقلال كوردستان و كالعادة لم تتفق الدول المقتسمة لكردستان إلا على ضرب الأكراد ففي عام (1932 ) تم التوقيع على تعديل الحدود التركية الإيرانية في آرارات برضاء سوفيايتي .
انتفاضة ديرسم (1937) :
لم تتوقف الثورات الكوردية ففي (1937) هبت ديرسم للانتفاض و تحت شعار ( المدنية تكافح البربرية ) تبنت الدول الغربية العرض التركي فأنهت بذلك الانتفاضة المذكورة و قامت – المدنية التركية – كما وصفت بهدم البيوت الكوردية و إحراق الأحراج التي هرب إليها الثائرون و بينهم مئات النساء و الأطفال و الشيوخ .
في كوردستان إيران كان الأمر مشابهاً وقمعت الفارسية انتفاضة ( خالد آغا الجلالي ) في آرارات و انتفاضة( اسماعيل آغا سمكو ) من جهة شنو و حركة التحرر التي قام بها جعفر آغا سلطان أورمان (1932) .
كوردستان الحمراء :
يزيد عدد الأكراد في الجزء الملحق بالاتحاد السوفياتي سابقاً و ذلك في منطقة (ترانسقوقازي ) على المائة ألف نسمة و على الرغم من صغر هذا الرقم لكن هؤلاء الأكراد اثبتوا أنهم قادرون على تمييز شخصيتهم الكوردية ففي ( يريفان ) طبعت النشرات الكوردية و الأدبيات الكوردية و كانت هناك إذاعة كوردية و نظام اجتماعي كوردي في القرى و مدارس ابتدائية . لكن قدوم الديكتاتور ستالين إلى دفة قيادة النظام الشيوعي ألغى ذلك ففرق ستالين الأكراد على الجمهوريات السوفياتية الروسية و ألغى الإيمان الكوردي بالفكر الشيوعي .
ثورة بارزان (1943 ) : انطلقت ثورة بارزان بقيادة الملا مصطفى البارزاني في ظروف انبثقت عن الحرب العالمية الثانية و استمرت هذه الثورة بقوة على الرغم من المحاولات العديدة لقمعها.
* جمهورية مهاباد 13 كانون الثاني (1946) :
في هذا التاريخ أعلن عن قيام الجمهورية الكوردية في مهاباد بدعم من النظام الاشتراكي و انضم وقتها قيادة ثورة بارزان إلى الجيش المشكل إلا أن التفاوض بين القطبين العالميين غدر بالجمهورية الفتية إضافة للعرض الذي تلقاه ستالين من شاه إيران لاستثمار النفط في إيران و ضم أذربيجان إلى الدولة الإيرانية و انصراف قيادة الجيش إلى التجارة و إهمال الأمور العسكرية أدت إلى إلغاء الجمهورية و البطش بالأكراد دون شفقة أو رحمة بعد أحد عشر شهراً من قيامها في كانون الأول (1947)
الخريطة الجديدة:
بعد ثور أكتوبر في روسيا و نشوء السلطة السوفيتية كان لا بد للنظام الامبريالي العالمي من إعادة النظر حول طبيعة توجهاتها و رؤيتها إلى الشرق الأوسط ..
و كذلك كان الأمر بالنسبة للدول و الأنظمة الموجودة على الساحة الشرق أوسطية بما في ذلك حركات التحرر القومية ..
فبالنسبة للسلطة الأتاتوركية في تركيا رأت تركيا أنه من الأنسب التخلي عن التحالف مع السوفيت و الانحياز نهائياً للجانب الغربي على حساب قضية الشعب الكردي و القوميات الأخرى المظلومة و قد حذت القومية الفارسية حذوها فقام رضا خان بهلوي بالتحالف مع النظام الغربي (الامبريالي) و إقامة السلطة الشاهنشاهية في إيران .
و في ظل الاستعمار الغربي للشرق وجدت حركات التحرر بما فيها الحركة القومية الكردية نفسها حليفاً لا اختيارياً للنظام الاشتراكي السابق و تحولت من المد التحرري ضد السلة العثمانية إلى التحرر من واقع الاستعمار الكولنيالي العسكري الغربي المتمثل بفرنسا و بريطانيا و اللاعب الخفي أمريكا يضاف إلى ذلك أن حركة التحرر القومية في الشرق الأوسط رأت في الفكر الاشتراكي –و لو نظرياً – الملجأ الوحيد لها خاصة بما طرحته حول المسألة القومية .
و هنا تحولت الحركة القومية الكردية و لأسباب جمة تتعلق بالامتداد الواسع للشعب الكردي و حيوية كردستان و مفصليتها بالنسبة للقطبين إلى حركة تحررية ديمقراطية أساسية في المنطقة و من الجدير ذكره أن الكولونيالية العسكرية الغربية رأت من الضروري كسب الأكراد إلى صفوفها فعينت الشيخ محمود الحفيد ملكاً على كردستان العراق لكنه و وفقاً للتوجه المذكور لدى الحركة الكردية ثار ضدهم و بعث برسالة إلى السلطة السوفيتية عام (1922) قال فيها: ((إن الشعب الكردي بأجمعه يعتبر الشعب الروسي محرر الشرق لذا فهو مستعد لأن يربط مصيره بمصيره)) فاضطرت بريطانيا إلى خلعه عن الحكم و قصفت السليمانية بالطائرات و المدافع و ارتكبت مجازر همجية بحق الأكراد ..
بالترافق مع انتصار السوفيت في أرمينيا خسر النظام الغربي الحاجز الواقي المتمثل (بالأكراد و الأرمن) في مواجهة النظام الاشتراكي الزاحف نحو ما تستعمره الدول الغربية في الشرق العربي .
و لعل ذلك كان سبباً أساساً في النكوص عن معاهدة سيفر و دعم السلطتين المواليتين للنظام الغربي في تركيا و إيران و جعلهما الدرع الفولاذي أمام الزحف الاشتراكي فكان للسلطتين الضوء الأخضر في قمع و إبادة أي تحرك من جانب المغبونين من الشعوب و القوميات و خاصة الشعب الكردي الذي ذاق الويلات و ذاق الأمرين خاصة في ظل رؤية قاصرة من القوى الوطنية العربية فكان الشعب الكردي بين مطرقة الصراع الدولي و سندان القوى الوطنية العربية.
وفقاً لما ذكرته سابقاً فإن القضية الكردية تعتبر أعقد القضايا في الشرق الأوسط فكانت المحور الأساسي لأي تفاوض على طاولة القطبين العالميين وهنا لا بد لي من التنويه إلى أن الدور الأساسي للنظام الامبريالي كما يسمى كان متمثلاً بأوربا أكثر من أمريكا فوفق الاتفاقية الانكلوفرنسية المبرمة تم تقسيم كردستان و إلحاقهما بالدولتين العربيتين سورية و العراق .
و كان لبريطانيا الدور البارز و الرعاية الكاملة على ميثاق سعد أباد (1937) بين كل من تركيا و إيران والعراق و أفغانستان حيث جاء في المادة السابعة ((أن كلاً من الأطراف السامية الموقعة يتعهد باتخاذ التدابير في مجاله الخاص للحيلولة دون قيام أو نشاط عصابات مسلحة أو جمعيات أو منظمات تهدف إلى الإطاحة بالمؤسسات الحالية التي تتحمل مسؤولية المحافظة على النظام و الأمن في أي جزء من حدود الأطراف الأخرى)) وهنا ينجلي بوضوح أن الميثاق كان موجها للحركة القومية الكردية الناهضة ثم كان للتفاوض الاشتراكي متمثلاً بستالين مع الشاهنشاهية الإيرانية الموالية للنظام الامبريالي وتبادل النفوذ في أذربيجان و استثمار النفط لصالح السوفيت الضربة القاضية للجمهورية الفتية مهاباد (1946) ..
و لعل الدور الأمريكي كان أساسياً فقط في اتفاقية الجزائر المشؤومة سنة (1975) التي أبرمت بين الشاه الإيراني وصدام حسين الذي أعدم مؤخراً بتهم جرائمه ضد الإنسانية حيث تنازل صدام وقتها عن شط العرب مقابل ضرب الحركة القومية الكردية في جنوب كردستان بقادة البرزاني الخالد و تمت هذه الاتفاقية بإشراف مباشر من هواري بو مدين الرئيس الجزائري الراحل .
و بقيت القضية الكردية تعاني الأمرين في ظل الحرب الباردة إلا أن انهيار المنظومة الاشتراكية و فقدانها لأي قوة جعلت الامبريالية العالمية وخصوصا أمريكا تعيد النظر في حساباتها تجاه الشرق الأوسط.
كان من الواضح أن السياسة الأمريكية تنطلق في تعاملها مع الشرق الأوسط من الاعتبارات التالية خاصة بعد حرب الخليج الثانية و غزو صدام للكويت و الهزيمة النكراء التي مني بها مما يلي:
1ً) الحفاظ على المصالح الأمريكية و مصالح حلفائها.
2ً) استثمار النفط (عصب العالم)
3ً) الحفاظ على امن وسلامة إسرائيل
4ً) الاعتذار العملي للشعب الكردي عما لحق به من أضرار إبان الحرب الباردة.
ووفقاً للبند الأخير من هذه السياسة جاء القرار (688) الصادر عن مجلس الأمن في نيسان (1991) و المعتمد على مشروع أوزال الرئيس التركي الراحل بعد الهجرة المليونية لأكراد العراق و انتفاضتهم (1991) و الهجوم الصدامي على وكردستان و الذي أعقب هزيمة الكويت .
حيث طرح المشروع لحماية الأكراد ضمن كردستان و في محاولة لبريطانيا لتبني المشروع رأى (جورج بوش الأب) أن أمريكا ستخرج خالية الوفاض فيما لم تتبنى المشروع مما دفع بالولايات المتحدة الأمريكية لفرض الحظر الجوي على كردستان و إقرار المشروع المذكور تحت اسم (الملاذ الآمن) و قامت بضرب جميع القواعد الصدامية الموجهة ضد كردستان العراق ..
ساد الشرق الأوسط سياسة جديدة سياسة المحاور المتضادة فاعتمدت أمريكا على دعمها المباشر و الكبير لتركيا فأغدقت عليها الأموال الطائلة و أحدث التقنيات العسكرية و الحربية و أبقت على قاعدة (أنجر ليك) وحدها بعد إغلاق معظم قواعدها العسكرية في العالم و كان للتحالف التركي الإسرائيلي الوقع الأكبر لنشوء المحور الإيراني السوري الموجه بالضد للمحور السابق ذكره .
لكن هجمات أيلول التي ضربت العمق الأمريكي كان بمثابة ناقوس للخطر الجديد المستمد من التطرف الديني و المذهبي حيث أيقظت الإدارة الأمريكية على أدواتها المنسية و المتحركة خفية لضرب المدنية و السلام الذي كان قد بدأ يسود العالم و نتج عن ذلك الحرب العالمية الثالثة باسم الحرب على الإرهاب و أعادت الولايات المتحدة حساباتها من جديد في البحث عن الحليف الأكثر وثوقية و أرضية أقوى من تحالفها مع تركيا خاصة في الخسارة الكبيرة التي تكبدتها الإدارة الأمريكية جراء عدم موافقة تركيا لاستخدام أراضيها معبراً للجيوش الأمريكية لضرب النظام العراقي البائد .
كما أن تركيا بدأت بتوسيع الشرخ الذي حصل في علاقاتها مع أمريكا بإقامة علاقات وطيدة مع الدول التي تعادي الديمقراطية و الولايات المتحدة و حلفائها –إسرائيل على وجه الخصوص –
و بروز التيار الديني فيها كما أن المحور الإيراني السوري أيضاً بدأ بالانهيار التدريجي في ظل الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها السلطتان (احتلال لبنان و التدخل في شؤونه الداخلية و السيطرة بشكل كامل عليه ... مسألة التسلح النووي الإيراني و قضايا دعم الحركات الأصولية و الإرهابية حزب الله كمثال)
بدا بجلاء أن الأكراد هم الحليف المرشح للحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية خاصة للدور الأساس الذي قامت به القيادات الكردية في العراق في تحريره و تعزيز أمنه و استقراره.
إن الرؤية الموضوعية للشرق الأوسط وما يتسم به من تعدد قومي و أثيني يطرح مما لاشك فيه الحل الأمثل لهذا التعقيد الموجود كي يعم السلام و الاستقرار لمنطقة و ذلك بتحويل الشرق الأوسط إلى نظام فيدرالي أو كونفدرالي معتمد بشكل أساس على الديمقراطية و المساواة و العدل و مواجهة التحديات البيئية و المعيشية و بناء شرق أوسط جديد يسوده السلام .
و لعله من المغالطة الاعتقاد بأن الوضع الكردي في العراق قابل للتضرر فما يسود كردستان من استقرار و بناء اقتصادي يزدهر يدفع للجزم ببروز نواة الدولة الكردية المرتقبة في ظل قيادة كردية اتسمت بالموضوعية و الحزم و اعتبرت نفسها القوة الأساسية في المعادلة العراقية و الثقة العالمية التي تتمع بها إدارة الإقليم لكن هذا لا ينفي وجود أخطاء متراكمة من المرحلة السابقة خاصة بما يتعلق بمسألة المحاصصة و التوافقية الكردية لكنه يبقى أمر نسبي قيد الانحسار التدريجي .
أما بالنسبة لغرب كردستان فيبدو الأمر معقداً خاصة في غياب رؤية سياسية ناضجة للحركة التحررية الكردية في سوريا و ما أفرزته انتفاضة آذار البطلة 2004 من تغييرات على المستوى السوري العام والكردي الخاص و نشوء معارضة مخلخلة و لا حسمية الأمور من قبلها و التخبط السلطوي يدفعنا للجزم بأن الوضع السوري غير مهيأ للرتوشات و عمليات التجميل التي يقوم بها جميع الأطراف بما فيها السلطة نفسها و لعله من الواضح أن نقول أن قيام جبهة موحدة على أساس ثوابت و أساسيات لامساس بها بالنسبة للحركة الكردية و النظر إلى مفهوم قيادة الشعب للحركة بجدية أكثر سيجعل الرؤية الدولية تتحسن و الموقف الأمريكي سيكون أفضل في دعم الشعب السوري لإنشاء نظام ديمقراطي حر متعدد ...
و الأمر يكون مشابهاً في لكردستان الشرقية إذا استغل الملف النووي الإيراني و قابلية زوال نظام الاستبداد و المعادي بعلنية وعملية لأمريكا و إسرائيل .
و الوضع التركي بات معروف فيما يتعلق بالانضمام للاتحاد الأوربي هو الورقة الرابحة....
لكن بالضرورة إعادة النظر في السياسة الكردية المتبعة و تحمل أعباء المرحلة و الاستعداد الكامل لما سيأتي و ما التحول الحقيقي في الشارع الكردي باعتماد التظاهر و الاحتجاج السلمي إلا خير دليل على ضرورة تفهم القيادات الكردية للمرحلة و الاعتماد على القوى الشعبية و زيادة الاحتكاك مع ها و تبني المثقفين و بروز قيادات فتية متماشية مع روح العصر و متطلبات المرحلة.
هكذا أكون قد أنهيت المدخل لنبدأ بدراسة الأجزاء الكوردستانية كلاً على حدا...
[1]