رأس المال الاجتماعي والتنمية
خديجة مسعود كتاني
رأس المال الاجتماعي والتنمية
ان القيم الانسانية هي ذاتها التي تدعو الانسان الى العمل على كل ما من شأنه اعلاء أمره في نظر نفسه وفي نظر المجتمع والاخرين. ذلك عن طريق القيمة المضافة بنفسه على نفسه من خلال الثقافة, البحث والتعليم, اكتساب المهارات, الخبرة وتراكماتها, نوعية الحياة التي يرتضيها لنفسه وشبكة العلاقات التي يؤسسها مع غيره من اعضاء مجتمعه او غير مجتمعه. كل هذه العوامل تزيد من (رأس ماله الاجتماعي) وتحدد مكانته في مجتمعه وتحدد مساره في تحقيق اهدافه التي يصبو أليها.
ما هو رأس المال الاجتماعي
ويقصد به (مجموعة من الافراد) تكون تشكيلة اما على مستوى رسمي أو غير رسمي.
الرسمي : اي على مستوى تنظيمي كمنظمات المجتمع المدني ومؤسساتها. الغير الرسمي : كالعائلة والاقرباء و الاصدقاء.
لكن الميثاق العالمي للامم المتحدة: يعرف رأس المال الاجتماعي على انه الشبكات الاجتماعية والمؤسسات، وهياكل صنع القرار، سواءً مراكز مؤسساتية أو مراكز مرتبطة بقيادات طبيعية داخل المجتمع وتقاسم القيم الثقافية ودرجة التعبئة الاجتماعية كدعائم التماسك داخلالمجتمعات المحلية.
أنواع رؤوس الاموال :
1-رأس المال الاجتماعي
2-رأس المال المادي : ويشمل المباني ، السيارات ، المكائن ، الاراضي و الأموال السائلة في البنوك.
3- رأس المال البشري : هي الافراد العاملة في المجتمع أو الدولة لها مهارات ومؤهلات جيدة من حيث التدريب وتراكم الخبرة.
4- رأس مال الطبيعي : وهو مايوجد فوق الارض وتحتها. فوق الارض مثل الغطاء النباتي والمصادر الطبيعية
بمختلف أنواعها, تحت الارض؛ النفط والغاز والمعادن وما يوجد داخل البحار.........لخ
5- رأس مال الملكية الفكرية: ويعود لاصحاب الفكر، الاختراع أو التأليف في مجال معين.
ومن سمات (رأس المال الاجتماعي )حدوث اتصال ، تواصل وتفاعل اجتماعي في ضوء الاختيار الحر والقبول
الاجتماعي ضمن معايير متفق عليها مسبقا تعزز الاستمرارية بلقاءات دورية في اطار من الاحترام ، الود وتبادل
الثقةlوالفهم والتعاون. هذا يؤدي الى توسع شبكة العلاقات الاجتماعية الايجابية كلما صادفت افراد جدد داخل المجتمع ، وينجم عنها امتيازات ومنافع فيما بينهم وبالتالي يؤدي الى زيادة (رأس مال الاجتماعي) الذي يسهل عمليات التفاعلالاقتصادي والسياسي ، وتعزز بنية العلاقات لمواجهة المشاكل المجتمعية. ومن سماته رغم أهميته البالغة في التنميةالاقتصادية انه بعكس رأس مال البشري ورأس مال المالي لانه لايرى بل يلتمس خلال العلاقات
بين الشبكاتيالاجتماعية مبنى على الحقوق والواجبات والالتزامات والتوقعات فمثلا تراجع احد مقوماته كالثقة يثير القلق ليس بسبب آثاره على التماسك الاجتماعي فقط بل لآثاره الاقتصادية (صندوق النقد الدولي، 2.17).
من مساوئه استبعاد وتهميش في حالة الإخفاق في مد شبكة العلاقات وراء الحدود تتجاوز القيود والحواجز الثقافية
التي تحرص عليها الكثير من الجماعات والمجتمعات كرموز لهويتها المستقلة والمتميزة والتي تشكل عقبة في
تحديد مسارات المستقبل. قد لايتحقق التقدم في مجال التنمية الاجتماعية لارتباط النمو الاقتصادي بزيادة الفقر في
كثير من مجتمعات العالم الثالث وبشكل خاص لاتساع الفوارق بين شرائح المجتمع واختفاء البعد الانساني من
السياسة الاقتصادية والمالية ومن سلبياته غموض مفهومه رغم كل ماكتب حول هذا المفهوم فلم يفلح العلماء
والباحثون في التوصل الى تعريف يمكن الركون اليه بشكل دقيق وتحديد عناصره مما يشير الى غموضه من ناحيةومجاله الواسع من ناحية اخرى كونه غير ملموس وغير شاهد للعيان ولا يمكن فهمه الا في ضوء السياق
الاجتماعي آراء حول الموضوع
للبنك الدولي نظرة واضحة وبسيطة ويرى انه المعايير والشبكات التي تساعد على الفعل الاجتماعي الذي يتضمن النظم والعلاقات والاعراف. التي تشكل نوعية وحجم التفاعلات الاجتماعية، وثمة أدلة متزايدة تبين أن رأس المال الاجتماعي له أهمية بالغة في نجاح اقتصاد المجتمعات والتنمية المستدامة عن طريق بناء قدرة الافراد في المجتمع على المشاركة في العمل لمواجهة متطلباتهم واحتياجاتهم المشتركة ، في ضوء المصداقية والشفافية اي المفهوم العام يشمل المعايير وشبكة العلاقات التي ينجح الفرد في اقامتها مع الاخرين وملامح التنظيم الاجتماعي والقيم وكل مامن شأنه تنظيم تسهيل والتنسيق لاجل المصلحة المشتركة والارتقاء برأس المال المادي ،والبشري ،والفيزيقي (أي الاستثمار في الراس مال البشري ) على حد سواء.
أهم المقومات
1-فهم الاخر وادراك الذات ان اكتساب المعرفة وتوسيع نطاق الفكر عن طريق التعليم وسهولة الحصول على المعلومات واستخدامها والتمكن
من الارتباط بالمنظمات المختلفة والعمل على توسيع وتنوع شبكة العلاقات التي تتيح للفرد الفرص امام المشاركة في العديد من الاهتمامات والانشطة التي تساعد بدورها على فهم الاخر وتقدير ثقافتهم واحترام أساليب حياتهم. وهذا يؤدي الى شعور الفرد بكيانه ومقوماته الشخصية إزاء الاخرين وانتماءه الى مجتمع معين له فيه حقوق و واجبات.
2-التعليم أساس التنمية
ربما كان التعليم هو الوسيلة الناجعة لارساء قواعد وأسس رأس المال الاجتماعي وتنميته وان كان يحتاج الى بذل جهود كثيرة لتحقيق التطوير المطلوب سواء عن طريق دراسة النظم التعليمية في الدول الاخرى واقتباس مايصلح منها, أو العمل على تشعيب التعليم وتنويع برامجه وتوجهاته. بحيث يغطي مجالات نظرية عملية، فنية و مهنية
متعددة ذات صلة قوية بالواقع اليومي مع الاخذ بنظر الاعتبار متطلبات العصر واحتياجات المستقبل وهذه الامور تحتاج الى توفر كفاءات وقدرات وامكانات. قد يفتقر اليها أكثر دول العالم الثالث بسبب التخبط في وضع الخطط بقلة الخبرة، عدم الدراية، عشوائية التفكير وعدم وضوح الرؤية والهدف. على الرغم من أهمية التعليم في إتاحة الفرص أمام الافراد للالتحاق بالشبكات الاجتماعية، فان التعليم وحده لايكفي للقضاء على المعوقات التي تؤدي الى التهميش ومنع الاندماج في الكيان الاجتماعي ودعم التكامل الاجتماعي. لذا تنمية الرأس مال الاجتماعي يحتاج لتوسيع الشبكة الاجتماعية الافقية عن طريق توطيد الروابط والعلاقات وتنويعها مع الاقران المتكافئين مثل أعضاء العائلة والاصدقاء والزملاء وأعضاء الروابط الاجتماعية الثقافية التي لا تأبه للفوارق الطبقية.
3-تكامل رؤوس الاموال
ومن الواضح ان رأس المال الاجتماعي يتكامل ويكمل مع رأس المال الطبيعي المادي والبشري
ويزيد أهمية الرأس مال الاجتماعي انه على العكس من رؤوس الاموال الاخرى لاينضب ولايستنفذ بالاستعمال
ويتأثر سلبا بسوء الاستخدام و لا يخضع للقياس والتقدير.
لمحة تاريخية
أول ظهور لمفهوم الرأس مال الاجتماعي (Social Capital)
كان بواسطة Hanifan 1916 م، ويرجع جذوره الى الفلاسفة (جون ديري) الذي كان يؤمن بالتواصل بين الافراد والناس والمجتمع الذي يقوم على الاعتماد المتبادل والتأثير والتأثر بين الفرد والمجتمع ويرجع المفهوم الى القرن
التاسع عشر وتطور بعض الاكاديميون امثال(جيمسكولمان )، (بيير بورديو)lو (روبرت بوتنام) ، وكان مفهوم الراس مال الاجتماعي يظهر حينا ويختفي آخر, ولكن أعيد صياغته في خمسينيات القرن الماضي عن طريق جماعة علماء حضريين كنديين أمثال (سيام موسلر) 1956 و (لينكا كاكو ) في كتابها (الحياة والموت في المدن الامريكية) والمفهوم لم يحظى بذاك الاهتمام الا في أواخر السبعينياتlعن طريق المفكر الفرنسي الذي تحدث عن (رأس المال الثقافي)كمفهوم يتداخل مع (الرأس مال الاجتماعي ). جيمس كولمان ربط بين الاضرار الاجتماعية والتقدم الاقتصادي وفق نظرية تسمى (الاختيار الرشيد) مما شكل شغف لمعظم الباحثين والمفكرين وتوالت الاسهامات من قبل الاكاديميين في الهئيات الدولية مثل البنك الدولي والمراكز البحثية التي تحاول وضع خطة لادارة (الراس مال الاجتماعي)الذي يعد أحد أهم التحديات لمحاور التنمية الرأسية ومن الاستراتيجيات المهمة لمحاربة الفقر والتهميش لاصحاب الكفاءة والمهارة في مجتمعاتها.
أهميته:
وجد الباحثون في مجال الاقتصاد والإجتماع أن زيادة (رأس مال الاجتماعي ) يساهم في زيادة مباشرة في (الناتج
المحلي الاجمالي ).هذا الارتفاع في الناتج هو نتيجة الثقة ، التسامح ، قبول الغير ، تبادل الافكار ، راحة البال،
التواصل و الاطمئنان.
زيادة مستوى الرفاهية بين الناس
إرتفاع العمر لدى الانسان كون الانسان يعيش في بيئة تقل فيها الصراع،
النزاعات و الحروب، أكثر المؤثرات السلبية التي تضر بصحة الانسان وعلى مستقبل الاجيال.
أهم الدول الرائدة في ارتفاع مستوى (الرأس مال الاجتماعي )في المراحل الثلاثة الاولى عالميا هي:
الدانمارك ، فنلندة ، النرويج ومن الدول الاسلامية اندنوسيا.
اصل الموضوع
دعوة صدرت عن عالم الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل تيودور شولتز (Theodor Shultz)
في اقتصاديات القرن الحادي والعشرين تكون المعرفة هي (الرأس مال الاجتماعي ) لطالما أعطى المفكرون و المشتغلون بالعلوم الاجتماعية في الدول المتقدمة بحوثهم مفاهيم عن اصلاح سياسة التنمية وأفكار ومبادرات اجتماعية مقارنة بدول العالم الثالث. التي فقدت للاسف القدرة على مواكبة الاحداث والتغيرات الهائلة التي تحدث خلال العام الواحد، ولم تفلح في تجاوز الجوانب السلبية لتراثها التقليدي الذي يحول دون تقدمها وتطورها ،ويزدادالسوء والتخلف في عصر العولمة حيث لم يعد الاصلاح والهندسة الاجتماعية في يد الدولة كما في السنين التي مضت ومن المهم الاهتمام (براس المال الاجتماعي) في الشعوب والمجتمعات والوعي بأهمية وفعالية الدور الذي يمكن أن يقوم به في رسم وتنفيذ سياسات التقدم و التخطيط المستقبلي.
المصادر
-توظيف الراس المال الاجتماعي / د. أحمد أبوزيد
-حمود النحيت ham.644 /رأس المال الاجتماعي /بحث
-الجلسة الحوارية : رأس المال الاجتماعي في الاردن وأثره على ألنمو والتنمية
صندوق النقد الدولي 2.17
-محمود عبدالرحمن، (2.21).رأس المال الاجتماعي[1]