بمناسبة مرور مئة وستة ٍوعشرين عاما ًعلى صدور أول صحيفة كوردية(كردستان)
((جكرخوين الثورة……))
يعتبر الشاعر الكوردي الكبير جكرخوين أحد أولئك الكبار من الكورد الذين سخروا حياتهم في خدمة شعبهم وتقدمه، والذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل سعادة شعبه ورفاهيته، من خلال قول كلمة الحق والدفاع عنه.
فهو وبحق يعتبر قامة شعرية رائدة ليس بين شعراء الكورد في سورية فحسب؛ بل في كافة أجزاء كوردستان؛ وظل شاعراً متمرداً لا يستكين ولا يخنع ولا يعرف اليأس إلى تفكيره سبيلاً؛ ولا يستسلم؛ ويرى الشمس من خلف كتل الضباب والغيوم؛ مفعمة بالأمل.
وللحديث عن حياة عظيم وكبير ك (جكرخوين) والتعرف بحياته ومحاولة إلقاء الضوء على مسيرته النضالية الثرَّة والذي أصبح وبنضاله وكفاحه المتواصل وصوت كوردستان الجريحة؛ وعاشق الحرية لهي محاولة صعبة أن تختصر في مقالة كهذه……
فقد سطع نجمه في كافة أجزاء كوردستان وفي جميع الأوساط الديمقراطية والتقدمية في العالم كشاعر وأديب مقتدر وسياسي محنك من الطراز الأول؛ فلم يكن شاعراً فقط؛ بل كان لغويا ًوكاتباً للتاريخ الكوردي ومناضلاً سياسياً يشهد له مواقفه الحازمة تجاه القضايا السياسية والمشاكل الاجتماعية في وطنه كوردستان.
وعاصر في حياته الكثير من الانتفاضات والثورات الكوردية التي قام بها الشعب الكوردي لنيل حقوقه القومية وتحقيق استقلاله وكان له في ذلك العديد من المواقف الإيجابية منها والنقدية.
وقام بالعديد من النشاطات السياسية فأسس مع مجموعة من رفاقه (جمعية الشباب الكوردي) محاولا ًنشر أفكاره ومعتقداته السياسية بين الشباب عن طريق هذه الجمعية وينورهم بحب الوطن وتربيتهم على النضال لتحقيق الحرية لشعبه الكوردي؛ فقد كان يعلمهم اللغة الكوردية؛ ويشعر بالبهجة والسرور عندما يقوم بهذه النشاطات السياسية لأنه كان ينعش آمال شعبه بهذه الخطوات الإيجابية والجريئة لكنها لم تدم طويلا ًفقد أغلقت السلطات الفرنسية تلك الجمعية.
إضافة إلى ذلك فقد وجه جكرخوين في قصائده ونضاله اليومي الكثير من الانتقادات السياسية إلى الرجعيين والمتدينين والأغنياء والأغوات من الشعب الكوردي؛ وكان يمتاز بمواقفه السياسية الجريئة، ففي عام 1948وعندما تسلم حسني الزعيم مقاليد السلطة في سورية بانقلاب عسكري اعتقد جكرخوين أن الزعيم عاقد عزمه على إنشاء دولة كوردية لكنه غير فيما بعد نظرته من الزعيم والضباط الكورد ويقول عنهم:
(أنهم لم يعترفوا بهويتهم الكردية؛ ويخافون من الكشف عن هويتهم الكردية…)
وكان جكرخوين يُحارب من جبهات ثلاث:
الرجعيين الكورد_الشيوعيون السوريون بشكل عام والكورد منهم بشكل خاص؛ والأجهزة الأمنية السورية.
لكن محاولاتهم باءت بالفشل واستمر جكرخوين وبثبات على نهجه في الدفاع عن حقوق الشعب الكردي وحقوقه المشروعة. وما إن تأسس أول تنظيم سياسي كوردي في سورية في #14-06-1957# بادر جكرخوين الانضمام إلى الحزب الوليد و بعد ذلك توجه وبقرار من الحزب إلى بغداد لتدريس اللغة الكردية في جامعة بغداد وبقي هناك حتى عام 1962 وعاد إلى سورية ليمارس نشاطه السياسي بكل تفان ٍوإخلاص؛ وانتُخب عضوا ًفي اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سورية عام 1967 حتى وفاته في 22-10-1984.
وحارب وبثبات وبعزيمة منقطعة النظير كافة أشكال التخلف والاضطهاد الذي كان يخيم على المجتمع الكردي ، وتحول إلى منارة ٍشامخة ٍتضيء للأجيال الناشئة دروب التحرر والانعتاق من الظلم والجَور الذي يكابده شعبه الكردي ؛ وتحدى وبعزيمة فولاذية (صلافة الحكام والطبقات الرجعية في المجتمع )التي لم توفر جهداً في محاربة أفكاره التقدمية دون جدوى ؛ فتعرض خلال مسيرته النضالية الشاقة إلى كافة صنوف العذاب من ملاحقة وسجن وتعذيب ونفي وحرمان وجوع وإنكار .
لكن كل ذلك لم ينل من عزيمته الوقادة؛ بل زاده عزيمة وكبرياء وعطاء.
وبحق يعتبر جكرخوين مدرسة خاصة قلدها الكثير من الشعراء والأدباء الكور ؛ وبارعاً في تجسيد الحياة الكوردية ومعاناة شعبه ، وملتزما بقضايا أمته ؛ وكان مصرا ًعلى كتابة أشعاره بلغته الأم(الكوردية ) فيقول:
(إذا كتبت بلغة الآخرين ستضمحل لغتي؛ أما إذا كتبت بلغتي الكوردية فإن الآخرين سيحاولون قراءة وكتابة لغتي … )
كنت عظيما وستبقى عظيما ….[1]