المذاهب بين الكورد الفيليين
#احمد الحمد المندلاوي#
الحوار المتمدن-العدد: 7816 - #05-12-2023# - 01:51
المحور: المجتمع المدني
وصلني من الاستاذ عبد الواحد :
ينتمي اكثر من 75% من الكورد الفيليين الى المذهب الشيعي ونسبة 17% إلى المذهب السني ونسبة 5% إلى مذاهب أهل الحق و العلي الهية ويطلق عليهم ايضا اسم الكاكائية او اليارسانية،والنسبة المتبقية تشمل الأديان الزرادشتية والايزيدية واليهودية و المسيحية (الكلدان) .
المشكلة الفيلية في العراق
عند تأسيس المملكة العراقية في عام 1921 وبموجب اتفاقية تخطيط الحدود العراقية - الايرانية تم الحاق مناطق واسعة من الاراضي الكوردية الفيلية بالوطن العربي الى جانب بقية الارض الكوردية التي تتشكل منها ولاية الموصل ، والمتتبعون لتاريخ العلاقات بين الامبراطوريتين الإيرانية والعثمانية ،ثم بينها وبين الدولة العراقية بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية يعلمون جيدا بان المناطق الحدودية سواء التي كانت تابعة لولاية الموصل أو التي كانت امتدادا لها وحتى الجنوب العراقي كمناطق شمال شرق حلبجة وشلير ومناطق زهاب ( من توابع خانقين) ومندلي وبدرة وجصان وزرباطية وغيرها من المناطق المتاخمة لمنطقة ايلام كانت دوما موضع نزاع واختلاف بين الدولتين الجارتين...
وكانت الاتفاقيات الحدودية المعقودة بين طرفي النزاع منذ عام 1555م وحتى يومنا هذا وبعضها تحدد بالإسم هذه المناطق وهذا خير دليل على صحة ما نقول. ولما كانت هذه المناطق وغيرها من كوردستان العراقية مسكونة من أقدم العصور من قبل العشائر الكوردية والكوردية الفيلية .
ولهذا عندما تم تثبيت الحدود العراقية بعد تأسيس الكيان الجديد او الحكم الوطني كان طبيعيا أن تنقسم العشائر المذكورة ، تبعا لمناطق سكناها في حين بقيت عشائر بأكملها ضمن الدولة الإيرانية وانقسمت عشائر أخرى إلى قسمين.. قسم بقي في إطار إيران والقسم الآخر صار تابعا إلى المملكة العراقية الجديدة ... ومن هذه العشائر نذكر على سبيل المثال أهمها : المنگور والمامش والجاف والهورامانيون في شمال كوردستان العراق إلى جانب الكلهور والأركوازي والبولي والزرگوش والملخطاوي والكوردلية و غيرهم في جنوبها ...ولما كانت هذه العشائر هي وحدات متماسكة ومترابطة من حيث النسب فلم يكن مستغربا أن نرى الاخوة وأبناء العمومة منقسمين في تبعيتهم بين الدولتين تماما كما حدث بالنسبة للعشائر العربية مثل شمر و غيرها من العشائر العربية المتوزعة بين سورية و العراق .
وزيادة في التوضيح نورد ما يلي ترجمة نصية لإحدى الاتفاقيات الحدودية المبرمة بين السلطان العثماني مراد الرابع والشاه الإيراني طهماسب الأول عام 1629م:
( وقررنا أن الأماكن الواقعة في المناطق الفاصلة بين بغداد وأذربيجان الموسومة منها جصان وبدرة تكونان تابعتين لنا وقصبة (مندلي ) وصولا إلى ( درتنك ) ، وقد اتفق أن يكون المكان المسمى سرميل حدودا لدرتنك ، بما فيها السهول الواقعة فيما بينها اعتبرت تابعا لنا ، أما الجبل المتاخم لهذه المنطقة يكون تابعا للطرف الآخر .. ( سرميل ) التي ذكرناها حدودا لدرتنك بالإضافة إلى ( درنة ) تكونان أيضا متعلقتان بنا والقبائل المعروفة ب ( ضياء الدين ) و ( هاروني ) من عشيرة الجاف تكونان حصة لصاحب الجلالة الباب العالي ( بيره) و
(زردولي ) تبقيان ضمن سيادة الطرف المقابل ... قلعة الزنجيرة التي تقع إلى الجانب الغربي من القلعة المهدية تعود لنا ،أما القرى الواقعة في الجانب الشرقي فتكون تابعة للطرف الثاني ... جميع النقاط القريبة من مدينة ( زور كوهي ) الواقعة في الطرف الأخر لقلعة ( زلم ) والمطلة على القلعة المذكورة فقد استملكت من قبل سلطاننا أما قلعة ( هورمان ) مع كل القرى التابعة لها فتكون من ممتلكات الطرف المقابل.. ( كدوك جغان ) عين حدودا لشهرزور (قزلجة )و توابعها واستملكت من قبل سلطاننا ، مهربان ( مريوان الحالية ) وتوابعها تخص الطرف المقابل .
المصدر/ (عن كتاب الاكراد ، الاتراك ، العرب - لمؤلفه ادمونز )
تعقيب/من اللهجة الآمرة في كتابة الاتفاقية المذكورة يتبين مدى تحكم السلطان العثماني بصياغة الاتفاقية التي كانت نتيجة انتصاره في الحرب على الطرف المقابل .. وهكذا نرى انه كلما كانت القوة العسكرية لإحدى الدولتين تتنامى ، كانت الدولة الأقوى تسعى لفرض امتيازات حدودية على حساب الطرف الأخر وفي حين ترى السلطان يتحكم بتعيين حدود الدولتين في ذلك العام نشاهد الامير علي ميرزا ( ابن فتح علي شاه ) وبدون اعلان الحرب يقدم على احتلال القسم الغربي من منطقة زهاب ويجعل نهر سيروان الحدود الفاصلة بين الدولتين كما قامت القوات الايرانية في عام 1840 باحتلال السليمانية وقبلها أي في عام 1837م، كان باشا بغداد قد احرق مدينة خرمشهر واقام مذبحة لسكانها وهكذا كانت الاتفاقيات تجدد سراعا بين الدولتين كتبديل المرء بدلته بين الحين والاخر ومن الاتفاقية التي فرضها السلطان سليم العثماني على الشاه طهماسب في عام 1555م، كانت النزاعات الحدودية تترائ على الوتيرة المذكورة ، والاتفاقيات تتغير تبعا لنتيجة كل نزاع ، فكانت اتفاقيات ( 1639 في زهاب ) و( 1727 في همدان ) و( 1726 في قسطنطينية ) وفي عام ( 1746 في مغان ) و( 1823 في ارضروم ) كما استمرت اخر المفاوضات الحدودية منذ عام 1849 وحتى انهيار الامبراطورية العثمانية دون التوصل الى ابرام اي اتفاق ، ثم استؤنفت بين الحكومتين الايرانية والعراقية دون التوصل الى نتيجة حتى ابرام اتفاقية الجزائر عام 1975 على حساب ضرب الثورة الكوردية.
وبهذه الصورة كانت الوقائع مشوبة بالقلق المصيري وعدم الاستقرار حتى نشوب حرب الثمان سنوات التي فرضها الحكم الصدامي المقبورعلى ايران 1980 – 1988 ولما كانت هذه هي الاوضاع للشريط الحدودي بين الدولتين منذ اكثر من أربعمائة عام ولصعوبة تبديل الجنسية كلما حدث تغيير في رسم الحدود لكون اكثرية سكان المناطق الفيلية كانت تتكون من الشيعة ، ولهذا فان سكان هذه المناطق بقيت متحفظة وحتى صدور اول قانون للجنسية في العراق عام 1927م بالجنسية الايرانية التي كانت بالإضافة الى الدوافع المذكورة تضمنت لحامليها عدم شمول أبنائهم بالخدمة العسكرية الاجبارية للحكومة العثمانية وخليفتها ( العراقية ) خاصة وان الحكومة العراقية آنذاك لم تكن تتشدد بهذا الشأن .
هذا فيما يتعلق بأمور واوضاع السكنة الأصليين للمناطق الكوردية الفيلية التي صارت جزءاً من الاراضي التي سميت بالوطن العراقي .
لهذا كانت العشائر الساكنة على طرفي الحدود تتمتع بحرية واسعة للتزاور والتردد على بعضها أو تغيير أماكن سكناها .
وقد شارك أبناء هذه الشريحة إلى جانب بقية العراقيين بنشاط وإخلاص في كل من المناحي على صعيد الحياة العراقية من اقتصادية وسياسية واجتماعية وكانت لرجالاتهم مواقف مشرفة على الصعيد السياسي وبرز من بينهم أدباء وشعراء و رياضيون وتجار كبار في كل الحركات والانتفاضات الشعبية في العراق منذ ثورة العشرين وحتى اليوم بالإضافة لمشاركتهم في الحركات والثورات الكوردية ونتيجة لهذه الأوضاع التاريخية والسياسية التي مر ذكرها سابقا ... فقد ارتبطت مشكلة الكورد الفيليين في العراق بقضيتين معقدتين أخريين هما :-
1- العلاقات العراقية الإيرانية .
2- موقف السلطة من الحركة القومية الكوردية .
وتبعا لذلك كانت الحكومة العراقية ، وخاصة الحكم العفلقي المقبور كلما ساءت علاقاتها مع إيران وتأزمت القضية الكوردية ... كانت تلجا إلى تهجير الكورد الفيليين إلى إيران في ظل إجراءات تعسفية ظالمة ففي عام 1971 م وضمن خطة جائرة لترقيق الوجود الكوردي والشيعي في العراق وتعريب المناطق الكوردية فقد تم تهجير حوالي ( 70,000) سبعين آلف مواطن منهم ... وفي عام 1980م وخلال التمهيدات التي جرت لإشعال نار الحرب ضد إيران لجأ النظام وخلال مدة قصيرة جدا إلى تهجير اكثر من ( 120,000) مائة وعشرون آلف منهم خلال فترة قصيرة ودون التقيد حتى بقوانين الجنسية السارية في العراق والجدير بالذكر إن عمليات التهجير هذه كانت مصحوبة دوما بإجراءات لا إنسانية تنم عن حقد وشوفينية النظام الصدامي الجائر البائد التي طالت قرابة
(ستمائة ألف فرد فيلي من عام 1980 الى 1990 )... وذلك بمصادرة كافة الأموال والممتلكات المنقولة وغيرالمنقولة للمهجرين وتجريدهم من الوثائق والمستمسكات التي تثبت عراقيتهم وملكيتهم للأموال المصادرة والمراحل الدراسية التي وصل اليها أبنائهم هذا إضافة إلى احتجاز(23000 شاب كوردي فيلي ) من أبنائهم دون أن يقترفوا ذنبا يستوجب ذلك والذين لا يزال مصيرهم مجهولا .
ولم تقتصر معاناة الكورد الفيليين على ما اقترفه النظام العفلقي بحقهم ، وانما كانوا يعانون الى جانب ذلك من مواقف الأحزاب العراقية الإسلامية والوطنية من تجاهل مشكلتهم وما يتعرضون له من ظلم وجور... حيث تراوحت هذه المواقف مع تجاهل المشكلة كليا وطرح حلول مبتورة لها ... كالمطالبة بعودة المهجرين مثلا مع تجاهل خصوصية وضع المهجرين من الكورد الفيليين .... ودون التفكير في الوضع القانوني للعائدين وأبنائهم والضمانات التي يمكن توفرها للحيلولة دون تكرار عمليات التهجير ضدهم في المستقبل ورغم عمق المأساة ووجود أعداد كبيرة من الكورد الفيليين في صفوف هذه الأحزاب فان قياداتها للآسف لم تكلف نفسها مجرد إعادة النظر في موقفها وأجراء دراسة ولو عاجلة لطبيعة وتاريخ وظهور وتبلور مشكلتهم واكثر من هذا فأنها خلال وبعد تنفيذ عمليات التهجير المتلاحقة لم تتحرك حتى لطرح المشكلة أمام الهيئات والمنظمات الدولية لكسب مناصرتها للمهجرين وتقديم العون اللازم لهم .
ملاحظة : الكورد ليسوا آريين وانما هم السكان الاصليون لسلسلة جبال زاگروس لذا فهم زاگروسيون وقد اختلط بهم الميديون الآريون في هجرتين ( الالف الثالث والالف الاول قبل الميلاد) و ذابوا في الجنس الزاگروسي ليكونوا بذلك الكورد الحاليين بمختلف اصانفهم.
[1]