أمثال كردية من مندلي/قسم 3
#احمد الحمد المندلاوي#
الحوار المتمدن-العدد: 4259 - #29-10-2013# - 10:30
المحور: القضية الكردية
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
** بعد أن ذكرنا في القسمين الأول و الثاني عدداً من الأمثال و الحكم الكردية التي يتداولها أهالي مندلي ؛نستمر بعرض لآلئ أخرى من تلك الدرر..وهذه باقة جديدة من تلك الأمثال:
8- (وه سه رم بويه سه ر تاش )
وقيل في مكان آخر: (وه سه رم يه تيم بويه سه سه ر تاش ) و يعني أصبحَ حلّاقاً برأسي و في الثاني أصبحَ حلّاقاً برأس اليتيم،و المثل يبين لنا حالة إجتماعية سيئة لدى بعض الناس،باتخاذ الضعفاء ميداناً لتجاربهم ؛أي عدم مهارة الشخص الذي يقوم بعمل ما،بل يحاول أن يتعلم مهنة من هنا و هناك ولو مجاناً ،لذا يقدّم خدماته للغادي والرائح،سيما الناس البسطاء والفقراء والأيتام و بإلحاح بغية إتقان المهنة التي يرغب ممارستها،ويقول البغداديون :يتعلم الحْجامة بروس اليتامى1،وهكذا يضرب هذا المثل لمن يجعل الضعيف ميداناً لتجربته ،ويقول أهل السودان في هذا المضمار:يتعلم الحْجامة في قفا اليتامى، و يطابقه المثل الانكليزي:2 تعلم الحلاقة على رأس المجنون .وأخيراً يدعو مثلنا الكوردي الى عدم استغلال الضعفاء والبسطاء لنيل مآرب شخصية وأن يصيبُهم الضرر.
*****
9- (كه م به و كه م بجوو ، تا قه د رد نه جوو)
ويعني:قلّلِ الزيارةَ لتَحْظَ بالإحترامِ،والمثل من أمثالنا الشعبية الخفيفة و الموزونة ،يدعو الى الإقلالِ من الزيارات المكوكية،بل الموازنة في ذلك حفاظاً على الوقت،ومراعاةِ للآخرين، والزيارة عمارة القلوب و تزيد المودة و لكن ضمن حدودها، فالمثل الكوردي يؤكد على جانب الإعتدال فِي هذه العادة الإنسانية الطيبة، وقد جاء في الحديث الشريف:3 زرْ غباً تزددْ حبّاً ذكره الأصمعي فقال:قال أبو عبيدة:من أمثالهم في اللقاء،قوله في الحديث:زرْ غباً تزددْ حبّاً فقد عُلم في هذا أنّه إنّما أراد الإبطاء في الزيارة،ولم يُرَد يوماً و يوماً لا4، وقال الامام عليع :إغباب الزيارة أمان من الملالة 5، ومن وصية الإمام عليع لإبنه الحسينع :كثرة الزيارة تورث الملالة . 6
وأحسن ما قيل في إقلال الزيارة شعراً 7:
عليك بإقلال الزيارة إنّها اذا كثرت كانت الى الهجرِ مسلكا
فإنّي رأيتُ القطرَ يُسأم دائماً و يُسأل بالأيدي اذا هو أمسكا
*****
10- (مار كه زياك رخي وه حه بل جووك)
ويعني:مَن لدغَتْه الحيّةُ يخشى مِن الحبلِ،و يُضرب في شخص شديد الاحتياط والحذر من الأمور،لما لاقاه من الأذى سابقاً، ويعادله من أمثال العرب:من نهشتْهُ الحيّةُ حَذِرَ الرَّسَنَ الأبلقَ،8ويطابقه المثل الفارسي: مار كزيده أز ريسمان سياه وسفيد مي ترسه9، ويعني الملدوغُ من الحيّةِ يخافُ من الحبلِ الأبلقِ10،وأما المثل التركي الآذري فيقول بنفس المعنى:إيلان ويران آلا جقدان قورخار11، وفي العامية العراقية: ( الْتلدْغَه الحيّةْ ايخافْ من جرتِ الحبلْ) .
وقال المؤلف في هذا الباب:
أيُّها المعضوضُ ثعباناً من الحبلِ تَخافْ
إنَّما الحبلُ مِن الليفِ وذا سمٌّ زُعافْ
*****
11- (جوور عه قره و جزي كاركه ي)
ويعني مثلُ العقربِ،كثيرُ اللّدغ ِوفي العربية :دبَّتْ منه عقاربُ السعايةِ يضرب هذا المثل في الشخص المنافق الذي همه دائماً إيقاع المشاكل بين الناس و إيذائهم ، لأنَّ العقرب تلدغ كل شيئ تصادفه من إنسان وحيوان وغيرهما،بعكس الحيّة إنّها لا تلدغ إلا إنساناً أو حيواناً.
ولذا العقرب وان كانت حشرة ضارة إلا أنَّها لا تعتبر من أعداء البشر.ولدغها للإنسان يأتي من باب العادة والدفاع عن النفس ،كما استنبطها أجدادنا من مراقبة هذه الحشرة المضرة ،ولذا يقال عن الإنسان السيء الخلق إنّه كالعقرب عه قره ويكه من الخبث والغدر،والعقارب:(العقرب)الشدائد أي(النمانم) ويقال في الأمثال العربية:دبَّتْ عقاربُهُ ودبَّت منه عقارب السعاية أي انّه يقترض أعراض الناس 12،وتسكن العقارب دائماً الأماكن الخربة والآن بفضل المكافحة المستمرة تكاد أنْ تنقرض.
و لذا أمسى العقربُ مسرحاً لخيال الشعراء في فنهم الشعري، قال أحدهم في وصف أحد البخلاء13:
اللؤمُ منك على الطعام طِباعُ فعيالُ بيتكَ ما حَييتَ جياعُ
واذا يمرُّ ببابِ بيتكَ سائلٌ ﮪرَّت عليه نوائحٌ و سباعُ
وعلى رغيفكَ حيّةٌ مسمومةٌ وعلى خُوانِكَ عقربٌ و شجاعُ
وقال الشاعر أحمد الصافي النجفي في وصف عقرب 14:
يا عقرباً جاءت لتلدغني والطبع منها بالأذى حاكمْ
أوجعتني باللدغ بادئةً حتى قتلتكِ قتلة الناقمْ
اللّدغُ طبعُ قد خُلقت له أفتطمعينَ برحمة الراحمْ
لا أنتِ لا أنا ظالمانِ إذنْ الله أعلمُ منْ هو الظالمْ
وقد تقتل العقربُ الحيّةَ ،كما قال الشاعر:
لا تحقرَن كيدَ الضعيفِ فربما تموتُ الأفاعي من سمومِ العقاربِ
وهناك مثل كوردي لطيف حول العقرب إذ يقول15: قيل للعقرب لمِ لم نجدك خلال الشتاء ؟ فقال:واضح كم كنت محبوباً لديكم في الصيف،وهناك مثل لبناني إذ يقول16:(الحَما حِمَّي ،وبنت الحَما عقربة مَسِمَّة ،و عمنا الختيار ما يدخل الجنة).
ومن أقوال الامام علي(ع)17:(عَداوةُ الأقاربِ أمرُّ من لَسْعِ العقاربِ ) .
ومن روائع حكمه (ع) في الجمع بين المرأة والعقرب قوله :(المرأةُ عقربٌ حلوةُ اللَّسبَةِ)18،واللَّسبة:اللسعة،وأما الشيخ محمد عبدة فيقرأه:(المرأةُ عقربٌ حلوةُ اللِّبَسةِ)، بدل اللّسبَة،ويقول في ذلك:واللِّبسة بالكسر حالة من حالات اللُّبس يقال لبست فلانة أي عاشرتها زمناً طويلاً و العقرب لا تحل لبستها أما المرأة فهي في الإيذاء و لكنها حلوة اللبسة19.
وقيل أيضاً في الأمثال العربية:20العقرب تلدَغ و تَصيءُ،أي يضرب و يبكي.والمهم في الإتيان بمثلنا المذكور ترك عادة الغيبة والنفاق ونهش أعراض الآخرين،وإظهار معايبهم في الخلوة، فهذه العادة من مساوىء الاخلاق بل أذمّها.
للموضوع صلة..
احمد الحمد المندلاوي
*****
الهوامش
1- دراسات في المثل العربي المقارن - عبد الرحمن التكريتي
2- مصابيح التجربة – منير البعلبكي
3- كنز العمال – العلامة المتقي الهندي
4- كتاب الأمثال – للاصمعي
5- غرر الحكم – للامام علي (ع)
6- ميزان الحكمة- المحمدي الريشهري
7- اللآليءُ والدرر – للعلامة الثعالبي
8- مجمع الأمثال - الميداني
9- حكم و أمثال – علي أكبر أبي القاسم الحسيني
10- زبان عربي بيآموزيد – سيد مصطفى طباطبائي
11- حكم و أمثال – علي أكبر أبي القاسم الحسيني
12- المنجد الأبجدي – دار الشرق
13 - نوادر البخلاء و الطفيليين – إعداد: نديم كامل
14- أشعة ملونة- ديوان أحمد الصافي النجفي
15- الحكمة الكوردية – الدكتور بدرخان السندي
16 - الامثال الشعبية اللبنانية تأليف :الدكتور اميل بديع يعقوب
17- نهج البلاغة - الإمام علي (ع)
18-الأمثال في نهج البلاغة – محمد الغروي
19- نهج البلاغة للامام علي (ع) – شرح الشيخ محمد عبدة
20- كتاب الأمثال – للأصمعي
[1]