أعياد بيلندا (الباتزمية) في الديانة الايزيدية
#قاسم مرزا الجندي#
(Qasim Algindy)
الحوار المتمدن-العدد: 7483 - #05-01-2023# - 21:45
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بيلندة هي عيد ميلاد الشمس وهو الملاك(خودان) ( شمش)(شيشم) (مُهرا شيشم)هو ميلاد ميترا ملاك الشمس, ويقع في يوم (22-25/12) كانون الاول, وربما البعض يقولون في هذا العيد ولد الشيخ آدي الهكاري أو ظهر كرامته فيها, ولا أظن إنها تعني عيد ميلاده, و ربما لقدسية بيلندة لدى الايزيدية ارخوا ميلاد الشيخ ادي فيها، لان عيد بيلندا كان يحيونها الايزيدية قبل مجئ الشيخ الجليل بآلاف السنين.
وهناك نوعان من البيلندا لدى الايزدية هما :
1 بيلندا بيرا : يقع تاريخها قبل بيلندا الايزدية (العام) بأسبوع واحد فقط, وهو عيد خاص تقوم بإحيائه عوائل من طبقة البيارة, وهي تشير الى ملاك او خودان (بيرافات) التي لها علاقة بالإمطار والبرد والفيضانات والبرق والرعد، ففي بيلندة بيرا تقوم قسم من العوائل بأعداد طعام خاص يسمى( كةشكا بيري)وتزيعها على البيوت في القرية او المحلة, وطعام الكةشك هي عبارة عن حبية قمح مخلوطة بالبن المجفف المسمى(كةشك)هي عبارة عن اقراص من اللبن المجفف يعمل في موسم توفر اللبن قبل بداية الصيف, ويطبخ الحبية مع اقراص الكشك ويصبح على شكل حساء, يقدم هذا الطعام من قبل العوائل في صباح يوم عيد بيلندة بيرا وتوزيعها على عدد من البيوت.
2 بيلندا الايزيدية (العام): يقع في (21 25) من كانون الأول حسب التقويم الشمسي(الشرقي) ويصادف هذه السنة في(6) كانون الثاني حسب التقويم الميلادي، أي بفارق (13) يوما بين التقويمين الشمسي والميلادي. قد يتأخر او يتقدم بأسبوع او اكثر عن موعدها, بسبب الاختلاف بين التقويمين الشمسي الايزيدي والميلادي, وارتباط يوم عيد بيلندا بيوم الجمعة وهو عيد ميلاد متيرا(مهرا شيشم) ملاك (خودان), وربما البعض يقولون في هذا العيد ظهر كرامة الشيخ آدي الهكاري, وهي اشارة الى قدسية بيلندا لدى الايزيدية.
يحتفل الايزديين بعيد بيلندة في يوم (22 25 / 12) كانون الاول حسب التقويم الشمسي(الشرقي), والتي يصادف(3 6) من شهر يناير حسب التويم الميلادي, وهو عيد ملاك (خودان), الشمس او ميلاد متيرا(مهرا شيشيم), التي تعني التجدد حيث تتحول الشمس وتبدأ بالصعود والارتفاع لتنعش الحياة على سطح كوكب الارض بنورها وحرارتها.
تقام في عيد بيلندا عدة مراسيم وطقوس منها :
1 في يوم الثلاثاء تقوم النساء باعداد خبز(الصوك)ويتم توزيعها في بيوت الجيران والأهل والأقرباء دلالة على المحبة وعمل الخير وزيادة الاختلاط فيما بينهم, وتقوم العائلة الايزدية بعمل خبز خاص تسمى (الخوليرة) وهو قرص خبز كبير نوعا ما وحسب عدد افراد الأسرة, وكلما زاد افراد الاسرة كان قرص خبز الخوليرة أكبر لمعرفة من هو صاحب الحظ السعيد بين افراد الاسرة للسنة الجديدة.
2 تقوم النساء بزيارة مقابر الموتى في يومي الاربعاء والخميس ومعهن الطعام والحلويات ويأكلن القليل منها ويوزعن الباقي على الفقراء والمحتاجين, في طريق الخير لأجل ارواح موتاهن اضافة الى زيارة الاقارب والأحبة وأهل القرية.
3 في عصر يوم الخميس في عرفات العيد يتم الاحتفال بطقوس خاصة ل (كوركا كا) وهي كلمة مركبة تعني النار والثور, باعتبار( النار) هو رمز الشمس و(كا) رمز الارض والخصوبة , في الولادة الجديدة التي ترمز الى مُهرا(ميترا) ملاك (خودان)الشمس.
واشعال نيران كوركا كاي (gorka gay) امام البيوت و تقوم افراد العائلة بالقفز ثلاث مرات فوق النار دلالة الى الشمس وحركتها وتغيرها, وبدء صفحة جديدة من الحياة, وكان في السابق يتم تمرير الثيران والحيوانات المستخدمة في الحراثة فوق نار الكوركا كا دلالة على قرب نهاية موسم الزراعة و تقوم النساء برمي الحلوى مع قليل حبوب القمح والشعير, للأطفال والشباب والحاضرين في طقوس الكوركا كا.
4 في ليلة العيد او في ليلة يوم العيد يقوم رب الاسرة بقطع وتقسيم قرص خبز الخوليرة الى قطع صغيرة وحسب عدد أفراد الاسرة بما فيهم النساء والاطفال ومن يجد في قطعته الزبيبة, فهو المحظوظ في العائلة للسنة الجديدة ويتم تكريمه من قبل العائلة وتبدأ بعدها الاحتفال بالمناسبة .
5 في صباح يوم عيد بيلندة يقوم الناس وعلى هيئة مجاميع بزيارة مقام الاولياء والمزارات في القرية, ومن بعدها يقومون بزيارة العوائل في البيوت وتتبادل التهاني فيما بينهم بمناسبة عيد بيلندة وقدوم العام الجديد, وبلوغ ظهور الشمس بعد ما كانت في صراع بين الظلام والنور وانتصار النور فيها على الظلام.
الباتزمية(بيلندة) في الايزيدية
ان عيد الباتزمي(الباتزمية) يظهر فيها فلسفة الدين الإيزيدي بشكل مفصل, نحو الخلق والخليقة من حيث المعاني التاريخية والدينية, وربما كان عيد الباتزمية في زمن ما يحيونها كل الإيزيديين, وليس لعشيرة الجيلكا فقط.
يقع هذا العيد في نفس تاريخ البيلندة بخلاف بسيط يتقدم او يتأخر بأسبوع او اكثر بقليل, يعود تاريخ هذا العيد الى تاريخ قديم حيث وجدت في الكتب السومرية (ألواح سومر) ورود كلمة (باسيسمي) والتي تعني الخلق والكون والتكوين, وهي تشابه كلمة الباتزمي (باسيمي)(باستمي) ويطلق لنفس المناسبة والعيد.
إن بعض العشائر الايزيدية ومنها عشيرة الجيلكا التي هي امتداد بعيد لعادات وتقاليد تمدد الى زمن الميتانيين والمترائيين.
الاستعداد لهذا العيد المبارك يبدأ بيوم الغسيل و تنظيف الجسد و تنظيف وترتيب البيت من أجل استقبال الضيوف, يقومون الاپيار بالتوجه نحو بيوت الجيلكان وإعطائهم عجينة تسمى خميرة العجينة ل ( پيرئ ئالي ) التي يصنعون منه خبز (الصوك) خلال سبعة ايام , أي طيلة فترة عيد الباتزمي.
في اليوم الثاني والثالث والرابع يصوم الجيلكان في ثلاثة ايام اكرامآ ل(پيري ئالي) وفي كل ليلة عند غروب الشمس يقومون الجيلكان بأشعال الفتائل, في يوم الخامس تبدأ المناسبة بشكل آخر و تذبح الذبائح, وفيها طقوس خاصة في قطع اللحم وإعداد الطعام والتوزيع, وفي اليوم السادس الشفبرات واليوم السابع الاخير هو العيد .
ان عيد الباتزمية يستمر ل (7) ايام وبعد ذلك يكون العيد بعدد الملائكة السبعة, وعدد تقسيمات الكون و قدسية الرقم 7 في الايزدية, وفيها يجب اشعال القناديل قبل غروب الشمس حتى ظهور نور الشمس في الصباح ليتصل النور بالنور, ويتم البدء بحياة جديدة للشمس الذي يرمز للخالق, وهي اشارة بدء وتجديد حياة جميع الكائنات, ويجب أن يكون مكان وضع القناديل بالجهة الغربية ونظيفا, وكما يؤدي الإيزيدي دعائه متوجها الى الشمس كما يجب اشعال الجرا(الفتائل) وهو متوجه نحو الشمس .
ويبدو ان جميع هذه الاعياد ترتبط بنفس الحدث الفلكي بين الشمس والارض, وجميعها تشترك في صفات متشابهة كعيد ايزي وشيشم وبيلندا وباتزمية وبداية اربعينية الشتاء .. انها أعياد متقاربة ومتشابهة مرتبطة بالاقتران الفلكي لظهارة الانقلاب الشتوي، والحركة التراجعية لكوكب الارض المدارية حول الشمس، ومن الوجهة الدينية والفلسفة الايزيدية هي إحياء مراسيم وطقوس قديمة تتعلق بالميثولوجيا الايزيدية، وهي ايضاً عبادة تقربٌ نحو الخالق.
[1]