أكراداً يكتبون عن الدور الكردي في الإبادة ( الآشورية - الأرمنية)
#سليمان يوسف يوسف#
الحوار المتمدن-العدد: 7961 - #28-04-2024# - 10:21
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
أكراداً يكتبون عن الدور الكردي في الإبادة ( الآشورية - الأرمنية) 1915
عام 1908 أطاحت حركة (الاتحاد والترقي) بالسلطان العثماني (عبد الحميد)، وهيمنت على الحكم في السلطنة العثمانية ( دولة الخلافة العثمانية الإسلامية) #24-04-1915# ، اتخذت (اللجنة المركزية لجمعية الاتحاد والترقي) قراراً يقضي ب إبادة الارمن وتصفية القضية الارمنية . لم يرد في قرار الابادة، ذكر باقي الشعوب والأقوام المسيحية الخاضعة لحكم السلطنة العثمانية. بيد أ، آغاوات وملالي الأكراد في ولايتي (ديار بكر/ آمد و ماردين) ومناطق أخرى، بالتعاون والتنسيق مع الولاة والسلطات العسكرية العثمانية المحلية، اعلنوها (حرباً اسلامية مقدسة – جهاداً إسلامياً) على جميع مسيحيي السلطنة ،لتشمل عمليات (التطهير العرقي والديني) الآشوريين المسيحيين(سريان- كلدان)، طمعاً بممتلكاتهم ونسائهم وبناتهم ولمحو وجودهم والسيطرة على مناطقهم . العثمانيون أرادوا التخلص من الوجود الأرمني ودفن القضية الأرمنية، شركائهم في الجريمة من الأكراد أرادوا التخلص من الوجود الآشوري ودفن القضية الآشورية. حقيقة ، لولا المشاركة الكردية الواسعة في عمليات الإبادة ما كان سيُقتل ويُذبح أكثر من نصف مليون آشوري(سرياني-كلداني) ويُهجر مثلهم، ولكان تعداد الآشوريين اليوم بالملايين في مناطقهم التاريخية في الأجزاء الغربية الشمالية من( بلاد آشور - ما بين النهرين) الخاضعة اليوم لسيطرة الأتراك العثمانيين. جراء عملية الإبادة والتطهير العرقي والديني للسكان الآشوريين(سرياناً كلداناُ) أصبحت هذه المناطق ذات غالبية كردية مسلمة. هذه حقيقة يؤكدها ناجون من المذابح، كذلك تؤكدها العديد من المصادر المحايدة والوثائق التاريخية، منها كتاب(ماردين – دراسة تحليلية للإبادة 1915) للمؤرخ والباحث الفرنسي (إف ترنون). يقول ترنون في كتابه ص19 لا يمكننا اتهام هيئة الاتحاد والترقي بوضع منهاج إزالة المسيحيين من الامبراطورية. الأتراك ارادوا تصفية المسالة الأرمنية نهائياً، والأكراد دُعوا للاشتراك بالغنيمة، فانتهزوا العرض(الفرصة) و وسعوه إلى مسيحيين آخرين .
الكاتب السوري الكردي (رستم محمود) في مقال له من ماردين إلى سنجار، عن الذين ذبحوا جيرانهم 27 أبريل 2020 على موقع الحرة ، يقول فيه حينما يقرأ المرء الكتاب الأليم للراهب السرياني اسحق أرملة (القصارى في نكبات النصارى) والذي هو مجموعة ضخمة من المشاهدات اليومية لراهب شاب من مدينة ماردين أثناء شهور وسنوات تنفيذ الإبادة الأرمنية السريانية الشهيرة في العقد الأول من القرن المنصرم، وكيف أن الجيران والأصدقاء وشركاء الحرفة والمزرعة الواحدة، كيف فتكوا بجيرانهم ورفاقهم وشركائهم، حيث الوحشية الإنسانية شديدة الفاعلية وسريعة الاستجابة اندلعت في ذلك المجتمع المحلي، عندما كان الأهالي يسبقون أدوات الدولة ويساندونها ويشاركونها في أفعالها، وفي مرات غير قليلة ينفذون ما لا تستطيع هي أن تفعله. وقتها يدرك بأن مجموع الخطابات التي ترى في الأمر مجرد دولة، إنما تملك كل سمات العدمية الأخلاقية والعماء المعرفي...
الكاتب العراقي الكردي ( نزار آغري) كتب بتاريخ 16 نيسان 2017 مقالاً بعنوان(الجانب غير اللائق من التاريخ الكردي) نشر في جريدة (الحياة) الدولية، جاء فيه لو تصفح واحدنا كراسات التاريخ الكردي التي دونها القوميون الكرد سيجد أسماء كبدرخان ومير محمد كور ويزدان شير وسواهم، وصولاً إلى سمكو، تحتل مكانة بارزة منقوشة بآيات التبجيل والتقدير، بوصفهم أبطالاً قوميين، فيما هم كانوا قتلة سفاحين أهلكوا عشائر وقبائل معادية وجماعات مغايرة. إقليم كردستان ليس ملكية الكرد وحدهم. كان، في الأصل، موطن السريان والآشوريين الذين لم يتقلص حجم حضورهم ومدى وجودهم إلا لأنهم تعرضوا للمهالك والمجازر، في أورمية وسلماس ونوهدرا وأربيل وزاخو، هذا من دون أن نعرج على الدور المرعب للعشائر الكردية في الفتك بالأرمن في حملات الإبادة التي شنتها عليهم الدولة التركية في كل الولايات التي يشكل الكرد الآن غالبيتها. كانت قارص وموش وديار بكر وألازغ وأورفة نصيبين وطور عابدين ومناطق هكاري، وسواها، موطن الأرمن والسريان....
إزاء هذه الحقائق الموثقة وغيرها ، لم يعد من المقبول نفي أو إنكار الأكراد لدورهم في جريمة الإبادة الجماعية ( الآشورية- الأرمنية).الأكراد بمشاركتهم العثمانيين في جريمة الإبادة أحدثوا جرحاً آشورياً عميقاً ، ألقى ومازال يلقي بظلاله الثقيلة على العلاقة ( الآشورية- الكردية)، لا يمكن أن تستقيم هذه العلاقة من دون يعترف الأكراد، ب(أحزابهم ومرجعياتهم القومية والمجتمعية والأهلية)، بالدور الكردي في جريمة الإبادة الآشورية(سريانية كلدانية) و بمسؤوليتهم الأخلاقية عنها. نكران الجريمة هو جريمة بحد ذاتها ، لأنه يترك الباب مفتوحاً لتكرار حصولها مستقبلاً .
ما حصل لمسيحيي السلطنة العثمانية عام 1915 جريمة موصوفة ضد الإنسانية ، إبادة جماعية بقرار وتوجيه وإشراف السلطات العثمانية . هذه الجريمة واحدة من أسوأ الإبادات الجماعية في القرن العشرين، حيث قتل أكثر من مليوني من المدنيين العزل بوحشية قل نظيرها ،ناهيك عن عمليات أغتصاب وتعذيب النساء والفتيات قبل قتلهن، أما الناجون تم تهجيرهم وترحيلهم بشكل قسري من مناطقهم التاريخية ، إلى (سوريا والعراق ولبنان وفلسطين). الكثير من دول العالم والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والشعوب والقضايا الإنسانية أقرت واعترفت بجريمة الإبادة الجماعية لمسيحيي السلطنة العثمانية، من أرمن و آشوريين(سرياناً كلداناً) وروم .مع توالي الاعترافات الدولية بهذه الجريمة الكبرى ، شبح الإبادة بدأ يلاحق ويؤرق الدولة التركية الحديثة، وريثة السلطنة العثمانية. الدولة التركية ( حكومة وشعباً) باتت على يقين تام بأنها ستجد نفسها يوماً مرغمة على الجلوس على كرسي الاعتراف والإقرار بكامل مسؤوليتها (القانونية والأخلاقية) عن جريمة الإبادة الجماعية للشعوب المسيحية التي كانت خاضعة لحكم السلطنة العثمانية .[1]