-عيد النوروز- في حساب العلاقة( الآشورية -الكردية )
#سليمان يوسف يوسف#
الحوار المتمدن-العدد: 7946 - #13-04-2024# - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة: تأثر الفرس بالحضارة الآشورية العريقة، خاصة إبان الإحتلال الفارسي ل(بلاد آشور - بلاد ما بين النهرين) 539- 331 ق.م . حتى يمكن القول بأن الحضارة الفارسية ما كانت لتظهر لولا الحضارة الآشورية التي سبقتها بقرون . الفرس أخذوا واقتبسوا الكثير من (العادات والتقاليد والرموز والفنون والعلوم) الآشورية.. اللهجات ( الفارسية الإيرانية) كُتبت بالأحرف الآشورية، قبل أن يتحول (الفرس الزرادشتيين) وبقية الأقوام الإيرانية الآرية إلى(الحرف العربي) مع دخولهم الإسلام باعتبار (العربية) هي لغة القرآن . (عيد النوروز 21 آذار - بداية السنة الفارسية) هو (نسخة فارسية) عن عيد عيد رأس السنة البابلية الآشورية - 1 نيسان المعروف بعيد الأكيتو المرتبط بتجدد دورة الحياة والخصوبة في الطبيعة مع بداية فصل الربيع ، أقدم عيد عرفته البشرية، بلغ التقويم الآشوري في الأول من نيسان الحالي 6774 عام .
المؤرخ البريطاني (تشارلز تريب)المتخصص بتاريخ العراق السياسي خلال محاضرة له ألقاها في جامعة اكسفورد البريطانية العريقة ينفي وجود عرق كردي . يقول تشارلز : إن القومية الكردية اُستحدثت أواخر القرن التاسع عشر ، مستنداً على آثار ووقائع تاريخية لا تقبل الدحض والتي تعتبر الكرد فرعاً من أصل فارسي ،موطنهم التاريخي بلاد فارس . طبعاً، هذا لا يقلل من شأن الأكراد ومكانتهم اليوم كأحد شعوب المنطقة .
مع تبلور (الهوية الكردية)، ذهب القوميون الكرد بعيداً في تكريد وتسييس وأدلجة عيد النوروز الذي أخذوه عن أسلافهم الفرس . المثير في هذا الموضوع، أن القوميين الكرد اعتمدوا تاريخ سقوط (نينوى - عاصمة الدولة الآشورية 612 ق.م ) بداية لالتقويم الكردي . نسجوا حول عيد النوروز روايات وأساطير ربطوها ب انتصار كردي مزعوم على (الإمبراطورية الآشورية). حقيقة، ليس المهم لنا اليوم كآشوريين من أسقط (الإمبراطورية الآشورية) ، لكن عن هذه القضية أقول: لو أن الأكراد حينذاك كانوا شعباً بذاته وكان لهم جغرافية سياسية خاصة بهم ( موطن كردي) وهم من أسقط (الإمبراطورية الآشورية)، كان يفترض بهم أن يقيموا دولتهمدولة كردية بعد إنتهاء الإحتلال الآشوري لهم، لا أن يعيشوا منذ ذاك التاريخ في تجمعات سكانية متناثرة تحت حكم الآخرين .. الأكراد عبر التاريخ لم يقيموا دولة خاصة بهم. جرت محاولة فاشلة لتأسيس دولة كردية عام 1949 في (مهاباد الإيرانية).
ربط نوروز بنهاية (الدولة الآشورية) والاحتفال به على أنه يوم الانتصار الكردي على الدولة الآشورية أسس لخطاب قومي كردي مثير للكراهية والحساسية العرقية تجاه الآشوريين ، نقرأه في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية الكردية ومنصات التواصل الإجتماعي. عشية عيد النوروز(21 آذار) الماضي ،صفحة رابطة المثقفين الكورد على الفيسبوك نشرت منشوراً جاء فيه : في مثل هذا اليوم تم القضاء على الإمبراطورية الآشورية … نوروز نهاية للظلم والانطلاق نحو الحرية.... مجلة (مزكين) العدد (78) #05-03-2018# ، وهي مجلة كردية للأطفال تصدر بالعربية عن ( مؤسسة روناهي في شمال سوريا)، نشرت مقالاً بعنوان ( كاوى الحداد .. إشراقة يوم جديد ) جاء فيه كان هناك ملكُ اشوري شريّرُ يسَمّى (الضحاك). هذا الملك ومملكته قد لُعِنا بسبب شرِّه . وكان كاوى الحداد قد أخذ على عاتقه إنزال الضربةَ القاتلةَ بالملكِ الشريّر الضحاك . وكانت إشارة البدء بالثورة هي إضرام النار في قمة الجبل، ذلك الصباح بدأت الشمس بالشروق ثانية وأزهرت النباتات من جديد وبات ذلك اليوم هو يوم عيد النوروز….. للأسف ، مثل هذا (الخطاب المستفز) يتجدد عشية كل نوروز، في مرحلة نحن أحوج ما نكون فيها إلى خطاب يعزز العلاقة بين الشعبين الآشوري والكردي . خطاباً يكرس قيم ومفاهيم العيش المشترك بين مختلف مكونات الشعب السوري والعمل معاً لما فيه خير ومصلحة الجميع..
لا أكشف سراً إن قلت : أن ربط الإحتفالات الكردية بعيد النوروز بسقوط (الدولة الآشورية) يثير الإستياء لدى مختلف الأوساط الآشورية ودفع بالكثير من الآشوريين (سرياناً كلداناً) للعزوف عن معايدة الأكراد بعيد النوروز .. فرغم مظاهر التقارب (الكردي- الآشوري)، على المستوى النخبوي و الحزبي /السياسي، لا تبدو العلاقة ( الآشورية - الكردية) بالمستوى المطلوب وكما يجب أن تكون على الصعيد المجتمعي والشعبي.
كان يفترض ب(المرجعيات الكردية) أختيار مناسبة أخرى أو حدث آخر، غير تاريخ سقوط الدولة الآشورية، لبداية السنة الكردية ، ذلك حرصاً على توفير أجواء ومناخات مناسبة لطي صفحة الماضي السلبي الذي مازال يلقي بظلاله الثقيلة على العلاقة ( الآشورية - الكردية) ولأجل بلسمة (جرح آشوري) عميق، تسبب به الأكراد في مراحل تاريخية معينة (مذابح بدرخان بحق الآشوريين في أربعينيات القرن التاسع عشر .. مشاركة الأكراد بجريمة الإبادة الآشورية 1915 على أيدي العثمانيين.. قتل البطريرك مار بنيامين شمعون 1918 غدراً من قبل الآغا الكردي سيمكو .. ) وغيرها من الأحداث المؤلمة المحفورة في الذاكرة الجمعية للآشوريين( سرياناً كلداناً).[1]