(داعش) مشروع اسلامي متجدد
#سليمان يوسف يوسف#
الحوار المتمدن-العدد: 6157 - #26-02-2019# - 01:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ايام قليلة ، وتنظيم الدولة الاسلامية- داعش ، سيختفي من المشهد العسكري في المنطقة، بعد (حملة عسكرية دولية) على التنظيم، استمرت اربع سنوات، قادتها الولايات المتحدة الأمريكية . باختفاء هذا التنظيم ، ستختفي معه ما يعرف ب دولة الخلافة الاسلامية في العراق والشام ،التي اعلنها زعيم التنظيم ( ابو بكر البغدادي ) عام 2014 على مناطق واسعة من سوريا والعراق، سيطر عليها خلال أشهر قليلة ، بإمكانيات (عسكرية وبشرية) محدودة، حيرت الجميع. داعش، ليس (طفرة) في التاريخ العربي الاسلامي ،و ليس كما يقول البعض صناعة أمريكية غربية ، أو صناعة النظام السوري وحليفه الايراني، أخرجوه لأجندات وأهداف سياسية. داعش ب(فكره وأيديولوجيته) خرج من رحم التاريخ العربي والفكر الاسلامي. النشأة العربية الاسلامية لتنظيم الدولة الاسلامية لا تعني بأن هذا التنظيم، الذي ضم جنسيات (عربية واسلامية وأجنبية، أسيوية وأوربية وافريقية) لم يكن مخترقاً من أكثر من جهة وطرف، ولا تنفي بأن جميع اللاعبين( المحليين والاقليميين والدوليين) على الساحة السورية والعراقية، استفادوا بشكل أو آخر من داعش ووظفوه لخدمة أهدافهم وأجندتهم السياسية وغير السياسية.
هزيمة داعش عسكرياً، لا تعني نهايته (فكراً و أيديولوجيا ). داعش، كما جميع تنظيمات وحركات وجماعات وتيارات ( الاسلام السياسي)، وجودها مرتبط بالهدف الاسلامي الكبير، وهو إحياء ( الخلافة الاسلامية)، المنصوص عليها في القرآن (سورة النور): وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . التزماً بهذا النص القرآني ، المسلمون ب مرجعياتهم المختلفة ، لن يتخلوا عن الخلافة الاسلامية، ك (نظام حكم) يقوم على استخلاف قائد مسلم على الدولة الإسلامية ليحكمها بالشريعة الإسلامية وحمل رسالة الاسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد. اعلان الخلافة الاسلامية، ممكن وجائز في أي دولة أو منطقة اسلامية، من قبل (تنظيمات اسلامية سلفية جهادية)، حالما تجد الفرصة وتتوفر لها الظروف (الأمنية والسياسية والمجتمعية) المناسبة. رغم كل ما ارتكبه داعش من فواحش وأفعال شنيعة و(جرائم ضد الانسانية) باسم الله والاسلام ، دولته دولة الخلافة الاسلامية في العراق والشام ستدخل تاريخ ( الخلافة الاسلامية)، التي بدأت مع الخليفة( أبو بكر الصديق 632م ) حينما توفّي النّبي(محمد) عليه الصّلاة والسّلام، واستمرت في زمن السلطنة العثمانية الى حين القضاء على (الامبراطورية العثمانية) وتفكيكها من قبل جيوش دول الحلفاء في الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918م ) ، بريطانيا العظمى وفرنسا والامبراطورية الروسية. (دولة الخلافة الاسلامية العثمانية ) الغيت رسمياً عام 1923 من قبل (مصطفى كمال أتاتورك) بإعلانه قيام (الجمهورية التّركيّة). لولا (دول الحلفاء) ، غالباً (دولة الخلافة الاسلامية العثمانية) كانت بقيت واستعمرت شعوب المنطقة الى يومنا هذا . و لولا (التحالف الدولي) ،الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية، على دولة الخلافة الاسلامية في العراق والشام - داعش لكانت قويت هذه الدويلة الاسلامية وتوسعت شمالاً وجنوباً وضمت شعوباً عديدة.
[1]