نحتاج لكوردستان مدنية حقيقية و ليست مظهرية
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6356 - #20-09-2019# - 00:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
عندما نقول كوردستان مدنية نعني بما نقول من ان جوهر المدنية الحقيقية بعيدا عن التظاهر او الادعاء بحقيقية الموجود مبني بشكل حقيقي على السس المدنية، وما نلمسه في الواقع هو المدنية الموجودة و هي شكلية و خاوية من جوهر المدنية المعلومة مفهوما و واقعا على الارض.
عانت كوردستان كثيرا و لم تستقر لحد الساعة، ناضلت بشتى الوسائل و الطرق وضحت بما لديها اوبالاحرى باغلى ما لدى شعبها و في مقمدمة التضحيات قدمت الدماء قبل الثروات وا لممتلكات. انها ظلمت في تاريخها و في جغرافيتها و ديموغرافيتها و سلبت و نهبت ما تمتلكه منذ العصور الغابرة، نتيجة الواقع الذي عاشته و ربما يمكننا ان نقول الصدفة التي فرضت عليها ما هي عليه نتيجة تضارب المصالح الكثيرة المرتبطة بها و المترتبة عليها من قبل اوبعد. و لازالت على حالة مهتزة تتارجح في مكانها دون امل في استقرارها النهائي في المستقبل القريب لاسباب كثيرة و اولها الاساس الذي بناه الاستعمار البريطاني الغدار الذي وضع كل العراقيل امام تحقيق الامن و الاستقرار في المنطقة من اجل مصلحتها فقط كما هو عليه حتى الساعة دون اي تغيير او اي اهتزاز رغم اتقلبات التي حصلت في المنطقة. و لم يتكلم احد عن هذا الاستعمار الجشع كما هو و اهدافه و اساليبه، لا بل هو مستمر بخداعاته و حيله و تضاليله السياسية المخابراتية الاقتصادية البشعة و بدافع جشعهلاعلى حساب شعوب المنطقة، و هو ما فرض الحالة العسكرية الفوضوية المستمرة للمنطقة فجعلها تتراوح و لم تتمكن من الخروج من الوضع العسكري التخلفي لحد اليوم. و عليه، عندما قسمت كوردستان بين الدول الاربع لم يرحم و هو فعل فعلته و من ثم ابقى على المنطقة الحال التي تلاعب هو و حلفاءه بها باستمرار رغم استقلال دولها. انه الثعلب الذي لم يدرك الكثيرون ما ارتكبه ايديه في المنطقة بشكل غير منظور و بخداع. و اول المتضررين قبل الدول و اي احد اخر هم الكورد .
و عند التمعن بشكل دقيق لكوردستان نخرج بقناعة تامة في نهاية المطاف بانها تحتاج الى كيان مدني حقيقي قبل اي شيءاخر، كي يدرك شعبها من هم السبب في استطالة معاناته و كبر تضحياته و تخلفه و عدم تحقيق امانيه قبل غيره، و اننا نرى العكس فان شعب الكوردستاني يتباهى بعلاقاته مع تلك الدولة الاستعمارية الغادرة وحلفاءها للاسف.
ان النظام الاقليمي الحالي الذي وصل الى ما نحن فيه و التغييرات التي حصلت، لم تصل الى واقع يمكن ان تدفع الارضية التي خصبت بشكل ما ان تتقدم كوردستان الى تحقيق اهدافها، نتيجة بقاء قوى عدائية تعمل على وضع العراقيل امام كل ما يمت تحقيق امنية الكورد قبل اي شيءاخر، و كما وضحته السياسات التي اتبعت ابان اجراء عملية الاستفاء في كوردستان الجنوبية و مواقف تلك الدولة الاستعمارية الظالمة و حلفاها قبل غيرهم.
من المؤكد ان الحل الوحيد و المنقذ الاساسي للخروج من المتاهات التي ادخلتنا فيها بريطانيا قبل غيرها من الدول التي هي من قسمت عليها كوردستان، هو الاستقلال و بناء كيان ان ترسخت وتطورت الارضية المناسبة له. اننا يجب ان نقول، عدا ما هي عليه سلطتها التي لم تنجح في بناء نموذج لكيان مدني تقدمي و لم توضح للجميع قدرتها على بناء كيانها المستقل، فاصبحت هي العائق الاخر و الاكبر بعد الاستعمار و الدول التي تحتلها. فانهار النظام الاقليمي بعد سقوط الدكتاتورية في العراق و افرزات الربيع العربي في اكثر دول المنطقة، و لكنها لم تشمل الفوضى الدولة الاكثر تعنتا و عداوة للكورد التي يمكننا ان نقول بانها هي التي تتوقف عليها بناء كيان الاجزاء الاربعة لكوردستان و لازالت قوية مقارنة مع الدول الاخرى، لا بل حاولت ان تسحب البساط من تحت ارجل المنتفضين خدعة و تضليلا و لم تنجح الا وهي تركيا العثمانية الجديدة. و من جانب اخر لازالت كوردستان لم تشكل حالة تفرض على الدول العظمى ان تكون لها مكانة مميزة اكثر من غيرها او لم تصبح قوة لحد اليوم كي تكون بديلا مناسبا لما تحتاجه هذه القوى من الدول و الشركاء في المنطقة من اجل الاعتماد عليها في اعادة الاستقرار النهائي للمنطقة، و تكون فيها كوردستان المسند و العمود الاهم على استقرار المنطقة بشكل نهائي.
طالما لم تتمخض الظروف الموضوعية بشكل نهائي للولوج في التقدم خطوات الى الامام، فلابد من بناء الظروف الذاتية المساعدة و الاستمرار في ازالة العوائق بشكل بعيد عن الافرزاات التي تدفقت نتيجة الاخطاء الداخلية و مؤامرآت الاعداء، و العمل على دعم الوحدة الداخلية بخطوات و نظام مدني تقدمي، فلابد ان تكون عملية بناء الذات مستمرة و بسرعة على قدم و ساق و التحضر لبناء بنية قوية من اجل استغلال اي ظرف طاريء او انعطافة بشكل صحيح على عكس ما سبق و لم نستغل الكثير من الانعطافت بل توجهنا نحن مخذولين لبناء كيانات حللتها الفوضى و قوت كي تضربنا من جديد كما يحصل الان في العراق و غدا في سوريا. فهل نتفائل بما لدينا من الموجود من اجل النجاح. شخصيا غير مقتنع بالسلطة و الاحزاب و القيادات الموجودة ان تؤدي دورها التاريخي كما يجب و باحسن الحال كماهو المطلوب، و هذا الامر الاهم الذي لا يقبل اي فجوة اوخطا، و ان اعتمدنا على ما لدينا و مر فاننا نعيش في وحل الاخطاء و ما سالت من افرازات الصراعات الداخلية التي كونت متسقنعات قذرة و نتراوح فيها، فنحتاج الى تنظيف و اجراف لما هو الموجود قبل ان نبني الارضية النظيفةالملائمة لبناء كيان مدني حر نموذجي مطلوب قبل اي شي اخر. كل ما يُدّعى غثير هذا من هذا الجانب هو تضليل و ان الموجود هو مظهري و بشكل زائف لا يمت بالمدنية باي شيء، انه صراع لمصالح ضيقة بعيدا عن الفكر الاستراتيجي العلمي المدروس لحال كوردستان و ما تتطلب حالها و كيف يمكن التعامل مع الموجود و المنتظر في مستقبل المنطقة و على حساب الكورد بانفسهم. عدا ما تقدمنا خطوات في مرحلة قصيرة فيالعقدين من بدايات القرن الواحد وا لعشرين، الا بدانا الان ان نتراجع بخطوات اكثر منها و نغوص اكثر فيما بعد، ان ما سرنا عليه عدا الاهتمام بالمادية الشكلية المظهرية لم يبني الانسان وهو الاهم و لم ننمي قدرة الانسان والاجيال التي يمكن الاعتماد عليه لبناء الكيان المدني الحقيقي و اجراف الارضية المزيفة التي صنعتها الاحزاب المتخلفة الموجودة في كوردستان و لم تتمكن من اداء واجباتها باقل درجة منتظرة منها، انهم خابوا امل الجميع و اضروا التجربة قبل الاعداء و اسعدوا المناوئين و نفذوا الخطط الخبيثة لهم بارادتهم دون اي جهد يبذل من قبل المخططين،
اي، ان النقص الكبير في بناء الكيان الكوردستاني هو العقلية التي تحكم بعيدا عن المدنية و هي لازالت في العقود الماضية و تدير السطلة غير ملائمين لادارة قرية و ليس كوردستان و اميين بمعنى الكلمة. فالمدنية لها رجالها و عقول و امكانيات و اليات و اساليب عمل ليس متوفر لدى المعتلين على زمام الامور في كوردستان منذ عقدين و لحد الساعة وان ادعوا بامتلاكهم للامكانيات تضليلا و بهتانا لما هو المطلوب بشكل حقيقي، فالمظهر المضلل و الفاسد المستشري و العقل المتخلف و ان كان صاحب الشهادات العليا، و هي التي اصبحت من مظهريات الزمان دون وجود الجوهر العلمي الحقيقي لها، فاننا لا يمكن ان نعتقد باننا سوف نبني كيانا مدنيا متكاملا، وان افترضنا اننا حققنا الاستقلال في مرحلة ما ن فبهذه الحال سوف لن يدوم طالما السلطة التي نمتلكها الان بهذا الشكل و التركيب و الامكانية و العقلية و الطبيعة، التي لا تمت بما تتطلبه المرحلة من المدنية و التلائم و التواءم مع العصر و التقدمية في الفكر و الفلسفة و العمل. نعم اننا نفتقد الى المدنية الحقيقية التي تعتبر عمودا ضروريا ساندا لبقاء كيانات الدول والاهم لمن لا يمتلك دولة لحد الان ايضا.[1]