وضح ما بعد المقبرة الجماعية ما يعتريهم من مشاعر البعث
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6309 - #03-08-2019# - 22:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
اعتقدت بان الزمن يغير الناس و ازالة الظرووف التي فرضت على البعض التعامل بخشونة و اقتراف الجرائم او ما فرضته الدكتاتورية من القتل و الاعدامات و ابشع انواع التعذيب لمن لهم الحق و ناضلوا من اجل الحصول عليه على ايدي العراقيين كان لا يمثل جوهر العراقيين، اعتقدت و تيقنت مراتكثيرة بانه حالة طارئة و من يمارس تلك الافعال لا يمكن ان يكون من الشواذ و الطاريء على الشعوب العراقية جميعها، و لا يمكن تعميم هذا على الجميع بما يملكون من الناس ما يحمل من النظرة الانسانية الى القضايا الحقة، و كنت معي نفسي اعتقد و حتى تناقشت مع ابناء جلدتي بان السلطة الدكتاتورية العفنة هي التي تفرض ما يمارس هؤلاء من ما لا يعقله احد ضد الخيرين و اصحاب الضمير و المناصلين الذين يضحون من اجل نيل حقوق شعبهم.
اعتقدت دون شك ان هؤلاء ربما من المجرمين واختيروا بشكل خاص و بعملية عشوائية من الشارع من الحثالى و المشعوذين و الخارجين عن القانون و ما همشتهم العائلة و الحي و المدن و من لم تساعده الظروف ان يعيش سليما و متعايشا مع الاخر، او هم ممن اجرم و خلطت ايديهم بالدم و فقدوا ضمائرهم و وجدانهم و انسانيتهم نتيجة لظروفاجتماعية اقتصادية معينة، فاختيروا مقصودا في استخدامهم للعمليات الاجرامية عند السدلطة البعثية الدكتاتورية ضد المناضلين، و اصبحوا هم ضحية ظروفهم و مخلبا للمجرمين المتسطلين على رقاب الشعوب العراقية و بالاخص الكورد الذي راح جراء تلك العمليات البخسة و النجسة الارواح التي لا يمكن مقارنتها باي مكوان اخر عددا و نوعا.
الى الامس القريب كنت على يقين بما كنت امنت و لم يتزجوج يقيني في نظرتي الى المكون الاخر، و اعتقدت كذلك بانه ربما يبرز من ينكر و يدين هذه الاعمال البشعة التي بدرت على ايدي هؤلاء و يمكن ان يثبتوا ما يؤمنون و يعتقدون هو عكس ما اقترفوه السابقون، و انهم هم ايضا يمكن ان يكونوا ضحية كالقاتل و المقتول المضحيين المضطرين على تلك الافعال. و اعتقدت بان الشارع العراقي يتحرك بعد كشف تلك المقابر الجماعية و يتعاطف مع ذويهم حتى اكثر من الكورد انتفسهم، و لكنهم خيبوا طنييا للاسف و فرضوا علي التراجع في كل فكر او فلسفة معتدلة انسانية كنت اؤمن بها.
اليوم و بعد البحث و العثور على مقبرة جماعية اخرى عدا ما كُشف سابقا، و بعدما راينا التعامل التي لقيه اهل و ذوو المؤنفلين من ذلك العسكري و حتى عدم وجود مواقف مشرفة من العراقيين و صمتهم و حتى تشفي البعض منهم من جهة، و صمت الاعلام العربي العراقي الرسمي و الشعبي او الاهلي المستقل( ظل الاحزاب و الكيانات) تاكدت لي الكثير من الامور التي لم اتوقعها، ان من تعامل مع الضحايا الكورد في حينه كان يفعل ما يبدر منه نتيجة ايمانه او تخلفه و عدم امتلاكه لاي حس انساني و انه هو الوريث ممن غزا و سلب و نهب و سبى و قتل قبلا منذ الف و اربعمئة عام من قبل اجداده العراة و الوحوش المتربين في وسط العادات و التقاليد الوحشية المسيطرة على الصحاري القاحلة و في ظروف انعدام حتى الكلأ لحيواناتهم و ليس لهم فقط.
اليوم، نعم و بعد مرور ايام على كشف المقبرة الجماعية و انتظاري طول هذه الايام عسى و لعله المس موقفا انسانيا حضاريا من قبل حتى عدد قليل من المثقفين المؤمنين بالقضايا الانسانية العادلة مهما كان وليس من هؤلاء المتوحشين جنسا و سلوكا و من لم يترك تلك الصفات و السمات التي اكتسبها من اجداده من الغازين و هم البعيدين عن العراقيين الاصلاء الذين استاصلوا على ايدي المحتلين السارقين المتوحشين. ( هنا لابد ان لا ننكر سطرا و مقالا من فرد او مثقف هنا وهناك يتعطاف مع ما حدث، و لكنه بشكل عام لمسنا ما لم نتوقعه).
لنا ان نسال اين الاعلام الر سمي ازاء من تمادى على الرمز الكوردستاني و ما امن به ذوو هؤلاء الضحايا و ما عقوبته، اين الاعلام بكل انواعه و خلفياته و من وراءه من السلطة الرسمية و الاهلي ومن ورائه الحزب و المحسوب على المستقل، اين المواقف التي كانت يمكن ان تفرض على الكورد تلقائيا المسامحة و هم من يسيطر عليهم العاطفة و يعتقدوا بان العملية كانت على ايدي البعث و الدكتاتورية لوحدهم و ليس نابعا من نوايا و عقليات هؤلاء المتربيين دائما للمكونات العراقية ليقترفوا جرامئهم متى ما سنحت لهم الفرصة. انهم اثبتوا بانهم اي الاكثرية منهم حاملو العقلية البعثية و الاخلاق و السمات و السلوك و الثقافة الدكتاتورية و المتوارثة لديهم دون ان يشعروا او هم منهم حقا قلبا و قالبا مهما كانت ديانتهم او مذهبهم او ايديولوجيتهم، لان البعث نبع و انبعث من صلب فكرهم و عقليتهم وطبيعتهم و تاريخهم وثقاغتهم و لا يمكن ان يزاح بهذه السهولة. و عليه تاكدنا بان البعث لم يكن فريدا في تعديه و ظلمه و غدره وجرائمه، و لم ينفذ ما اقترفه لوحده و بعقلية شاذة نادرة و لم يفرض الافعال التي نفذها على هؤلاء الذي لا يمكن ان يختلفوا عما نراه منهم اليوم بهذه الكثرة الكثيرة. انهم يصرخون و يعيطون و ينهقون كلما اقترف خطا فردي هنا او هناك مرتفعين ما تفرزه حناجرهم من الضجيج المزعج و مدعين اكثر التهم و معممين الحالة على الجميع، و لكنهم لم ينطقوا بكلمة ازاء ما حصل و يحصل يوميا و في وضح النهار و بحرية كاملة على ايدي من يحمل الفكر و الفلسفة النابعة من عقلية اكتسبوها بكامل حريتهم و لم تٌفرض عليهم من قبل احد و ليس هناك اية حجة كما كنا نعتقد او نصدقهم ابان السطلة البعثية. انهم هم اي اكثريتهم اصحاب الفكر البعثي ازاء الظلم و التعدي الذي يتلقاه الاخرون، انهم هم البعيدون عن الانسانية و انهم هم وارثو العقلية الصحراوية الهمجية. لنا ان نسال كيف كان موقفهم لو كانت العملية حصلت عكس ما جرى اي كان الظاملين و الغادرين هم الكورد، فكيف كانت ردود افعال هؤلاء المتعصبين العنصريين المذهبيين المتطرفين.
انهم لازالوا يرون موطن الاخرين ملكهم ولو بقوا فيها دقائق بعيدا عن تاريخهم المجهول في العراق، كنا اصحاب اجمل الاوطان و البقاع و سمونا المخربين، كنا المتسامحين و اصحاب الرافة و العين النحسن في النظرة الى الاخر حاملو الخير و العقل المؤمن بالتعايش الانساني و كسبنا الصفات الخيرة من اجدادنا، و ادعوا العكس و لصقوا ما فيهم بنا، نعم كنا نعيش في الجنة و حولوها الى الجهنم و لازالت عقليتهم تصر على تلك الافعال و توضح للجميع بانهم يؤمنون بما فعلوا بعدما شاهدنا ما حدث ابان كشف المقابر الجماعية و ما لم نلمس اي موقف يتسم بالانسانية التي انتظرناها من آكلي السحالي، فكنا مخطئين في توقعاتنا و نظرتنا الى الاخر للاسف.
ان ما حدث مابعد اكتشاف المقبرة الجماعية للكورد المؤنفلين دليل على ان اكثرية هؤلاء تعتريهم المشاعر البغض و الكره و ما يؤمنون و يتاملون في فناء الاخر في صلب انفسهم دون اي يُفرض عليهم من قبل اخر و ما اقترفوه من تلك الجرائم كان من جراء ما يؤمنون في فكرهم و على ايديهم و هم يؤمنون بما فرضوا، و لا يمكن ان نلصق ما حدث بالنظام السابق فقط.[1]