لماذا ترجمتُ كتاب الشخصية المحمدية الى اللغة الكوردية؟ (3)
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6064 - #25-11-2018# - 01:00
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ما انا بصدد قوله هنا حصرا في هذه الجزء من المقالات عن سبب ترجمتي و دوافعي الفكرية الفلسفية و خلفيتي العقيدية و حتى العرقية لما شجعتني تلك الدوافع الموجودة في شخصيتي على بذل الجهد المضني غير المسبوق مني. بعد ما ذكرته في المقالتين السابقتين من الاسباب الموضوعية العامة لما في كتابة و ترجمة هذا الكتاب لما فيه الخير المتعدد الاوجه للاجيال القادمة المتتالية و ما يخص التنوير و ما يتطلبه التقدم المنشود و بالاخص لهذا الشعب المغدورالمترجم الي لغته الكتاب وهو المغلوب على امره سياسيا و مسيطر عليه من قبل المحنتلين بحجج عديدة منها الفكرية الفلسفية و ما تاثرت ثقافته بالتضليل و الكذب الصريح من قبل المحتلين المتتبعين طوال عقود بل القرون منذ الفتوحات الاسلامية خارج الجزيرة العربية و الى الوقت الحاضر.
مجتمع مشتت و لم يشهد عصرا مزدهرا يُذكر بعد الفتوحات, و لكل مرحلة مر بها معوقاتها التي وقفت حجر عثرة امام الاستناد على الذات و التاريخ في الاستقرار السياسي الفكري الثقافي, و كان السبب ظاهرا هو السياسي الا ان التعمق فيما وراء التخلف الموروث الوارد بشكل فوقي و بقوة هو الذي ادى بشكل مباشر على التخلف الذاتي و الابتعاد عن البعض, وبشكل خاص هو المؤثرات العقائدية قبل السياسية كما توصلت اليه انا متاخرا جدا بعد جهد كبير و طويل من التامل و التدقيق و البحث الدقيق الذي اخذ من وقتي عمرا في بيان العوامل المؤدية الى ما استقرت عليه حال الكورد بهذا الشكل.
اذا, اننا توصلت بقناعة تامة الى اننا بحاجة الى التنوير الفكري الفلسفي سواء قبل السياسي الثقافي او معها على حد سواء و على المستوى ذاتها و بنفس النسبة تماما. هذا الكتاب المعتدل الفحوى البعيد عن المهاترات ولم يشبه الكتب المدفوعة بنوايا غير ما يهم المجتمعات التي يُفترض ان يقرءها او على الجميع بهذا دون استثناء و بالاخص الجيل الجديد كي يعلم ما سار عليه قومهم بشكل خيالي ليس الا ثقافة و عقيدة و دين بعد عبادة الصنم و الخرافات و الاساطير وهو النابع من الظروف الذاتية للجزيرة العربية و سيطرت بقوة السيف و الترغيب و الترهيب على اذهان الشعوب و منها الكوردي في رقعته التي لم يحتكم الى العقل لبناء كيانه كاسبقية في الحفاظ على الذات بعيدا عن الاذابة في اتون الافكار المستوردة بدوافع غير معلنة او عكس الادعاءات وهي لاجل مصالح خارجية كثيرة على حساب الشعب الكوردي الاصيل في دياره.
لو عُرف السبب بُطل العجب, ان الكورد ملكيين اكثر من الملك نفسه من الناحية هذه، اي الدينية العقيدية و هذا لاسباب و عوامل قومية و تاريخية وجغرافية. هنا لا اريد ان اسرد ما في الكتاب من الاسباب التي تفيد القاريء الكوردي لاعادة النظر في معتقداته التي سار عليها طوال هذه القرون و ما عليه ليس شيء سوى ان يربي اولاده على ماهو الاصح و بقناعة و تفكير عقلاني بعيدا عن العاطفة و الموروثات و ما تفرضه الحالة النفسية الخاصة بالفرد كان او العامة للمجتمع بشكل كلي لما اكتسبتها نتيجة تلك الموروثات من تلك المستوردات. فعصارة الفكر العام للشعب الكوردي قد انبثقت من بين الكثير من التوجهات المختلفة و الافكار المنتشرة بشكل واخر في عقلية هذا المجتمع المغبون و ادى الى التراوح في المكان دون قيد و لا حركة.
هذا الكتاب و بفكره العصري الباحث عن حقيقة اخطر موضوع و مؤثر بشكل من الاشكال على حياة الجميع, فاول الامر يحتاج الى تفسير و تحليل علمي دقيق فيما نحن فيه و هل من الاصح ان هذا الكتاب يزيح عنا الكثير من الجهد و ثوفر لنا الوقت ويرسخ لنا الارضية بنسبة ما من اجل اعادة النظر فيما نحن سائرون عليه من الخطا المستمر رغم الصعوبات و المعوقات الظاهرة. يبحث الكتاب في دين و فلسفة و سياسة و فكر و ايديولوجيا من خلال الشخصية التي تداولها بكل جوانبها الخاصة، الحياتية والفكرية و الدينية و ما ساعد ما صنعته يداه على البقاء طوال هذه القرون و الظروف المحيطة بما قدمه بامكانياته و عزمه و ارادته المناسبة لتلك المرحلة التي عاش فيها. و رغم التناقضات الموجودة في مسيرته، الا انه نجح في تحقيق اهدافه بشكل مثالي غير مسبوق.
هناك حقيقة مفقودة بين كل هذه التعقيدات التي فرضتها الازمنة الغابرة و من ثم المصالح المتعددة التي عملت عملها في اتجاهين مضادين في هذا الامر, و الكاتب و الكتاب يبحثان عن تلك الحقيقة و هما حقا كوحدة واحدة منسجمة يشتركان كتوجه علمي بحت مع الشخصية المتاصرة بالمحيط طبعا في المحاولة لبيان تلك الحقيقة و كشفها لمن يريد ان يفكر بعقلانية بعيدة عن العاطفة و تراكمات التاريخ و ما فرضته المصالح كجبال من القيود و العقبات امام البحث عن الحقيقة تلك في اي زمان مضى و مكان كان. هذا ان كانت الصعوبات معيقة بشكل كبير في البلدان التي لا تمت بدين محمد بصلة فكيف في واقع و ثقافة و ظروف عامة من خلق هذا التاريخ و ما حدث فيه و من افرزات هذاى الدين و تداعيته, و الكورد و ما كان لديهم من ديانتهم الخاصة و زواله و انقرضاه بشكل مطلق الى حد كبير، الا بقى شذرات منها هنا و هناك، فان البحث عن هذا اهم و اجدى لهم من القوميات الاخرى المسلمة. لو قورنت مدى الاستفادة و الضرر لما الحقه هذا الفكر و الدين للشعب الكوردي من الاذى المستديم و ان خرجت انت القاريء و اباحث بالنتيجة الصحيحةالمرادة فانك ستجد ما يدفعك بشكل قوي و مستمر للبحث عن تلك الحقيقة اكثر من غيرك. انها الحقيقة التي تفرض ان يضحي كل من جانبه حتى القليل الممكن لبدء الخطوة الاولى لاعادة النظر فيما اصبحت ثوابت بعد طول المسافة و المدة التي بقت فيها هذه العقيدة و هي في اساسها امور سطحية جائت نتيجة تلائم الجوانب المطلوبة لنشر اي فكر او عقيدة و باااخص باسم الدين في طروف كتلك التيكانت سائدة في تلك الخقبة من قبل اي كان و ان الامكانية قوة السيف فقط ليس الا.
و عليه انني كتبت هذه الحلقات من المقالات لاستوضح للجميع وخاصة اصحاب الثقافة العربية من الكورد بان الكتاب ليس بتلك الاهمية للمجتمع الاسلامي بشكل عام فقط و انما من الواجب و المستحسن و المطلوب فكريا و فلسفيا وعقيديا ان يهتم بها القوميات الاخرى و من ضمنهم الكورد في معرفة تلك الحقيقة البارزة الخافية على الجميع اكثر من غيرهم، لانهم هم فقط الذي لم يلقوا غير الخسارة منه و انما الاخرون استفادوا منه في جوانب كثيرة و من ضمنهم العرب و الفرس و الترك! ارجوا ان اكون قد وفقت ولو بجزء يسير من ما تفرضه علي عقليتي النظرة و التوجه العقلاني المؤمن بالعقلانية في الفكر و العمل ومن الحرص على انجاز ولو نسبة ضئيلة من المنجزات التي يمكن ان تستفاد منها الاجيال القادمة على الاقل لتنوير الطريق امامهم من هذه الناحية الاهم لمستقبلهم و مستقبل الامة الكوردية بشكل عامو و به قد وفقت فيما استهدفت.[1]