لماذا يعارضون مساعي كوردستان الى الاستقلال ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5644 - #19-09-2017# - 01:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
هناك التاريخ و الجغرافيا و المقومات الاساسية لبناء الدولة الكوردستانية, و يعلم المعادون قبل المتصالحون مسبقا ان الموافقة على الاستقلال و الادلاء بنعم للاستقلال هو الذي يحصد النسبة الكبيرة جدا في عملية الاستفتاء المزمع اجراءها في كوردستان، و هذا دليل قاطع على احقية الشعب الكوردي فيما يؤمن و يهدف و يعلم به الجميع . و لكن الممانعة و المعارضة هي التي تبني مواقفها بناءا على مصالح سياسية و اقتصادية فقط على الرغم من معرفتهم جميعا بانهم يغدرون الكورد بهذه المصالح منذ حوالي قرن تقريبا .
لكل منهم رايه النابع من منظوره و تحليلاته و توقعاته و اهدافه و ما يهم مستقبله فقط، دون مراعاة لما يهم الاخر و ما هو لمصلحته ولو بنسبة قليلة جدا .
بالنسبة الى الدول العالمية المؤثرة على مسار السياسات العالمية، فانهم يصرون على بقاء الحال على ماهي عليه من استدماة الظلم الملحق بالقومية الكوردية و بكوردستان، و ان تكلم بعض منهم على تاجيل الاستفتاء و ليس الغائه، و لكنهم سيغيرون رايهم ان علموا بان الابقاء على الحال هو من مصلحتهم ولو لقرن اخر كما هو المعتقد لدى الجميع، و يحاولون بشتى الطرق و الوسائل السياسية على منع الكورد من الاستقلال لانهم:
1-انهم قسموا و رسموا الحدود و لم يضعوا بديلا مناسبا لما خططوا له و بنوا له هم و لم تكن لشعوب المنطقة فيه يد، الا بعد ان لمسوا بان التغييرات التي اجريت في المنطقة من الجوانب المتعددة لا تسير لصالحهم، و يحاولون بتخطيطاتهم ان يديموا من امرهم بشكل و اخر، وعليه عندما ضمنوا بقاء وصول احتياجاتهم اقتصاديا دون انقطاع طوال القرن الماضي الا فقترات قليلة مرت عليهم بصعوبة من جانب، و كانت لهم اليد الطولى فيما سيطروا على القرارات المهمة لدول المنطقة و لم يدعوا حرية القرار بيد السلطات، بل جاءت السلطات لهذه الدول من اختيار الغرف المخابراتية المظلمة لهؤلاء من جانب اخر، و لم يدعوا بعض الحروب ان تطول لو فكروا و اعتقدوا بانها ستكون ضد مصلحتهم بينما امدوا في مسار و زمن الحروب الاخرى دون اية رحمة بالضحايا لو لم تكن ضد مصالحهم او في حال كانت اطالتها في مصلحتهم تعمدوا في ذلك، كما كان حال الحرب العراقية الايرانية طوال ثمان سنوات متتالية و بعض حروب اسرائيل لم تطول اكثر من ساعات و حتى بضعة ايام في اطولهان و اليوم كما يظهر من الامر سوف يضعون ما يمكن ان تستقر عليه المنطقة كيفما كان وا لاهم هو الابقاء لقرن اخر بشرط ان تصل اليهم الامدادات الضرورية و تبقى سيطرتهم على المنطقة مضمونة، غير ابهين بالحقوق و لا بما الحقت من الاضرار بكثير من شعوب المنطقة .
2- يعلمون بانه اُلحق كورد بالدولة العراقية كما بالدول الاخرى قسرا و برغبة الاستعمار و توافق القوى نتيجة استغلالهم لما كانوا هم عليه و استمدوا قوتهم لتنفيذ اتفاقياتهم ومقرراتهم من ضعف ثقل الكورد و موقعه و ما يمسه، و هذا ما ادى الى استمرار المشاكل المتوقعة هنا، و هي من فعل ايي هؤلاء من اجل بقائهم هم على تواصلهم من السيطرة على المنطقة بضمان مصالحهم مستندين على الخلافات الدائمة و مستغلينها بهذه الطريقة اللعينة، و الا هل من المعقول ان تلحق امة مترابطة و صاحبة مقومات و سمات مشتركة على ارضية خاصة بها باربع دول غدرا .
3- فعلتهم هذه مكنتهم على ان يبقوا على تمسكهم بذيل هذه الدول و الاهم السلطة فيها ايضا, من خلال استغلال الموجود و العمل على نفاذ اتفاقياتهم طوال هذه العقود من اجل ضمان ما هدفوا اليه طول هذه الفترة المتواصلة دون النظر الى ما يهم شعوب المنطقة في لحظة ما.
4- ضمنوا وصول امدادات الثروات الموجودة في هذه المنطقة اليهم بما تفيدهم اقتصاديا و ماليا و بالشكل و النسبة و السعر الذي يكون لصالحهم و دون ان يؤثر على مسار النمو الاقتصادي لبلدانهم طوال هذه السنين، و اعادوا ما اصدروها الى المنطقة بثمن بخس و باستغلال الخلافات و التخلف الموجود .
كانت الدولة الاستعمارية المعنية في حينه بريطانيا اولا و من ثم فرنسا و ايطاليا بدرجة و اخرى، اما اليوم فان امريكا تريد ان تفرض ما تهمها بالتنسيق مع خصمها و عدوها بالامس و اصبحت بريطانيا و فرنسا في نهاية المسار لمثل هذه المخططات تقريبا و انها تريد ان تنفذ ما تريد من طريق امريكا و افعالها، اي دونتدخلها بشكل مباشر و ان كانت مخابراتها فعالة و افعالها اليوم سرية اكثر من ما كانت عليه من قبل .
اما معارضة الدول الاربع التي الحقت بهم الكورد في المنطقة، فانهم يختلفون من جوانب متعددة عن تلك الدول، على الرغم من المواقف و الاراء الصادرة منهم تودي الى المسار و النبع ذاتها، و هؤلاء يمكن ان نحدد اختلافاتهم عن الدول الاستعمارية من خلال ما يتسمون به:
1-ان السلطات المركزية لهذه الدول هي نتاج عقليان و حجم و تةجهات القوميات السائدة التي لا تعترف بما يهم و يحق للقومية الاخرى من اي جانب سياسيا كان ام اقتصاديا ام ثقافيا و اجتماعيا ايضا . انهم من نتاج الثقافة و التاريخ و المعرفة ذاتها باختلاف بسيط بين هذا و ذاك فقط .
2- هؤلاء يتعاملون مع الواقع بمنطق القوة فقط نتيجة ما هم عليه و ما يبنون عليه حياتهم و تعاملهم المختلف الشكل سواء داخل الاسرة او المجتمع او التنظيمات التي ينتمون اليها، و العقائد و الايديولوجيا و المناهج التي يعتمدون لم تخرج من الافرازات التي انتجتها ثقافة و تاريخ الحروب و الفتوحات و ما برز منها من الجوانب كافة .
3- انهم دول غير ديموقراطية لازالت تبني سياساتها على ما تؤمن به دون مراعات الاخر, وو تبني مواقفها بناءا على ما يهمها فقط من بقاء سطوتها و سيادتها على حساب معيشة الشعوب المنتمية الى الاطار التي رسمت لهم عنوة .
4- لم يعتبروا لتلك البلدان التي تحوي القضايا ذاتها مثل بريطاينا و تعاملها مع اسكتلندا و ايرلندا، و اسبانيا مع كتلونا، و كندا مع الكيبك، و غيرهم من الدول . ومنهم من الشعوب التي رفضت الاستقلال من خلال استفتاءات مماثلة بطلاقة حريتهم و عظمة لسانهم .
5- لم نجد اليوم موقفا ازاء الاستفتاء المزمع اجراءه في كوردستان، و الذي يمكن ان نعتقد مبني على المتغيرت و المستجدات في المنطقة من قبل الحكومة المركزية المسماة بالفدرالية التي يمكن ان نستدل من هذا بانهم لا يمكن ان يتفاعلوا مع القضية بخطوة متقدمة من ما يمكن ان يقنعوا به الكورد على التراجع، و كل ما نسمع رسميا و من حتى المحسوبين على المثقفين بالتهديد و الوعيد و ما ينبع من عقليتهم وتاريخهم المبني على الغزوات و العقل الضيق الافق و العقيدة الصحراوية البعيدة عن المدنية، و لم نجد اي تعامل مع الموضوع وفقا لكل صاحب حق حقه، لا بل ما نراه لا يمكن ان نميزه عن ما كان تدعيه الدكتاتورية في الظروف المختلفة التي مر بها الكورد في حينه .
اننا نقول لو كان العداء لعملية الاستفتاء من قبل دول الجوار ياتي خوفا و خشية من ما تؤول اليه اوضاعهم بعد عملية الاستفتاء و اعلان الاستقلال و هم ايضا لديهم القضية ذاتها و يمكن ان نقول لهم الحق فيما يذهبون اليه، لانهم لم يصلوا الى حال لا يمكن ان يتراجع فيه الكورد عن هدفه، اما السلطة المركزية العراقية سوف تخطا لو عمدت على التعامل مع ما يجري بعقليتهم او وفق عقلية قديمة جديدة و بخلفية عقيدية عرقية دينية مذهبية .ان ابسط الطرق و اسهلها و انفعها هي التي تبنى على التوجهات و الافكار و الفلسفات الانسانية البعيدة عن المؤثرات الثانوية الاخرى .
ان ما عملت عليه بعض المقاطعات و الدول و الاقاليم و لم تصل الى الاهداف، لم تكن نتيجة استخدام القوةضدهم بدلا من التفاهم و الاصلاح و التقدم خطوات في توفير و ضمان الحقوق، لا و انما الرد كان انسانيا و لم يندفعوا الى استخدام القوة والا ستعاد الكرة مرات و لا يصح الا الصحيح بذاته في نهاية الامر، و لا يمكن ان يطول الامر من اجحاف جانب بحق الاخر الى النهاية مهما طال به الزمن و انما الاهم هو تجنب اهدار الدم و سفك دم الانسان للانسان بدوافع مصلحية حياتية يمكن حلها بالحوار و التفاهم و الاعتراف بما هو الحق و من هو المحق و ان كان الاستقلال هو الحل، فهذا ما اعتمدت عليه تلك الدول المقتمدمة و ما جرى فيهم من الامور المماثلة لما يجري اليوم في كوردستان و العراق.[1]