الكاتبة الصحفية فاتن صبحي: أفكار أوجلان عن المرأة نموذج رائع تنحني أمامه نساء الشرق الأوسط
تحظى المرأة بمكانة متميزة في أفكار وكتابات المفكر #عبد الله أوجلان# ، يكاد المرء لا يجد من تحدث عن قيمتها ووضع أسس عملية للارتقاء بها مثله.
وقد كانت هذه الكتابات ساحة توقف فيها كثيرون من المهتمين والمهتمات بشؤون المرأة وتجاربها خاصة ونحن نتحدث عن بيئة الشرق الأوسط التي تواجه فيها المرأة تحديات عضال، ومن هؤلاء فاتن صبحي الكاتبة الصحفية المصرية المتخصصة في شؤون المرأة، التي تؤكد أن أفكار عبد الله أوجلان قدمت نموذجاً رائعاً تنحني أمامه نساء الشرق الأوسط.
وأبدت فاتن صبحي، في حوار عبر الهاتف مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، إعجابها الشديد بأفكار أوجلان عن المرأة وإيمانه بأنها بداية حرية الأسر والمجتمعات وقوة جبارة في النضال السياسي والمجتمعي لا يجب تجاهلها، مشيدة بتجربة الإدارة الديمقراطية في مناطق شمال وشرق سوريا التي قدمت بدرجة كبيرة ترجمة عملية على أرض الواقع لتلك الأفكار.
وإلى نص الحوار:
*بداية ومن متابعتك لكتابات المفكر عبد الله أوجلان، ما الذي استوقفك بشأن المرأة؟
- عبد الله أوجلان في البداية يؤمن فكرة الحياة التشاركية، فهو يرى أن المرأة شريكة ومن أروع ما قاله إن حرية المجتمعات تبدأ عند حرية المرأة، بل واقعياً فكتاباته تقول إن المرأة أكبر من مجرد شريكة، هو يرى أن البداية من عندها وأنها المحرك الرئيسي لتحرير الأوطان وحريتها، أي لو تحدثنا عن التحرر من الاستعمار فهو يرى أن المرأة هي الأكثر حراكاً والأكثر قدرة على التأثير والعمل. ليس هذا فحسب، يذكر أن المرأة هي الأكثر وفاء وقد شاهد من خلال النضال والحركة على الأرض أن هناك من قد يتراجعون أو تضعف أو تخون، لكن هذا لا يحدث من جانب النساء، فهن أكثر وفاءً وحباً للأوطان، وهو يرى أن المرأة نواة التحرر من الاستعمار والاستبداد من الحكومات وغيرها من أشكال الاستبداد، وهو يرى أن استقرار الأسرة أن يكونا الشريكان من نفس الأرضية النضالية والثورية والفكرية أمر من شأنه خلق الاستقرار داخل الأسرة، ومن ثم استقرار المجتمعات، وعندما يغيب الاستقرار تكون الحياة مهتزة، وبالتالي تغرق الأسرة ويغرق المجتمع في المشكلات الاجتماعية، وبالتالي لا يكون لديهم قدرة لا لمقاومة الاستعمار ولا على مستوى مقاومة السلطات المستبدة أو الدفاع عن الحريات الخاصة والفردية.
*يبدو أنه كان يؤمن بشدة بقوة تأثير المرأة..
- بالفعل، أوجلان كان يرى أن المرأة قوة جبارة جداً، ولكن إذا وقعت مع شريك غير مناسب أي مستبد أو ذكوري أو لا ينتمي لنفس الفكر الحر للمرأة فإنه سيدمرها، ليس هذا فحسب، بل سيدمر الحراك الثوري ككل، لأن أوجلان يعول على أن الحرية تبدأ من عند المرأة، أي أن حرية المرأة والمجتمعات تبدأ من عند المرأة نفسها، واستقرار الأسرة نابع من استقرار المرأة، ما يخلق حراكاً ونضالًا أكثر.
*ما تقييمك لصدى هذه الأفكار على أرض الواقع؟
- أوجلان كان يرى أن المرأة الحرة يجب أن تكون مؤمنة بذاتها وقوتها، ولا بد أن تضع لنفسها هدفاً ثورياً وسياسياً ووطنياً في المقام الأول، ثم على ضوء هذا الهدف تبني كل اختياراتها السياسية والحياتية والفكرية وحتى الاختيار الاجتماعي أو الارتباط والحب، وعليه كان دائماً يتحدث عن فكرة عدم الوقوع أو الانزلاق إلى العلاقات الرخيصة والجري وراء الأهواء.
*ماذا يعني هذا؟
- أوجلان يريد تحرير المرأة من أي قيود يمكن أن تكبلها ويحاول دفعها نحو بناء نفسها، وهذا وضح حتى من خلال الفكر والنقاش عن مفهوم الجمال، بمعنى إذا سألنا ما هو الجمال؟ وهنا فإنه يرى أن المرأة لا يجب أن تنغمس في مسألة أن تكون وردة جميلة أو مجرد زينة في نظر الرجل، وإنما جمال المرأة في وعيها وعملها على فكرها وتثقيفها وأن تكون لها إرادتها السياسية وقدرتها على المواكبة والنضال والمشاركة وأن تسعى لأخذ وضعها في العمل السياسي. وكل الآليات السابقة يحاول أوجلان بها بناء إنسان سواء امرأة أو رجل، فالاثنين نفس الكيان لدى أوجلان وهو يحاول بناء الإنسان على هذا الأساس، يحاول ترميم ما قامت بها المجتمعات الرجعية والمجتمعات التي أثرت فيها الأصولية الدينية وحتى الحكومات العسكرية والاحتلال وهيمنة الحكومات.
*هذا يجعلني اسألك، كيف كان يرى تأثير الحكومات المستبدة على المرأة؟
- الحكومات المستبدة هي التي ساعدت على رواج فكرة ذكورية الرجل، لأن هذه الحكومات رأت أنه طالما سيطر الرجل على المرأة لن يكون لديها فرصة للحديث عن الحرية، وتلك الحكومات تعلم في الوقت ذاته أن المرأة لو آمنت بحريتها ستتحرك حراكاً ثورياً لن تستطيع مواجهته، لأن تلك الحكومات المستبدة تستطيع تكبيل الرجل لكنها لن تستطيع مواجهة قوة المرأة عندما تؤمن بالحرية. وبالتالي كل هذه آليات يضع بها أوجلان أرضية قوية لإيمان المرأة بنفسها، حتى هو قد ذكر أن المرأة إذا لم تستطع تقويم ذاتها فإنه لن يكون هناك من يقومها، إلا أنه في الوقت ذاته يطلب من المجتمع أن يعين النساء على تحرير أنفسهن وأن تتواجدن في الحركة النضالية، وهو بالأساس يعول على أن يكون لدى المرأة الإرادة لتقويم نفسها وأن تحرر نفسها، لأنه إذا لم تكن مؤمنة بنفسها فلن تجد من يؤمن بها.
*إذا نظرنا إلى تجربة الإدارة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، هل ترين أنها عكست الترجمة العملية لأفكار عبد الله أوجلان؟
- بالطبع، تجربة الإدارة الذاتية عبرت بشكل جيد للغاية عن قيمة ومكانة المرأة من خلال فكرة الإدارة المشتركة، ودور النساء في إدارة شؤون هذه المنطقة أمر مهم جداً منحها قوة وثقة، وقدم نموذجاً رائعاً للغاية على مستوى الشرق الأوسط والعالم العربي جعل كثيرات يتوقفن أمامه وينحنين له. بالتأكيد لا تزال هناك بعض المطالب في شمال وشرق سوريا وبعض القوانين والأحوال الشخصية، ولكن بصفة عامة الواقع جيد جداً على المستوى الرسمي، ونحن كنساء مصريات أو كنساء دول الشرق الأوسط نتمنى تفعيل هذا النموذج لدينا لو أتيحت لنا الفرصة لذلك.
*وهذا يذهب بنا لسؤالنا الأخير، هل أفكار أوجلان بشأن المرأة يمكن تطبيقها في مناطق أخرى أو تصلح لبيئات سياسية أخرى في الشرق الأوسط غير الكردية؟
- أفكار عبد الله أوجلان بشأن المرأة تصلح للنساء بشكل عام وليس في الشرق الأوسط فقط، وستحقق إنجازات كبيرة، لكن إذا تحدثنا عن البيئة السياسية فلا يزال في المنطقة هناك قدر كبير من القمع والانفراد بالسلطة، وحتى اختيارات النساء للمناصب لا تتم بوعي ولا على أساس مستوى الخبرة، ولكن تتم لمجرد تجميل صورة الحكومات أي ديكور، ولا توجد إرادة ذاتية لدعم المرأة، وحتى النساء أنفسهن للأسف كثيرات منهن غير مؤمنات بذواتهن.[1]