الثقافة الكوردية المتميزة من مقومات بناء الكيان الخاص به
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5489 - #12-04-2017# - 23:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
ان كانت الثقافة هي مجموع الانتاح العمل و الفكر و المعرفة و العلم المتوارث من جيل لاخر عبر التاريخ الانساني للمجتمع، و خصوصياته المعيشية التاريخية تجعل ثقافته خاصة و لا يمكن ان تشبهه الاخريات لما تتصف بها المجتمعات الاخرى من ثقافات مختلفة مهما كانت قريبة منه نتيجة الظروفالعامة و الخاصة المختلفة لدى كل مجتمع، او ان لم نكن على الخطا لدى كل مجموعة معينة في كل بقعة معينة ايضا . او ان كانت الثاقفة هي اعداد شيء او اداة من معدنه الصرف او المجرد لانتاج حال او عقلية جديدة تختلف عن الاخر الذي يمر بظروف و وقائع و تاريخ مختلف في جغرافيا خاصة به في ظل عوامل و مقومات خاصة مختلفة به ايضا .
و ان كان الكورد في تاريخهم يتمتعون بالافكار و العقائد و التوجهات و الاخلاق و الفن و القوانين الاجتماعية العامة و العادات و التقاليد و اسلوب العمل والفن و اللهو و التمتع بخصوصية العيش و السعادة الخاصة بهم دون المكونات الاخرى و ممكن التميز بينهم و الاخرين بشكل جلي، نتيجة ما يمكن ان يكتشف منه مما يضمر و يميزه في لحظة معينة دون جهد يذكر، فانهبثبت بما لديه انه يمتلك و يتصف بثقافة خاصة به لا يمكن باي شكل كان ان تتطابق مع ما يمتلكون من الاخرين من المكونات الاخرى . و هذا ينطبق على البقع او الدول الاخرى التي تحوي شعوبا و كيانات و مكونات مختلفة و بالاخص في دول الشرق الاوسط و البلاد النامية نتيجة الفرق الواضح بين القوى السائدة و المسيودة التي اصبحت متمايزة و مختلفة فيما بينها بشكل كبير و واضح بعد مسيرة غير عادلة في حكم المنطقة .
من هذا يمكن ان نقول و دون تعصب بان ثقافة الكورد اخذت قالبا و شكلا خاصا به، كما هو حال المكونات الاخرى، و يمكن ان نجد الاختلاف الجوهري في فحوى كل منها من ما نمسيها الثقافة العامة و الخاصة نتيجة اختلاف الارضية و البنى التحتية و الفوقية لما يمس كل منهم .
ان كانت هناك علاقة جدلية واضحة بين الوضع الثقافي و السياسي و الاقتصادي لكل مجتمع او مكون على حده و مختلف عن الاخرو هو يتاثر بالبعض، اي الثقافة بالسياسة و الوضع الاقتصادي، فاننا لا يمكن ان نجد مكونات او مجتمعات مختلفة مهما تقدمت في مسيرتها ان تكون ثقافتها موحدة متلازمة او موحدة ان حسبنا للجغرافيا و التاريخ تاثيراتهما كعوامل لبيان الثقافة العامة للمجتمع، اوفى ما يتصف به الشعب خلال مراحل حياته من كافة النواحي . فكيف بشعوب و مكونات لا نجد انسجاما او تلاقيا ولو بنسبة معينة في التاريخ السياسي و الاجتماعي و الجغرافي بينها .
هنا نتكلم بصراحة و لا يمكن ان تؤثر الايديولويجا على تفكيرنا في هذه الناحية، و نقول؛ ما لا يمكن ان نجده على ارض الواقع و لم تتاثر به الثقافة العامة هو ما يتصف به معدن المجتمع الاصيل بعيدا عن المظهريات او القشرة التي تنزاح في مهب نسمة بسيطة فقط. ومن خلال الاعتبار للعقيدة او الفكر العام التي تعلمناه و هو ما يفرض الاطار الضيق للكلام عن الاختلافات الموجودة اصلا بين ثقافة المكونات من اجل الوحدة السياسية فقط فاننا لا يمكن ان نجد حتى نافذة لندخل منها كي نؤكد بانه من الممكن ان تكون هناك ثقافة عامة موحدة للمكونات المختلفة للشعوب المختلفة في العالم . و هذا ما ينطبق على الشعب الكوردي، فان ندع الاختلافات حتى بين المدن والمحافظات و المذاهب في جوهر ثقافتهم جانبا، لو قيمنها بشكل علمي و واقعي بعيد عن المحددات و الشروط الايديولوجية و السياسية المفروضة فاننا نعيش في عوالم مختلفة. و مختصر لما تكلمنا عنه، بكل ثقة نقول بان لكل مكون عراقي هويته الثقافية الخاصة و في مقدمتهم الشعب الكوردي الذي يتميز بشكل واضح و صريح و بيّن عن الاخريات بنسبة كبيرة . و لهذا لا يمكن ان يحس اي فرد من اي مكون بانه يمكن ان يحتويه المكون الاخر في كل مسار حياته و بثقافة واحدة، و نتكلم هنا بعيدا عن المصالح الخاصة التي تفرض احيانا تهميش ما يمكن ان تؤمن به او تتمتع به اساسا في عقليتك و معدنك و تفرض ما يهمك على ما تؤمن به و تتصف به عفويا كما حصل لدى المستعربين من الكورد لجى الاحيال المتلاحقة في المناطق العربية اوالتركية او الفارسية او في اية دولة اخرى .
و ياتيك احد و يقول فكيف يمكن ان نتلكم عن الدول المتقدمة التي اندمج فيها حتى اللاجئون مع السكان الاصليين، فاننا نقول ليس هذا صحيحا في الجيل الواحد، لان هناك فروقا شاسعة بين حياة اللاجيء المولود في بلده مع الاخرين، الى ان ياتي الجيل التالي و يتخذ ثقافة البلد المولود فيه، و يمكن ان يندمج نسبيا ايضا بما تتمتع به عائلته من الثقافة المختلفة . فهذا في الدول المختلفة، فكيف بدولة متخلفة متعصبة قوميا و دينيا و مذهبيا و ما تتمتع به من ثقافات تضع حدا للاندماج، و كما نشاهده في اجيال متتالية في منطقتنا نتيجة الارضية و التاريخ و الجغرافيا المختلفة غير المتلاقية مع البعض في اي جانب او زاوية كانت .
ربما يتعجب بعض عما نتكلم عنه في وقت نعرّف فيه المرحلة بعصر الذي يدعونه بالعولمة و ما وصل اليه العالم من اعتباره اصبح قرية واحدة، فهذا صحيح ضمن التقنيات الالكترونية و التقدم الصناعي و ليس الثقافة الخاصة و العامة، و لا يمكن ان تندمج الثقافت طالما بقت اللغات و العادات و التقاليد و الخصوصيات المختلفة عن البعض على حالها . و عليه فان لم تندمج مكونات متعايشة مع بعضها لقرون نتيحة عدم التلاقح او التواصل بسبب الخصائص المختلفة التي تفرض الاختلاف في الثقافة فيما بينها وتمنع معها التلاقي الثقافي و الاندماج باي شكل كان، فكيف يمكن ان تتوحد ثقافاتهم العامة .
و عليه، عندما نجد ان التاريخ و الجغرافيا التي صنعت الكورد في اكثر الاحيان متمردا و قويا و لا يمكنه الا ان يكون كوردا، فانه له ثقافة خاصة به و بما يمتلك من المؤثرات الذاتية على بقاء تلك الثقافة على حالها مهما كانت التاثيرات الخارجية التي تهدد انسلاخه من ثقافته، كما حصل خلال السنين العجاف للحكام المسيطرين على السلطات التي مكنت من تهميش الثقافة الخاصة للمكونات البعيدة عن المركز، و لم تتمكن في نهاية الامر من مسحها، و بانعطافة سياسية عادت حتى التغييرات البسيطة التي حدثت لها الى اصالتها، هذا في العهود الغابرة و الحديثة ايضا، فهل تمكن الاسلام من تغيير الثقافة الخاصة بالكورد و مسحها من اصلها ام لازالت تتمتع بما لا يمكن لاي دين ان يزيحها عنهم .
اذن، الثقافة العامة المختلفة التي لها خصوصياتها التي لا تشابه الاخريات لدى المكونات الاخرى، هي الداعم و الدافع و العامل الاهم لبناء كيان خاص لكل شعب او مجتمع اومكون، و الكورد في هذا الوضع الذي يتمتع بالمقومات العديدة و منها الثقافية التي تمهد لما يامله ابناءه من تحقيق ابنائهم مهما طال الزمن به .
و عليه صدق الاولون عندما قالوا ان الكورد لا يمكن ان ينصهر طالما تمتع بمميزات و افعال وطقوس و تقاليد و عادات و توجهات و ثقافات خاصة به، و الاقدمون قالوا لا تخافو على الكورد طالما كان لديهم دبكتهم الخاصة بهم، و هذا تعبير خاص بالثقافة الخاصة في مفردة منها، و تنطق بها العامة من الشعب دون اي تعمق و تحليل و تقييم فكري علمي مستند على الاسس الخاصة الساندة له.[1]