الهجرة من يقف وراءها
آلدار آمد
إن موضوع الهجرة وانتقال الانسان من بقعة جغرافية إلى أخرى عبر التاريخ قد حدثت لأسباب عديدة ومختلفة فقد كانت للظروف الاقتصادية والمعيشية التي لها دور كبير قديماً فعدم توفر الغذاء والماء أو شحهما كانت لها الأثر الأكبر في انتقاله وهجرته من مكان لآخر وكانت للظروف المناخية والبيئية دورً آخر في هجرة الإنسان إلى بقعة جغرافية أخرى لتأمين استمرار حياته كما كانت للصراعات والحروب دورها الآخر في انتقال القبائل والعشائر الصغيرة والضعيفة من أماكنها وتركها لغازيهم الأقوياء.
لم تكن خلال هذه الفترات قد تكونت الأمم والأقوام بعد ولم تعرف الحدود السياسية والإدارية للبلدان والأوطان، أما في العصر الحديث فتتم الهجرة كما هو معروف من نصف الكرة الأرضية الجنوبية إلى نصفها الشمالي أو بقول آخر من البلدان النامية إلى البلدان الصناعية والمتقدمة بحثا عن الحياة الكريمة أو هرباً من الأنظمة الديكتاتورية الاستبدادية وتوجهها نحو بلاد الغرب (الديمقراطي) وقد شهدت كردستان ظاهرة الهجرة كما غيرها نتيجة تعرض بلاد الكرد للاضطهاد والظلم والتقسيم ونتيجة للمارسات السياسية المجحفة بحق أبناءها فتكونت جاليات كردية كبيرة في بلدان المهجر مثل ألمانيا ولبنان وغيرها.
في الوقت الراهن وبينما تشهد منطقة الشرق أحداث وتطورات دراماتيكية متتالية أحدثتها أدمغة الحداثة الرأسمالية بغية إيجاد حلول ومنافذ لها من أزمتها الخانقة التي تمر بها ولإنقاذ نفسها من هذه الأزمة تعمل بكل جبروتها وإمكاناتها الهائلة على إجراء تغيرات سياسية وديموغرافية في منطقة الشرق الأوسط التي كانت دائما المنقذ لهم ولأزماتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
كردستان بأجزائها الأربعة هي من ضمن تلك المخططات والمؤامرات ولها حصتها الأكبر منها، فالحداثة الرأسمالية التي تركز على كردستان أكثر من غيرها لأنها منبع الطاقة الأساسي في العالم.
خلال أحداث الشرق الأوسط والتحركات الشعبية تظهر الحركة الكردية بصورة أذهلت إدارات ومخططوا الحداثة الرأسمالية حيث كانت ثورة روج آفا طفرة بالنسبة لهم وغيرت حساباتهم رغماً عنهم بينما في الحقيقة كانت نتيجة حتمية لنضال عمره أكثر من أربعين عاماً نتيجة لفكر علمي وثوري استند إلى الواقع الاجتماعي والسياسي وتعمق في دراستها وتحليلها من خلال الفلسفة اللأوجلانية التي ارتكزت على إرادة الشعوب وحريتها فكانت من أولويات هذه الفلسفة كما ابتعدت عن الربح والاستغلال المادي للشعوب الذي هو غاية الحداثة الرأسمالية. وبذلك اصطدمت الحداثة الرأسمالية بهذه الفلسفة التي توسعت أفقياً وعمودياً وبدأت تنتشر بين أبناء شعوب المنطقة عامة والتي وجدت فيها الخلاص ولهذا بدأت تعمل على ضرب وإفشال هذه الفلسفة من خلال أساليب عديدة ومتنوعة بدءاً من الحرب المباشرة وباستخدام تكنولوجيتها المتطورة من الأسلحة ضد الشعب الكردي وحركتها من خلال تركيا في #شمال كردستان# وعصابات #داعش# الإرهابية في روج آفا بالإضافة إلى عملائها من الداخل الكردي كما عمدت إلى تشويه صورة هذه الفلسفة وهذه الحركة عبر الامبراطوريات العملاقة التي تملكها من وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة ووسائل التواصل الاجتماعي كالانترنت والفيسبو ك وغيرها.
بعد فشل كل هذه المحاولات في القضاء على المشروع الديمقراطي عملت على ابتكار جديد ألا وهو إفراغ كردستان وروج آفا من سكانها وتغيير ديموغرافيتها كحل نهائي لها لتنفيذ مآربها ومخططاتها في كردستان والشرق الاوسط فأوعزت إلى كل حلفائها في المنطقة والعالم على تسهيل عمليات الخروج من #روج آفا وكردستان# عبر حدودها وبأسعار خيالية ليتسنى لأكبر عدد من الكرد الخروج ومغادرة بلادهم وبحيث أصبحت الهجرة بمتناول كل إنسان كردي، هذه الشبكة الممتدة من الجنوب الكردي إلى تركيا واليونان إلى الغرب الديمقراطي كما يزعم.
يبقى أن نقول هناك حاجة وطنية وقومية لاستنفار جميع القوى الكردية والوطنية من أجل توعية أبناء شعبنا على هذه الظاهرة الخطيرة التي تمهد السبيل لإنجاح المؤامرات التي تحاك ضد شعبنا الكردي وأن لا نكون العصا التي تسندهم في تنفيذ مخططاتهم وكردستان التي تم إرواءها بدماء الشهداء يجب أن تكون عصية عليهم وأن تكون مركز اشعاع جديد للبشرية برمتها.[1]