نعم هي قضية أرض وشعب ولكن بالعمل وليس بالشعارات!
زوهات كوباني
الكل يدعيّ بأن قضيتنا في سوريا هي قضية ارض وشعب. هذه المعادلة اتفقت عليها الاحزاب والأشخاص والتنسيقيات والمنظمات…الخ. لنقل مبدئيا بان قضيتنا هي قضية ارض وشعب. اذا كانت القضية هي قضية الارض، فكيف يجب ان ندافع عن هذه الارض؟، هل بالهروب من الارض وتركها للاخرين يعيثون فيها فسادا ودمارا ؟. ام يا ترى بالتشبث بالارض والدفاع عنها بكل الامكانيات المتوفرة، العلمية والسياسية والعسكرية والدبلوماسية والمادية والمعنوية، رغم كل الصعوبات والضغوطات الناتجة عن الحصار والهجمات على مختلف الصعد؟. كيف سنثبت للعالم ان قضيتنا هي قضية ارض، وهذا الكلام موجود في شعارات ولوائح جميع الاحزاب والمؤسسات، كما أسلفنا، بينما ونحن نهرب من هذه الارض؟. فهل روجافاي كردستان اول ارض تخاض عليها الحروب والمواجهات، وتتعرض للهجمات والحملات؟ هل يمكن تثبيت قضية الارض فقط بالشعارات ام بالدفاع عن هذه القضية وعن هذه الأرض؟. وكيف يمكن ان نتخلى عن ارضنا وهي قضيتنا الاساسية؟. ما هي مهمات ووظائف وواجبات دعاة قضية الارض، وخاصة في هذه المرحلة التي تعيش #روج افا كردستان# فيها هجرة مكثفة إلى خارج ارض الأباء والأجداد. يتم الهروب من الأرض الى أرض أخرى تبعد مسافات شاسعة تبلغ الاف الكيلومترات، ويقطع فيها الكردي القارات والمحيطات والغابات والانهار. يصبح في مرات كثيرة طعاما للاسماك، أو يختنق داخل الشاحنات. وعندما يصل الكردي الى البلدان الأوروبية، يصبح وجها لوجه أما الاستجداء في بيئة غير بيئته ومع ناس غير ناسه.
البعض يفكر بالعودة مجددا الى روجافاي كردستان، ولكن البعض الاخر رغم مغادرته أرض الأجداد منذ زمن طويل، ولكنه لا يترك فرصة الا ويعمل على استغلالها لاخراج كل أفراد عائلته واقاربه، وهو يفعل ذلك ويؤكد على إنه من اصحاب قضية الارض، ومن الذين يطالبون الناس التمسك بتراب الوطن!!. البعض يتحجج بتركه الارض متهما قانون (واجب الدفاع الذاتي) بأنه هو السبب، لأنه يفرض عليه الدفاع عن أرضه! .لنسال هذا الشخص: اذا أنت لم تدافع، واذا أنا لم أدافع، فمن يدافع عن هذه الأرض؟، هل تنتظر بأن يحرر الاخرون أرضي وأرضك، ويجعلون منك، بعد ذلك، سيدا في هذه الارض؟. وهل قرأت التاريخ وعلمت كيف حررت الشعوب ارضها من الاستعمار، وكيف حمت ترابها من المحتلين الطامعين؟. الكل يعلم بأن تحرير الارض و الوطن يتطلب الدفاع والتضحية والارتباط الوجداني والعضوي بها والذود عنها بالدم والروح.
هناك من يبيع ارضه لمكونات أخرى، ويقول عمّ الغلاء في منطقتنا، وأضطرنا للخروج؟ فكيف لك أن تتجرء وتدعيّ الوطنية والارتباط بالأرض، وأنت الذي بعت بيتك وارضك للأخرين، وهربت من الوطن إلى الاف الكيلومترات؟. والكثيرون لم يزوروا الارض التي يدعون الارتباط بها. انظروا الى تاريخ الثورات، تاريخ الشعوب، تاريخ الحروب التحريرية، والمصاعب التي عانتها الشعوب في سبيل
الحرية والاستقلال، لذلك يجب ان نعيد تعريف قضية الارض من جديد، وندرس ونناقش كيفية ومدى الإرتباط بها؟.
يمكنك وانت خارج الوطن ان تدافع عن الارض في ميادين الدبلوماسية والسياسة وتنظيم شؤون الجالية الكردية، ولكن حتى البعض في أوروبا لا يدافعون عن الارض عبر هذه الميادين، بل يكتفون بالكلام السهل الذي لا يكلفهم أي جهد أو مال. هؤلاء اصبحوا مشردين، ومتسولين يصطادون الفرص لإستغلال معاناة الناس في الداخل، فيتصدرون وسائل الإعلام المعادي، والمؤتمرات المدفوعة من قبل خصوم الكرد، ويتزين هذا الرهط بربطات العنق الملونة والكلام الكبير الأجوف. وفي الداخل اصبح البعض منهم مرتزقة يقدمون أنفسهم وأهلهم كبنادق للإيجار. يحاولون أن يكونوا كما كان أقرانهم في كردستان الجنوبية، وكردستان الشرقية، وكردستان الشمالية ( جحوش وحماة قرى). هؤلاء يدعوّن النضال والعمل من أجل الأرض وقضية الشعب، ويقتنصون في فوضى المصطلحات.
هل فكرنا بكيفية حماية الأرض وبنائها؟. كيفية تنظيم شؤون الناس، وكيفية حماية البيئة على الارض من اجل حماية الحياة نفسها؟، هل عملنا على جعل ارضنا جميلة مثل حديقة متنوعة الازهار والاشجار والورود؟. ماذا فعلنا للحفاظ على مياه هذه الارض وينابيعها؟، وهل أقمنا نوعا من الصداقة والترابط مع الارض، وجعلنا علاقتنا مع التراب والماء علاقة عضوية وجدلية، وعلى أي أساس نقف في وجه الذين يريدون ان يحولوا الارض الى جهنم؟ أو أولئك الذين يسمسرون على مصير الوطن ويجعلون منه سلعة للتربح، مع الفرار منه في أول فرصة تلوح لهم؟.
اذا قلنا ان قضيتنا هي قضية أرض وشعب، فما الذي يحتاجه هذا الشعب المضطهد المستهدف في أرضه ووجوده؟.وهل فكرنا كيف يعيش أفراد هذا الشعب؟. ما هو وضعه الاجتماعي والسياسي، وهل طوّرنا مستوى وعيه العملي والمعرفي؟، وكيف سنحمي هذا الشعب؟ اذا كنت صاحب كفاءة علمية فلتسأل نفسك: هل وضعت هذه الكفاءات في خدمة الشعب؟. ,واذا كانت صاحب الامكانيات المادية، هل وضعت تلك الامكانيات المادية من اجل تطوير وضع الشعب الاقتصادي؟، واذا كنت صاحب امكانيات معرفية وفلسفية، فما مدى مساهمتك في توعية الشعب وتطويره من الناحية المعرفية؟.
للننظر الى الشعب ولننظر الى المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها، هل يوجد في بيت المواطن البسيط رغيف خبز، هل امكاناته المعيشية مساعدة لرفع من مستوى المعيشة، وهل طورنا مشاريع اقتصادية من أجل تطوير حياته والارتقاء بحالته؟ مامدى تفهمنا لهذه المشاكل، وهل استمعنا الى الشعب ومشاكله ومعاناته، ام اننا نعتبر انفسنا ندافع عن الناس، والناس لا تعرفنا كوننا نعيش بعيدين عنهم؟.ومن الناحية المعرفية ، اذا كان الجهل متحكم في الناس فما هو دورنا في توعية الناس وعموم أفراد الشعب، وجعلهم متنورين لديهم القدرة على تحليل القضايا التي يعانون منها بشكل علمي، وهل مدى تطويرنا لتدريب الناس من الشبان و المسنين والرفع من مستوى وعيهم، وخلق شخصية كردية علمية اصيلة مستقلة لديهم، لا يصب في أولى مهامتنا كمناضلين وساسة؟.
أما من الناحية السياسية، فهل استطعنا ان ننشر التثقيف السياسي وننشر الوعي فيصبح الناس قادرون على تحديد مشاكلهم والبحث عن حلول جذرية لها؟.وأيضا هناك قضية المرأة والمعاناة التي تعانيها هذه الشريحة الواسعة من الشعب، كيف ننظر الى حقيقتها، ومدى عملنا على تحرير المرأة، وذلك بتحرير انفسنا من العقلية الذكورية المهيمنة البعيدة عن الكدح والانسانية؟. وهل فكرنا بعدد النسوة اللواتي
تنتحرن نتيجة ظلم الرجل، فلماذا لا نفكر بكل هذه الامور، وبكيفية تحرير هذا الشعب، واذا كانت عقليتنا مع اضطهاد المرأة، فكيف سنحرر الشعب والرجل الذي يطبق كل انواع العنف والشدة بحقها؟. وفيما يخص الاطفال، كيف ننظر لهذا العدد الكبير من الاطفال، وكيف نقوم بتوعيتهم وتنميتهم بشكل صحيح وعلمي، وهل عملنا من اجل تحقيق مافي مخيلة الطفل، وما الملطوب منا لجعل اطفالنا بأن يكونوا قدوة لاطفال العالم؟. وكذلك في الجانب المادي، هل وضعنا امكانياتنا المادية في خدمة الشعب، ام اننا، رغم وضعنا المادي الجيد، لا نفكر بالشعب ولا نعمل على تحسن وضعه المادي؟.
يجب أن نأخذ كل هذه الجوانب المتعلقة بالارض والشعب في عين الحسبان، وأن نقيّم ذاتنا بشكل صحيح، لنصل الى المفهوم الصحيح للارض والشعب، وعندها يمكننا القول ان قضيتنا هي قضية أرض وشعب، ولكن هذه المرة عن معرفة وقناعة علمية حقيقية.[1]