اسبوع الدبلوماسية العالمية
سيف دين عرفات
شهدت السنوات الماضية دبلوماسية عالمية اتصفت بشكل عام بالمراوحة في المكان على الاقل بشأن القضية السورية المعقدة على الرغم من وجود أكبر الكوارث والمصائب الانسانية التي حدثت لكل المكونات السورية ، كانت مراوحة في المكان للتسخين السياسي والتهيأ للسير الى الامام او اليمين واليسار دون الرجوع الى الوراء، ويبدو أن الطبخة السورية باتت شبه جاهزة وبدأ الضباب ينقشع وسيتم رؤية كل شيء على الطبيعة.
مهما يكن اتجاه السير أصبح مصير الطاغية الاسد في مهب الرياح وستتضح بعضا من معالم الخطة السورية خلال الاسبوع الحالي من خلال خطابات ونقاشات عمالقة الدبلوماسيين في العالم وسيتضح الامور شيئا فشيئا من خلال تصرفات الدول على أرض الواقع وليس من خلال تصريحاتهم فهناك مَن يصرح ويقوم بعكس ذلك على أرض الواقع وروسيا وأمريكا وتركيا أمثلة صارخة على ذلك، على أية حال فهذا التحرك الدبلوماسي الآن هو أقوى تحرك جدي دبلوماسي منذ اندلاع الحرب الاهلية السورية ومنذ بيان جنيف الاول قبل ثلاثة سنين والتحرك يستهدف انهاء الحرب الاهلية السورية كما هو معلن.
مَن استمع الى خطابي أوباما وبوتين البارحة والى خطابات الآخرين سيعلم بأن الضوء في نهاية النفق لا زال بعيدا وخافتا، والسبب الوحيد الذي أراه في تحقيق آمال السوريين هو الضغوط الرهيبة الشعبية والدولية والعالمية على كل الاطراف في سبيل تحقيق تلك الآمال، بحيث أن تلك الضغوطات التي تتعرض لها الجميع ستدفع الى فتح كل الابواب لمفاوضات جادة بين أوباما وبوتين ومحادثات كثيرة جدا في أروقة وصالات وغرف الامم المتحدة في نيويورك وفي هذه الايام وذلك بين الامريكيين والروس والاوربيين والايرانيين والعرب وغيرهم.
أسباب تلك الضغوطات كثيرة جدا ولكنني سأشير الى سببين أساسيين وهما:
أولا – وصول تأثير الحرب الاهلية السورية ولو بشكل غير مباشر الى الاوربيين بواسطة وصول موجات اللاجئين المتكررة التي سوف لن تتوقف الا بعد الوصول الى حل يكون وقف القتل عنوانه.
ثانيا – تمدد التأثير الروسي من الساحل السوري الى العراق بعد أن تم اعلان وجود غرفة استخباراتية مشتركة بين ايران وروسيا والعراق تحت مسمى محاربة داعش وهذا العمل يُزيد من مخاوف الامريكيين بشأن التمدد الروسي في منطقتنا.
يتفق الجميع الآن على حدوث شيء ما ولكن ما هو؟ وهل هناك قوى وعوامل لتحقيق ذلك؟ وعندما لا يتم الاجابة على تلك الاسئلة ولا يُصار الى تحقيقها فهذا سيعني الرجوع مرة ثانية الى المراوحة الدبلوماسية في المكان واطالة الازمة السورية الى امد بعيد جدا.
في اوروبا لا يزال تذبذب سياسة لجوء الهاربين من الموت وسياسة التوصل الى حل هو عنوان المرحلة، بل وأن ذلك هو واقع الحال على المستوى الداخلي للدول الاوربية، وأورد مثالا على ذلك، فقد قال نائب المستشارة ( رئيسة الوزراء ) زيغمار كبرئيل بضرورة رفع العقوبات الاوربية بشكل واضح على روسيا (التي حدثت بعد الازمة الاوكرانية) ومساعدتها للعب دور هام في الازمة السورية، ولكن رُفض ذلك الاقتراح من قبل المستشارة ووزير الخارجية، علما بأن الاخير والنائب ينتمون الى حزب سياسي واحد، وهذا يدل بشكل واضح على مدى التململ والتذبذب الواضح بشأن الخطوات الدبلوماسية والعملية التي ستلجأ اليها ألمانيا وقس باقي الدول على ذلك.
أن فظاعة الطاغية الاسد والسخرية البوتينية وتعنته واصراره على بقاء الاسد يؤدي الى مزيد من التعقيد ومزيد من القتل والدمار، وهذا طبعا ليس حبا بعيون وقامة الاسد ولكنه لكسب مزيد من الوقت لروسيا لارساء قواعد وقوة عسكرية تكون الضمانة الحقيقية لتحقيق مصالح روسيا في منطقتنا وروسيا الآن ضمّن على الاقل عدم السماح لمد انبوب قطري للغاز والبترول من الساحل السوري الى اوربا ليكون بديلا عن بيع نفط وغاز بوتين الى اوربا وهذا يعني بقاء اوربا تحت الابتزاز الروسي على الاقل في السنين القادمة.
وأخيرا انا لا استبعد ولا أستغرب التوصل الى حل في سوريا يتم فيه اعادة تأهيل الاسد وابقائه على رأس السلطة لمدة معينة تحت عنوان القضاء على دولة ( الخلافة الاسلامية )، فلنرى ماذا سيتمخض عن اسبوع الدبلوماسية العالمية في نيويورك؟[1]