لماذا يقتل حزب العدالة والتنمية الأطفال والنساء ؟
في العام الماضي سمعت امرأة عربية من (روج آفا) تقول “نحن تعلمنا أصول التنظيم من #المرأة الكردية# . بفضل نضالها خرجنا من المنزل وبدأنا بالاعتماد على أنفسنا. صرنا نخوض في السياسة وفي مشاكل مجتمعنا. صار لنا رأي ووزن الآن”. المرأة الكردية التي حاربت “داعش” وقارعت مقاتليه، وتصدت لهم، نالت شهرة عالمية، وأصبحت لكل نساء العالم رمزا للمرأة المدافعة المقاومة الحرة.
شهرة المرأة الكردية لم تبدأ مع مقاومة كوباني كما هو شائع، لكن المرأة الكردية معروفة عبر التاريخ الطويل بشموخها ورفضها للظلم والانصياع. التاريخ الكردي يحدثنا عن المقاومات اللواتي رفضن الرضوخ للظلم والاستكانة للغبن. هذا التاريخ من المقاومة، دونه العديد من السياح والرحالة والمبشرين الأوروبيين، وتحدثوا عن وجود وشخصية المرأة الكردية في البيت وفي العائلة وفي القبيلة وفي المجتمع.
في القرن التاسع عشر برزت نساء كرديات مقاومات، منهم “فاتا ره ش” و”ظريفة خانم” التي قاتلت مع زوجها “علي شير” المحتلين في انتفاضة ديرسم (1937-1939)، و”ليلى قاسم” المناضلة في حركة التحرر الوطنية في جنوب كردستان، و”ساكنة جانسز” وغيرها من المناضلات في صفوف حركة التحرر الكردستانية، والتي صدرت المرأة لتتبوأ المناصب والمسؤوليات القيادية والريادة في النضال والمقاومة، حيث كان للمرأة الدور الكبير في كسر القيد الحديدي من حول معصم الشعب الكردي. في سبيل تحقيق المجتمع الحر والكريم كانت المرأة في المقدمة دائما.
المرأة الكردية لا تقود التغيير في المجتمع الكردي فقط، بل تقود التغيير الديمقراطي في عموم منطقة الشرق الأوسط. المرأة الكردية أصبحت مرجعا وأملا لعموم نساء الشرق الأوسط. هي التي تأخذ بيد المرأة وتدلها على طريق النضال والتحرر من العبودية وسطوة الذكورة والقهرية النابعة من العادات والتقاليد البالية. لهذا السبب يستهدف أعداء الشعب الكردي هذه المرأة ويصوبون إليها سياساتهم الحاقدة الرامية في القضاء على الكرد والنيل منهم في كل مكان.
في شمال كردستان نجد بأن الحرب التركية المعلنة على الكرد تستهدف بشكل رئيسي المرأة الكردية، وتهدف إلى القضاء عليها وعلى جذوة النضال والمقاومة لديها. لذلك فإن العدد الأكبر من الشهداء يكون ضمن صفوف المرأة. الجيش التركي الذي يدمر المدن ويقصف البيوت الآمنة، يقتل كل من يقع في طريقه. لا تفرق آلة الحرب التركية بين طفل وامرأة أو رجل. عشرات الجثث تبقى لأيام طويلة في العراء لأن قوات الجيش التركي لا تسمح للأهالي بنقلها إلى المدافن.
بحسب منظمات حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية فإن قوات الجيش التركي قتلت في الأشهر الستة الماضية خلال عملياتها في القرى والمدن الكردية، ما يقارب من 300 شخص، نصف هؤلاء من النساء والأطفال. الجريمة الوحشية التي أرتكبها الجيش التركي مؤخرا بقتل كل من “سيفي دمير” عضو مجلس بلدة “سلوبي” لحزب الشعوب الديمقراطي، والناشطة النسوية “فاطمة أويار”، والمواطنة “بكيزة ناير” كانت الأعتى إجراما على الإطلاق. لكن رغم كل هذه الجرائم ورغم حملات الحرب، فإن المرأة سوى تواصل مسيرة المقاومة والنضال. حركة المرأة الحرة في مؤتمرها الأخيرة أكدت على ضرورة تصعيد النضال والمقاومة من أجل إفشال سياسة القتل والتطهير العرقي التي تقوم بها آلة الحرب التركية. المرأة ستكون الركن الأقوى في ثورة كردستان ضد العقلية الاستعمارية الاقصائية.
الحكومة التركية تستهدف النساء والأطفال في حربها المعلنة ضد الوجود الكردي. الفئة العمرية التي يستهدفها الرصاص هي تلك التي تبلغ ما بين 15 إلى 16 سنة. الأشهر القليلة الماضية شهدت قتل أكثر من 50 طفلا كرديا. حزب العدالة والتنمية يخاف من الوعي السياسي الصاعد لدى الجيل الكردي الناشئ. يخاف من الحس السياسي لدى اليافعين الكرد. حزب العدالة والتنمية الحاكم يقتل الطفل الكردي جريا على المثل القائل : ” أسحق رأس الأفعى وهي ما تزال صغيرة”. هذه هي سياسة الحزب التركي الحاكم تجاه الكرد وأطفالهم. الهدف المعلن هو ضرب الكرد ومنعهم من المزيد من تنظيم صفوفهم والمطالبة بحقوقهم. الدولة التركية تتجاسر اكثر على الشعب الكردي قتلا وتشريدا وقصفا، وهي ترى المجتمع الدولي صامتا يشيح بوجهه عن جرائمها هذه.
الحرب الحالية التي تقودها الدولة التركية ضد الكرد، هي الحرب الأخيرة بين الكرد وهذه الدولة. الشعب الكردي يدافع عن القيم الإنسانية المتمثلة في الحرية والمساواة والسلام والديمقراطية، بينما الدولة التركية فتحاول الدوس على كل هذه القيم وتمثل وجه الشر والعنف والتسلط. من ينتصر في هذه الحرب سيقوم بتغيير وجه المنطقة برمتها. أما أن تنتصر الحرية أو تنتصر العبودية. أما الحرب المدمرة أو المقاومة والموت. لا بديل..
المرأة الكردية هي مصنع البطولة. هي من تربي الأطفال واليافعين والرجال على قيم الشرف والتضحية والفداء. المرأة الكردية ستقاوم الظلم والقتل. ستكون وفية لتاريخها النضال والثوري الطويل…
خليل داليكيج
* صحيفة (Yeni Özgür Politika) الكردية الصادرة في ألمانيا.
الترجمة: المركز الكردي للدراسات.[1]