فشل القانون الدولي
ما يحدث في باكور هو فضيحة عالميّة بكلّ معنى الكلمة، كما كانت الفضيحة في سوريا، فالصمت العالميّ لما يفعله هذا المجنون بشعب من المفترض أنّه مؤتمن عليه، هو الانتكاسة الكبرى لهذا النظام العالميّ المهيمن، هو الفضيحة الكبرى لسلسلة المظالم التي تتوالى على الشعوب، فصار زعيم أيّ دولة قادراً على استخدام الدبابات والطائرات وانتهاج الإبادة المنظّمة دون أيّ رادع دوليّ قانوني، لقد أثبت القانون الدوليّ فشله، فما يفعله هذا الطورانيّ الإسلامويّ على الطراز الحديث بشعبه، وما يفعله النظام البعثيّ في سوريا يمثّلان انحطاط الدولة القوميّة بشكل عام، ودليل على سقوطها المدوّيّ.
لا يقف أيّ سدّ أو مانع أمام أيّ رئيس دولة في هذا الشرق الأوسط في انتهاك أيّة مجزرة كانت تجاه شعبه، شرط أن يأخذ الضوء الأخضر من النظام المهيمن، فشعوب الشرق الأوسط في أخطر موقف تمرّ فيه الآن عبر تاريخها المديد، فقد انتزعت الحماية من الشعوب، كما تنتزع مخالب القطّة، وكما تُروض الصقور وتصبح أداة دعائيّة، وسجنت المرأة في قفص الدعايات كما يسجن الطير في قفص ويصبح وسيلة للتسليّة، هكذا بات الشعب يشعر بما ينسجه هذا النظام من شبكة معقّدة للهيمنة، لذلك العقوبة شديدة على من يخرج عن القانون السلطويّ.
إنّ نظام أرغنكون التابع للغلاديو الذي لا يختلف عن الماسونيّة من حيث المنهج، قد قتل عشرة آلاف كردي، ولم يتم الكشف عن واحد فقط من هؤلاء في المحكمة.وتركيا بقيادة الأرغناكون الدينيّ الذي يمثّله أردوغان، تعدّ المنبع الرئيس للإرهاب، المنبع الرئيس لحلم السيطرة على الشرق الأوسط وانتزاع القيادة، المنبع الذي غذّى داعش بالمال والأسلحة والجنود، والموطن المناسب للعقليّة الإسلامويّة الراديكاليّة ذات المظهر المؤمّن من الخارج، حيث يستطيع هذا الإسلامويّ الشكليّ أنْ يذهب إلى باكور (جنوب شرق تركيا كما تحلو هذه التسمية لهم) ويقتل الناس هناك، ويذهب إلى أنطاليا ويمارس العهر المشرّع، ويذهب إلى إسطنبول وأنقرة ليمارس التراكم الربحيّ، فهي الدولة التي تناسب أولئك الساديين الجدد، الكاذبين المحتلّين الهائمين على عصر السرقة والنهب، واللاإنسانيّة.
إخفاء الجثث، منع المواطنين من الخروج من منازلهم، الإعدامات الميدانيّة، منع التشييع، القتل المنظّم، الاعتقالات العشوائيّة، اختراق المدن بالدبابات، ففي كلّ يوم عشرات الشهداء، وعشرات المعتقلين، فالسجون قد اكتظت بالمعتقلين، دون وجود أيّ قانون أو دستور، الصمت الإعلاميّ الرهيب على الرغم من الكم الهائل من الوسائل الإعلاميّة في تركيا، إفراغ البيوت بطرق ملتويّة وإسكانها أناس ليسوا من السكان الأصليين، من خلال استعمال الأدوات القذرة جميعها.
إنّ قتل ثلاث نساء قياديات ليس بالمصادفة، وليس بالمصادفة تزامن هذا الإجرام مع جريمة باريس، إنّ هذه القوى التي تقف خلف هذا القتل المتعمّد للنساء الثائرات هو إعطاء دروس للنساء الكرديات والتركيات على السواء أنّه لا يجوز للمرأة من القفص الذهبي المرسوم لهم، وعدم تجاوز الحدود الذهبيّة البراقة التي خطّت لهم، إنّ قاتلهنّ يعبّر عن عداءه الصريح للمرأة الثوريّة التي أرعبت داعش، وأرعبت الداعش الحقيقيّ القابع في قصره المؤلّف من ألف وخمسمئة غرفة، إنّه قانون القمع النسائيّ الذي يعدّ ثورة متجدّدة، ثورة مضاعفة.
وإنّ إعدامه اثنَي عشر شابّاً استمرار في انتهاج هذا النهج المدمّر الذي يعادي فيه المرأة والشباب الثائر، فالشبيبة والمرأة هما العصب الرئيس والعماد الذي لا عماد سواه في أيّة ثورة كانت.
كم من الغريب أن يكون نفس ذاك الحراك التركي الإعلاميّ الذي يناهض الإرهاب الدولتيّ في سوريا، ويناهض ما يطلق عليه التشبيح السوريّ للدولة السوريّة، يحارب الشعب الكرديّ المضطهد في باكور، ويمارس التشبيح التركيّ، إنّها المعادلة غريبة الأطوار، أن تكون نصير المظلوم في مكان وتكون نصير الظالم في مكان آخر، هذا هو التشويه الإعلاميّ التابع لمنظومة الحداثة الرأسماليّة التي تتّبع النظام التشبيحيّ التشويهيّ متى أرادت، إنها المنظومة التي تغسل العقول وتطمس الحقيقة.
إنّ التنظيمات الخفيّة التي يلجأ إليها إليها كالماسونيّة وغلاديو وأرغنكون وغيرها ليست إلّا غطاء هروبيّاً لتنفيذ أيّ مخطّط لا يستطيع رجال الدولة القيام به قانونيّاً، وهو التحايل الخبيث على الشعب باسم هذه التنظيمات السرّيّة التي تموّلها الدولة سرّاً، وذلك للابتعاد عن مساءلة الشعب من جهة، وممارسة الإرهاب من جهة أخرى، ومكافحة من يخالف تطلّعات هذه الدولة القوميّة المقيتة، إنّ هذه الأنظمة تنشط في العالم عامّة وفي تركيا على وجه الخصوص، حيث تكم غايته الأولى والأخيرة في أن يبقى الرأسمال محصّناً كقلعة منيعة ضدّ من يحاول إفساد مخطّطاتهم، ويتجسّد العداء الأوّل ضدّ تطلّعات الشعب الكرديّ في الدولة التركيّة الذي يمثّل 40% من الدولة أو أكثر إذا حسبنا الكرد المنصهرين.
لكنّ بعض المدن الكرديّة قد تحرّرت، فقد سدّت معظم المنافذ المؤدّية إلى بعض المدن الكرديّة على الدولة العدوّ، وبات اسم قوات(YPS) يتردّد على الألسنة، هذه القوات التي تلقى السخريّة من قبل بعض الأطراف كما كانت السخريّة تجوب عقول فاقدي الإيمان بالشعب عند نشوء (YPG) و (ypj) .[1]