ثورة روج آفا الكردية ربيع جماهير و خريف سلطة
في البداية و درأً للمناكفات السياسية و القومية التي اصبحت مهنة للاسف لدى البعض أود أن أعيد النظرية الكردية في علاقتنا بالشعوب المجاورة خاصة و العالم عامة و التي تقول “إن ممارسة الكردي لكرديته لا تعني العداء لأحد على الاطلاق, بل هي حقيقة نحن نقوم دائما لإظهارها و البعض يعمل لاخفائها” مناسبة الحديث هو الحقيقة الكردية الثورية في سورية و التي مثلت فعلا قيم الثورة و كانت البداية الصح لتمثيل قيم الحرية و الديمقراطية و التي انطلقت من روج آفا, تلك الحقيقة التي قد تكون فعلا هي الساطعة لكن لاسباب عنصريةو سياسية مصالحية يخفيها البعض, و هذه الحقيقة لا تلغي ابدا الحقائق الاخرى من آشورية و سريانية و عربية و ارمنية و آخرين.
إن متابعة لما سمي بالربيع العربي في إشارة إلى ثورة عربية على المفاهيم الاخلاقية و السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية البالية و التي اسست لها الانظمة العربية كإطار لاستمرار تسلطها على الشعوب العربية و نهب ثرواته و التحكم بمسيرتها يرى المرء و اعتمادا على التعريف العلمي و اللغوي لمصطلح الثورة و مفاهيما و دلالاتها أن الذي جرى و يجري في الدول العربية و بشكل خاص سورية لا علاقة لها بالثورة ايضا حسب التعريف اللغوي و الدلالي لمعنى كلمة ثورة , فمعجم المعاني الجامع العربي يعرف الثورة اسماً ومصدره ثارَ, و الجمع : ثَوْرات و ثَوَرات و هي بالنتيجة تغيير أساسي في الأوضاع السياسية والاجتماعية يقوم به الشعب في دولةٍ مَّا ( محدثة ) و هناك عدة انواع للثورات و قد تأتي مجتمعة:
– ثورة سِلْميَّة
– أو ثورة مُسلَّحة
أما الموسوعة العالمية ويكيبيديا تعرف الثورة كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يحركه عدم الرضا أو التطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب. و وصف الفيلسوف الإغريقي أرسطو شكلين من الثورات في سياقات سياسية:
1- التغيير الكامل من دستور لآخر
2- التعديل على دستور موجود
والثورة تدرس على أنها ظاهرة اجتماعية تقوم بها فئة أو جماعة ما هدفها التغيير(لاتشترط سرعة التغيير) وفقا لأيدولوجية هذة الفئة أو الجماعة, ولاترتبط بشرعية قانونية , كما تعبر عن انتقال السلطة من الطبقة الحاكمة إلى طبقة الثوار.
حيث أثبتت أن تلك القيم و المفاهيم التي اسستها الانظمة العربية و الاسلامية لم تعد لها محل في الفكر العالمي الجديد حتى باتت الشعوب العربية تنتظر بادرة خير أو أمل من اي حراك ثوري أو سياسي حيث كان الحراك الذي انطلق من تونس و امتد إلى دول عربية آخرى ليسميها المتأملين خيرا بعد ذلك بالربيع العربي, و باسقاط ما يجري اليوم في العديد من الدول العربية التي أخذت صفة الربيع العربي و خاصة سورية و حسب جميع التعاريف السابقة فأقل ما يمكن قوله أن لا علاقة له بالثورة بل هو حرب بين قوتين متحالفتين ضد الثورة بمفاهيمها و دلالاتها و قيمها في التغيير الديمقراطي و السياسي و الاجتماعي و الاخلاقي و الثقافي و هما النظام السوري بتركيبته الديكتاتورية القمعية الشوفينية العنصرية و الائتلاف الوطني السوري المرتهن لانظمة اسلامية أو حلف اسلامي قومجي لا يقل قمعا و ديكتاتورية عن نظام بشار الاسد و هي التي تتدعي تمثيل الشعب و المعارضة في حين أن الحقائق على الارض لا تشير إلى ذلك و هي لا تمثيل جماهيري لها و لا عسكري, فالذي يحكم فعلا على الارض هي تنظيمات اسلامية متطرفة ارهابية “داعش و جبهة النصرة و احرار الشام و الجيس الاسلامي” و التي تتخذ من الدين غطاء لممارسة أبشع انواع الارهاب على المدنيين السوريين.
و مقابل ذلك ظهرت ثورة روج آفا الكردية السلمية في جزء آخر من سورية التي شارك فيها فيما بعد العديد من المكونات القومية, ثورة تحاول بما تملك من ارث ديمقراطي مدني تمثيل قيم الثورة من الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية رغم الحرب الشرسة التي تقودها القوتان السابقتان “النظام و الائتلاف و بدعم مباشر من الحلف الثلاثي التركي, القطري, السعودي” و المدعوم اصلا من امريكا و البعض الاوربي ضد هذه الثورة و ما أفرزت من حقائق على الارض و على جميع الاصعدة الثورية و المجتمعية من حماية المدينيين و بناء المؤسسات الخدمية و الادارية و العسكرية و الاقتصادية رغم الحصار الخانق المفروض على هذه الثورة و من جميع الاتجاهات.
لقد منحت هذه الثورة الامل لجميع أبناء الشعب السوري في أن القادم و مهما اختلفت الوسائل و الاساليب هو النتيجة الحتمية لأية ثورة امتلكت المعايير الاخلاقية الانسانية.
في المقابل مازالت قوى الشر الاقليمية و الدولية و التي تجاوزت فعلا قضية الخلاف و الاختلاف السياسي أو الرؤى في الحل إلى قضية مبررات من أجل استمرار الفوضى القاتلة في الوطن السوري تعمل من اجل تحويل ثورة روج آفا الكردية إلى أداة بيدها كما جعلت من الثورة السورية اداة بيدها تعمل حسب ما تتطلب أجندات تلك القوى التي اصبحت جزءأ من الحرب لا بل طرفا و اطرافا تتحارب في برك الدم السوري لما يجلب هذا الحرب من فوائد مالية و اقتصادية لميزانياتها عبر الابقاء على ضعف الشعب السوري و بيع اسلحتها و تجربة جوانبها التكنيكية و التعبوية و مدى قدرتها على التدمير و القتل حتى اصبحت سورية حقلا لتجارب اسلحة العالم الفتاكة.
و بقراءة لتفاصيل هذه اللعبة الخطيرة التي تمارس في سورية بين قوى عالمية و اقليمية و سورية – سورية من جهة و بين ثورة روج آفا الكردية و اصدقائها من العرب و الآشور و الارمن من جهة ثانية تظهر مبادرات عالمية تكاد تشبه لعبة العصابات المافياوية و تجار السوق السوداء عبر ممارسة ابشع الاساليب من ابتزاز عسكري و ارهابي للتحكم بالحل الذي يؤمن لهم استمرار الفوضى القاتلة في سورية أو على اقل تقدير تبعية مطلقة لها و مصادرة القرار السوري المستقل و الابقاء على العنصر السوري القوي ضعيفا و خانعا.
و في هذه الحالة تشير مصادر الثورة الكردية في روج آفا بعربها و كردها و آشورها أنها تدرك تماما لعبة الامم القوية و هي ليست اقل قوة منها فما يمارس و يخطط من مؤامرات تركية و امريكية و روسية و اوربية و عربية على الثورة السورية المتمثلة فقط بثورة روج آفا تلك المؤامرات التي تظهر جليا في التحضيرات و الاجتماعات الجارية لعقد مؤتمر جنيف الخاص بشأن القضية السورية التي ارهقت العالم و المزمع عقده في #25-01-2016# في جنيف السويسرية حيث تحاول كل دولة فرض إرادتها و تأمين مصالحها ليس فقط في سورية بل في المنطقة و ليس لليوم أو غدا فقط بل لعقود آخرى. و يبقى القانون الطبيعي لانتصار الشعوب كحتمية تاريخية لدوام تقدم الانسان و استمرارية الحياة كأمل للشعب السوري و ما يعزز فعلا هذا الامل هو الخطوات العملية التي قامت بها القوى السياسية و المكونات القومية عبر توحيد صفها في إطار مجلس سورية الديمقراطية الذي ضم العديد من أبناء سورية “كردأ و عربا و آشورا و سريان” و اعتبار هذا المجلس سقفا سياسيا لقوات سورية الديمقراطية و التي يشكل الكرد عمادها و التي باتت تسيطر على مساحة تجاوزت ال 15% من مساحة سورية حيث تشير معطيات الواقع السوري أنه لا يمكن تجاوز مجلس سورية الديمقراطية و قواته و ان الحرب الذي تمارسها تركيا و بتأييد ضمني امريكي لا يمكن أن تنتصر و انه و حسب مصادر المجلس ذاته أنه لا و لم تعنيه أية قرارات تصدر عن اجتماعات هو ليس حاضر فيها و في هذه الحالة لن يكون لاي مؤتمر تتحكم بها قوى دولية و اقليمية و حسب اجنداتها لن يكتب له النجاح و هذا ما يؤكده التاريخ و المؤتمرات السابقة و على ذلك و حسب ما تقتضيه الواقعية السياسية و الاخلاقية ان تراجع جميع القوى المؤثرة في الساحة السورية مواقفها ليكون المؤتمر سوريا جامعا و ليس تركيا أو امريميا أو روسيا.[1]