لماذا الاخرون وليس الأتراك
تركيا كانت في الواجهة الإعلامية والإخبارية العالمية على مدار ثلاث او أربع عقود مضت في صراع وحرب اجرامية بحق الشعب الكوردي ومقاومة ونضال حركة التحرر الكوردستانية بقيادة PKK ولان الظروف والحالة كانت مختلفة تماما على ما هي عليه الان ونتيجة مصالح إقليمية ودولية استطاعت الحكومات التركية المتعاقبة الاستفادة من موقعها الجغرافي وحاجة الآخرين اليها في الوقوف الى جانبها في صراعها ضد حزب العمال الكردستاني او على الأقل اعلان دعمها لها واعتبرت العديد من الحكومات الغربية حزب العمال منظمة ارهابية .
إلا ان الوضع تبدل كثيراً في السنوات القليلة الماضية والتي يمكن حساب مرحلتها من عمر الأزمة السورية التي غيرت كثير من المعادلات وموازين قوى وتبدلت التحالفات واختلف أعضاء المعسكر الواحد ليصبحوا أعداء . ولا يخفى على احد ان تركيا كانت الخاسر الأكبر في المنطقة والعالم بعد الشعب السوري طبعا وذلك بسبب عنجهية وتكابر القيادات التركية وخاصة حزب العدالة والتنمية ورئيسه اردوغان.
لقد حاول الأتراك حمل اكثر من بطيخة في يد واحدة لكنهم لم يستطيعوا حتى الان الحفاظ والإبقاء على اي واحدة منها في شكلها المناسب فكل الذين أرتموا في حضنها مجبرين لزوم مصلحتهم او الذين سحبتهم هي نفسها لحضنها لزوم مصلحتها لم تنجح اي خطة من خططها ولم تكسب اي من حساباتها لان النتيجة لم تكن مربحة لها والخسارة نصيبها في النهاية رغم مكاسبها الكبيرة في البدايات فقد استطاعت ابتزاز الجميع بخبثها وقذارة مشاريعها .
فالتخبط والارتباك واضح لدى السلطة هناك في سياساتها وتعاملاتها الخارجية سواء مع جيرانها اوشركائها الغربين والسياسة الداخلية لم تكن بافضل حال مع منافسيها السياسيين والمعارضة الكوردية والتي تحولت الى مواجهات حقيقية وأعمالها وحربها الاجرامية الإرهابية في #شمال كوردستان# في الاشهر الماضية دليل واضح رغم إعلانها مرارا في السابق بأنهم يحاولون إيجاد حل سلمي للقضية الكوردية وهذا خير مثال على ذلك التناقض والنفاق والتخبط في آن واحد .
يوم الثلاثاء الثاني عشر من يناير عاد الحديث عن تركيا والعمليات والتفجيرات الإرهابية الى الواجهة من جديد والمستغرب لم يكن الأتراك بين المستهدفين هذه المرة ايضا ، حدثت في تركيا بما فيها شمال كوردستان ثلاث عمليات ارهابية دموية ادعت داعش مسؤليتها عنها الاولى في سروج الكوردستانية راح ضحيتها اكثر من ثلاثين شهيدا كانوا يقومون بحملة لاجل اعادة إعمار كوباني والثانية حدثت في انقرا اثناء حملة حزب الشعوب الديمقراطي للانتخابات البرلمانية وراح ضحيتها اكثر من مئة شهيد والمشهد الاخير تكرر في اسطنبول قبل يومين والنتيجة مقتل عشر سياح ألمان وما يقارب العشرين جريحاً في ساحة السلطان احمد .
هنا لا يمكننا إنكار الارهاب وتواجده في كل مكان وزمان ولكن يمكننا السؤال والشك فيما يجري هناك ولا يمكن تصديق السلطات التركية ويكاد بان العالم اجمع لا يثق بروايات المسؤلين الأتراك وبنفس الوقت جميع التقارير الإخبارية والاستخباراتية العالمية أكدت مرارا على العلاقة الواضحة والمتبادلة المصالح بين ارهاب داعش وارهاب حكومة اردوغان خاصة مما يتعلق بالحقوق الكوردية ومكتسباتهم على طرفي الحدود ولذلك من غير المنطقي ان تنطلي على الجميع ما يدعيه الساسة الأتراك والشكوك والريبة تغلب حججهم في التبرير اذا علمنا ان الجنود الأتراك لا يبتعدون احيانا عدة أمتار من عناصر التنظيم المتطرف ولم تحدث حتى الان اي اشتباكات تذكر بينهم ولم يقتل او يخطف التنظيم الاجرامي اي عنصر تركي وهو قريب عليه على الحدود مع سوريا ولماذا يرسل الاخير عناصره الانتحارية لداخل الاراضي التركية ليفجروا أنفسهم بين المدنين ولماذا لا يستهدفون النقاط العسكرية والحكومية كما هي عادة اي صراع ومواجهة .
العملية الإرهابية الاخيرة كانت الرسائل كثيرة من خلالها والشكوك اكثر ولا يمكن المرور عليها مرور الكرام فهي كانت ايضاً محاولة يائسة جديدة لكسب الرأي العام العالمي والداخلي بأنها مستهدفة ومن خلال الدعم والتاييد يمكنها الاستمرار في إرهابها على باكور كوردستان .
والاستنتاج الأهم هو نجاح اردوغان تحويل السوريين اخيراً الى قنابل بشرية لدى داعش لان الذين كانوا يقومون بمثل هذه العمليات الوحشية في العادة كانوا من خارج سوريا غالبيتهم من الخليج ودوّل شمال افريقيا علماً ان الانتحاري نبيل فضلي البالغ من العمر 27 عاما ولد في السعودية وعاد الى سوريا في 1996 مع عائلته . والجدير ذكره أكدت بعض التقارير ان التحكم التركي بالفصائل والجماعات الإرهابية في الداخل السوري بدا يخرج عن سيطرتها لأسباب داخلية وفشل سياستها الخارجية لكن البلاء والآفة موجود على أراضيها وبين شعبها الذي يعتبر عشرة بالمئة منهم ان داعش ليست ارهابية حسب نتيجة استطلاع نشرتها قناة سكاي نيوز رغم كل ما يقوم به التنظيم من اجرام بحق شعوب المنطقة قاضية وبكافة مكوناتهم وأطيافهم .[1]