أردوغان صنم آخر آيل للسقوط
عباس عباس
ككل رؤساء الحكومات الذين سبقوه، جاء أردوغان على حصان غيره، ولكنه تميز عن البقية بجرأته في إتخاذ قرارات مصيرية، تجاوز بها إلى حد الخطوط الحمر للفاشية الكمالية المتعجرفة والتي كانت لمدة قرن كامل سبباً كافياً بل مطلقاً لإعدامه .
بعضٍ من هذه القرارات فتحت شهية الكرد كما فتحت النار عليه، فتحت شهية الكرد إلى درجة التي جعلتهم يعتقدون أنه ديغولهم التركي، ولا بد أنه قادم من السماء ليحل أصعب إشكال يعترض طريق الديمقراطية الحقيقية التي تجعل الدولة التركية في مصاف أوربا، وبأنه الولي المقتدر الذي بيده الحل النهائي للقضية الكردية .
من تلك القرارت فتح قنات تلفزيونية باللغة الكردية حتى وإن كانت تدار كما نعلم من قبل الميت التركي، والسماح بالإستماع للأغانية الكردية علناً، وطبع الكتب ونشر المنشورات والمجلدات باللغة الكردية، وأخرها أو بالأحرى أعظمها بالنسبة للكرد وللكماليين معا،ً إدخال الأسير عبد أوجلان على الخط في حل القضية الكردية وهو الأسير المعتقل لديهم .
الكرد رأوا فيه خيراً، بل أن فكرة التشاور مع الزعيم الكردي المعتقل، جعلت الكرد يتأملون فيه مستقبلاً باهراً، حيث إمكانية العيش المشترك مع الأتراك أصبحت ممكنة، حتى أنهم أصبحوا يلوكون بهذا الأمر بدون تحفظ، أما بعض المنظمات الخفية للفاشية الكمالية فحاولت المستحيل للقضاء عليه وعلى أفكاره، بل حتى الإسلاميين دعاة الخلافة العثمانية كانوا أول من تصدوا له وحاولوا إستقصائه بالقتل أو بالإنقلاب .
الحقيقة لم أرتاح أيضاً لهذا الرجل ولم أرى في أية خطوة إتخذها فأل خير، بل أنني ومازلت أسميه كردوغان بدل إسمه الحقيقي، وعارضني بعض الأخوة وبعض الرفاق بالمثل، وحاولوا مراراً إقناعي بأن هذا الرجل هو الوحيد المقتدر الذي بيده الملك والملكوت أوالحل والربط .
في الواقع هذا ماكنا نراه ويشاهده العالم، يسجن من يشاء من القادة العسكريين والذين كانوا حتى لفترة قصيرة كآلهة لايمكن لأي شخص الوقوف في وجوههم، وله في البرلمان أغلبية ساحقة بالإضافة إلى أصوات بعض الأغبياء من الكرد والأحزاب الكردية، والذين لم يخطر ببالهم قط أن هذا الرجل أدرك بالنهاية أن العنف لايجدي مع الثورة الكردية، فإتخذ اللين والمهادنة وسيلة حقيرة للقضاء على آخر أمل للكرد في نيل الحرية، ذلك بتمثيلية قذرة تمكن من كتابة السيناريو خبراء متمكنون، ليقوم بتمثيل دور البطولة فيها المنقذ كردوغان .
وهاهو يثبت للعالم عن مدى حقارته، و كم هو صغير أمام الفاشية الأتاتوركية، ليدرك العالم قبل الكرد عن النية السيئة التي يدخرها للقضاء على آخر أملٍ للكرد في الحرية، واليوم يقف مع الجبهة السلفية الوهابية طالما ينفذون له ما كان يتمناه ولم يتمكن منه بنفسه، ولا أظن أن الطبخة القادمة بينهما ستكون تجارة متبادلة، إنما وكما كان العرف والعادة الأبدية رؤوس الكرد المتمثلة برأس القائد عبد الله أوجلان و مشروعه السلمي،أو على الأقل لإضعافه ليتمكن من تمرير أجنداته في العملية السلمية التي يجب أن تكون جاهزة قبل وضع دستوره المنتظر، وأي فشلٍ في تحقيق مهامه هذه، ستكون نهايته الحتمية، نهاية كردوغان، الصنم الذي عبده البعض من الكرد قبل الترك .[1]