استراتيجية أردوغان الخطيرة
سيف دين عرفات
من خلال متابعة سياسة أردوغان تأكد لي بأنه هناك محطات عديدة في حياته السياسية يؤكد نفاقه السياسي بحيث أنه يفعل مالا يقول ويقول مالا يفعله وهذا يخالف ما يؤمن به المتأسلم اردوغان فليراجع الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ). لن أتطرق الى خطوطه الحمراء الكثيرة التي وضعها بشأن المواضيع المتعلقة ب ( الربيع العربي ) وبشأن ما يتعلق بالقضية الكوردية في مختلف اجزاء كوردستان. في كل مرة عندما كان يؤكد على محاربة داعش كان يبتعد عن محاربة داعش وبدلا من ذلك كان يقصف قرى الابرياء في كوردستان الجنوبية بذريعة محاربة حزب العمال الكوردستاني وفي الآونة الاخيرة بدأ يتكلم كثيرا عن ارسال عسكره الى سوريا او روزآﭪا لمحاربة داعش ولكنه ان فعلها سيحارب وحدات حماية الشعب الكوردية او قوات سورية الديموقراطية وان فعل ذلك فسيكون ذلك انتحارا سياسيا له لانه سيخالف ما يفكر به حلفائه في الناتو وخاصة امريكا.
لقد توضحت بشكل جلي استراتجية اردوغان وأولياته ألا وهو عدم السماح بقيام اي نوع من كيان كوردي في روژآﭪا بذريعة أن ذلك سيكون تهديدا في صميم امن دولة تركيا ورأى العالم كله مدى فرحه عندما كانت كوباني على وشك السقوط بحيث انه قال بشكل مباشر على القنوات التلفزيونية بأن كوباني سقطت أو على وشك السقوط، وكلما ينتصر الكورد كلما يزداد عصبية أردوغان ويرتفع ضغطه السياسي ويلجأ الى عمليات القتل والحرق والتدمير في باكوري كوردستان والى عمليات القصف بالمدفعيىة الثقيلة على روژآفا ليوقف توقفهم واستعادة اراضيهم الكوردية والكوردستانية المغتصبة من قبل حلفائه في جبهة النصرة وداعش وغيرها فهل سيلجأ أردوغان الى ارسال عسكره بهدف محاربة داعش وهل أصبح ذلك مسألة وقت ؟!
ومنذ اسابيع يُناقش ذلك من قبل المحللين الاتراك والمحللين السياسيين العالمين وتوقفَ معظمهم عند تصريح أردوغان بما معناه بأنه سوف لن يسمح بتكرار خطأه في عام 2003 م وهو يعني بذلك عدم موافقة البرلمان التركي حينذاك بالاشتراك في اسقاط نظام صدام وعدم السماح بدخول الجيش الامريكي وحلفائه بالدخول الى العراق عن طريق كوردستان العراق الذي كان بحسب فهمه سيحيل الى عدم تمركز الگريلا وحزب ال ڀ ك ك في جبال قنديل من جهة ومن جهة ثانية كان ذلك سيعيق ما توصل اليه الكورد في باشوري كوردستان الى ما توصلوا اليه من المكاسب الحالية فهو بذلك يبرهن بأنه العدو اللدود لاي مكسب يحققه الكورد في اي مكان كان في العالم ولو كان على سطح كوكب المريخ.
اذن لقد توضح استراتيجة أردوغان الخطيرة على أمن العالم بأجمعه ألا وهو السعي بكل ما اوتي من قوة لاخذ الضوء الاخضر من حلفائه من دول الناتو وخاصة أمريكا والدول الاسلامية السنية وخاصة السعودية لاحتلال روژآﭪا بهدف القضاء على قوات الحماية الشعبية التي تحارب داعش لمنع قيام اي نوع من الكيان الكوردي حتى وان كانت الحقوق الادارية والثقافية.
يعلم القاصي والداني بأن قوات الحماية الشعبية تقوم بكل شجاعة بمحاربة داعش نيابة عن الانسانية وتقدم الغالي والنفيس من دماء الشهداء في سبيل الدفاع عن أرضهم وعدم السماح لداعش بضم المزيد من الاراضي الى ما يُسمى بالدولة الاسلامية، ان كانت تركيا صادقة في مسعاها المعلن لفظيا بمحاربة داعش فعليها مساعدة الكورد وعدم السماح لدخول القوات الارهابية من حدود سايكس – ڀيكو المصطنع.
في الايام الاخيرة يعلن اردوغان وداوود اغلو بشكل شبه يومي يعلنان ويهددان بأن اعزاز الواقعة خارج دولة تركيا هي خط أحمر وينبغي عدم دخول الكورد اليها وتقول الاخبار الواردة بأنهما يرسلان مرتزقتهما الى هناك تحت جنح الظلام لمحاربة الكورد عند محاولتهم استردادها الى اهلها الاصليين، وها هي القوات التركية تقوم ومنذ حوالي اسبوعين بقصف المواقع الكوردية بالاسلحة الثقيلة متجاوزة كل الاعراف والقوانين الدولية ووسط استنكار خجول غربي وامريكي وروسي.
منذ سنين وأردوغان وضع اولويات في استراتيجيته الخطيرة وهو محاربة الكورد والدعوة الدائمة الى اسقاط بشار الاسد وهذا ليس حبا بدماء الابرياء ولكنه يحلم بأن يحكم الارهابيين من حلفائه والذي لا يقل ارهابهم عن ارهاب الاسد يحلم بأن يحكموا سوريا لعلمه التام بأن هؤلاء هم الضمانة له بانهاء القضية الكوردية في روژآﭪا وهو بهذه الاستراتيجية الخطيرة يتحمل جزءا من اهدار دماء الآلاف من الابرياء في سوريا وروژآﭪايي كوردستان، وهو المسؤول الآن عن ما يجري في حلب من معارك طاحنة في حلب وفي حي الشيخ مقصود هناك ذو الغالبية الكوردية وفي حال عدم سقوط بشار الاسد فهذا سيكون بمنطق اردوغان هو خسارته لتلك الحرب اي انه سيخسر كما خسر في عام 2003 م .
انقرة دقت وتدق ناقوس الخطر منذ عدة أشهر وتعتبر اجتياز غرب الفرات من قبل الكورد خطا أحمرا ولكن الكورد تجاوزوا ذلك الخط وقالوا لاردوغان ( يداك أوكتا وفوك نفخ )، وفي اثناء كتابة هذه السطور تضرب تركيا بمدفعيتها الثقيلة حوالي اعزاز لمنع تقدم القوات الكوردية وتركيا تكرر بشكل دائم بأن الكورد يستفيدون ويستغلون تقدم روسيا والنظام على المعارضة وكلامهم هذا يبين مدى خبثهم ونفاقهم السياسي ولكي يبرهنوا بدون دليل بأن أهداف روسيا والنظام والكورد واحدة وبأن الكورد ما هم الا تابعون لنظام بشار.
وبسبب استراتيجية أردوغان الخطيرة هذه على الامن والسلم العالمي أصبح الوضع في روژآﭪا وسوريا أكثر خطورة وتعقيدا ونتيجة لعدم تلبية أمريكا لرغبات أردوغان تحول الى سياسي غاضب وثور هائج الى درجة بأنه طلب من أمريكا بأن تختار بين تركيا وبين الكورد متناسيا بأنه عبد ذليل لامريكا وبأن أمريكا تستطيع اسقاطه خلال ثلاثة أيام فقط ان عاقبتها اقتصاديا عن طريق البنوك.
عيون أردوغان بصيرة ولكن باتت يده قصيرة عندما يرى كيفية العلاقة بين القوات الكوردية وامريكا وبينها وبين روسيا ولكنه يصر على معاكسة التاريخ على أمل أنهاء القضية الكوردية في روژآفا واعتقد بأنه عندما يتمادى أردوغان بمحاربته للكورد الذين باتوا شركاء لا يستغني الغرب عنهم لمحاربة الارهاب، عندما يتمادى فأنني لا أستغرب انشاء حلف غربي روسي كوردي لمحاربة الارهاب وعندها لا يبقى أمام أردوغان سوى الانسحاب من سياسته واستراتيجيته الخطيرة ملوما محسورا، او عليه أن يجازف بمحاربة ذلك الحلف ان يمتلك الجرأة وعندها ستأتي نهايته السياسية وستتفكك دولة تركيا الى جانب دولة سوريا المفككة أصلا منذ عدة سنين، فلننتظر الايام والاشهر القادمة التي ستكون حبلى بالمفاجآت واعتقد بأن الزمن لا يجري في صالح استراتيجية أردوغان الخطيرة.[1]