في وجوب إفشال حملة حزب العدالة والتنمية الرامية لاجتثاث الإرادة الكردية
بايك: إستراتيجيتنا الجديدة هي المقاومة الشاملة
جميل باييك
بغض النظر عن سياسة المراوغة والخداع التي يمارسها القائمون على حزب العدالة والتنمية، فإن هذا الحزب بزّ كل من سبقه في عداءه الأعمى للشعب الكردي. حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي قال عام 2014 ب”أن كوباني ستسقط لا محالة”، معبرا بذلك عن كرهه الشديد للشعب الكردي ولمقاومته، هاهو الآن يوجه هذا الكره، وحالة العداء هذه، إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، والذي يعتبره عدوه الكبير، هادفا في شخصه الكرد وهويتهم وحقوقهم.
حزب العدالة والتنمية يشن حربا كبيرة لا هوادة فيها على الشعب الكردي في #شمال كردستان# . يحرق المدن ويدمر الحواضر. يرتكب المذابح وينهب مقار حزب الشعوب الديمقراطي، ويشيع الإرهاب والرعب في كل مكان. العداء الذي يمارسه الحزب الحاكم في تركيا تجاه الشعب الكردي وهويته، لا نظير له لا في العراق، لا في إيران، ولا في سوريا. إرهاب الحزب الحاكم في أنقرة وصل إلى درجة لا يمكن وصفه في كلمات وجمل. حزب العدالة والتنمية لا يعتبر الكردي بشرا له وجود وحقوق. لا يعتبره ذي أهمية. أي ذكر للكرد و أي كلمة حولهم، تراه الدولة التركية مناهضا لإستراتيجيتها الإنكارية، وتثبيتا للكرد الذين تريد هذه الدولة نفيهم من الحقيقة والوجود. كل من يقبل الخضوع ويركع تحت أقدام الدولة التركية ويقبل أن يكون خانعا، خادما، ذليلا، يتفادى الخطر ويعيش. وكل من لا يقبل سياسة الإنكار والنفي ويتمسك بالهوية والكرامة والحقوق، مصيره المطاردة والسجن والنفي والموت.
في مفهوم الحزب الحاكم لا يستحق الكرد سوى الازدراء والمطاردة والنفي. في أي موقع يحاول فيه الكرد الحصول على حقوقهم، تجد الدولة التركية وحزبها الحاكم لنفسها الحق في الهجوم والقتل. وهذه العقلية هي التي صدرت القضية الكردية. فلو تم الاعتراف بالكرد وبحقوقهم وهويتهم، لما رأينا كل هذا القتل وكل هذا العداء. الشعب الكردي لن يقبل مصادرة حقوقه وهويته، وهو سيقاوم كل أشكال الظلم. العالم الغربي، وإزاء حملة الحرب التركية، وكل هذا الخراب بحق الكرد ومدنهم، لا يتحرك، بل ويتعامل وكأن ما يجري أمر اعتيادي. لا يتحرك الغرب ساكنا وهو يروى شريكته تركيا وهي تقمع وتقتل.
القمع الممنهج يطال حتى الساسة والبرلمانيين الكرد المنتخبين. قادة ومسؤولي حزب العدالة والتنمية يطالبون البرلمانيين الكرد المنتخبين من الشعب بالولاء للدولة وللحكومة، طالما هم “يقبضون رواتبهم من الدولة، فيجب أن يدينوا لها بالولاء”!. على الدولة التركية ومسؤولي الحزب الحاكم فيها أن يعلموا بأن البرلمانيين الكرد منتخبون من الشعب، وهم ملتزمون بمصالح الشعب الذي انتخبهم، ولن يرضخوا للسياسة التي تضطهد وتقتل الشعب. أما فيما يخص “رواتب الدولة”، فهي من أموال الشعب. والشعب الكردي الذي يدفع الضرائب للدولة، لديه الحق في استخدام جزء من هذه الضرائب لترجمة مطالبه بروح من الديمقراطية. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلا يحق للدولة أن تطالب الكرد بدفع الضرائب. ويحق للكرد ألا يعترفوا بالقوانين والمحاكم والولاة والسلطات التركية، التي تضطهدهم وتصادر قرارهم. إذا قررت الدولة التركية إلقاء القبض على رؤساء البلديات في كردستان، والتضييق على البرلمانيين المنتخبين ورفع الحصانة عنهم، فلماذا سيعترف الشعب الكردي بهذه الدولة ويعتبره نفسه جزاء منها؟. قطعا لن يعترف الكرد بهذه الدولة وبسلطاتها وقراراتها.
الشعب الكردي اختار صيغة الإدارة الذاتية الديمقراطية، وهو لن يتراجع عنها. في حال إصرار الدولة التركية على سياسة القمع والحرب، فإن الكرد سيتمسكون بحقهم في الإدارة الذاتية الديمقراطية لكردستان، وسيعملون على توطيد هذا الحق، وتصعيد النضال. المقاومة والنضال الكردي سيسفر عن دمقرطة تركيا في النهاية أيضا. ما لم تعترف تركيا بحقوق وهوية الكرد وبالإدارة الذاتية الديمقراطية، فإن الشعب الكردي بدوره لن يعترف بهذه الدولة ولا بأي من مصادرها السيادية والإدارية والسلطوية.
الدولة التركية لا تراعي في تهجمها على قيم وكرامة الشعب الكردي أي اعتبار. الآن المسؤولون الأتراك يتهجمون على الساسة والبرلمانيين الكرد لأنهم يشاركون في مراسيم عزاء المناضلين والمقاومين الكرد، الذين يسقطون بآلة الحرب التركية. المسؤولون في حكومة الحزب الحاكم يجدون لأنفسهم الحق في تقديم العزاء لأعضاء أجهزة الشرطة والاستخبارات والقوات الخاصة الذين سقطوا قتلى أثناء هجومهم على المدنيين الكرد ودورهم في “جزير” و”سلوبي” و”سور”، ويعتبرونهم شهداء، لكنهم يصادرون حق المسؤولين والنواب الكرد في تقديم العزاء للثوار والمناضلين الكرد. لقد تهجموا مؤخرا على البرلمانيين الكرد الذين زاروا خيمة عزاء منفذ عملية أنقرة. إذا كان مسؤولوا الحكومة يجدون لأنفسهم الحق في تقديم العزاء للجنود والشرطة الذين يقتلون الأطفال والنساء والعجائز، ويدمرون بيوت الكرد وقراهم، فلغيرهم الحق في تقديم العزاء في المقاومين والمناضلين من الشباب الكردي الذي يتصدى للظلم ويدفع حياته دفعا عن بيته وأهله. السلطات التركية تحاول منع الآباء الكرد من تلقي العزاء في أولادهم. وتحاسب كل من يلجأ إلى تقديم العزاء في هؤلاء.
الحزب الحاكم في أنقرة أصبح مسعورا لشدة عداءه للشعب الكردي.هو لا يحترم الأحياء ولا الأموات ولا يقيم أي وزنا للأخلاق والدين والأعراف. يحاول الحزب الحاكم الآن منع الكرد من إقامة مراسيم العزاء لأبنائهم الذين يقتلون برصاص زبانية هذا الحزب، الذي يعمل القتل والهدم في مدن وقرى كردستان. هذه هي العقلية المتوحشة الغارقة في الإجرام والعنصرية، وهي تلك التي خلفت كل هذا الخراب وكل هذه الدماء، وساهمت في تبلور القضية الكردية بهذا الشكل، وأنتجت كل هذا الألم والدماء. العقلية التي تمثل بالجثث، وتتلذذ بشكل سادي بجثث المقاومين الكرد، كيف لا تعمد إلى منع مراسيم العزاء؟. جميع أبناء الشعب الكردي مطالبون برفض هذا القرار، وزيارة كل خيمة عزاء أو مراسيم تشييع أي مناضل. الجار والقريب الذي يتقاعس عن المشاركة في تقديم واجب العزاء يرتكب ذنبا وأثما وطنيا وإنسانيا. لا يجب الاعتراف بأي قرار من هذا الشاكلة يصدر عن مؤسسات الحزب الحاكم القمعية.
الإرهاب الممارس بحق برلمانيي حزب الشعوب الديمقراطي لا يجب أن يثمر عن شيء. لا يجب أن ينجح الحزب الحاكم في دفع أي شخص لأي موقف ينم عن الخضوع والاستسلام. برلمانيو هذا الحزب منتخبون من الشعب ولهم الحق في الوقوف مع أبناء شعبهم وناخبيهم في كل المواقف والصعد وبكل قوة وبحضور قوي. ومن هنا فإن الاستنكار يطال الحملة الموتورة على البرلمانية الكردية “توكبا هيزار” التي زارت مراسيم عزاء منفذ عملية أنقرة. حزب العدالة والتنمية يريد سحق إرادة المقاومة والمعارضة لدى حزب الشعوب الديمقراطي، ولا يجب أن ينجح في ذلك أبدا. أي قرار قمعي يجب أن يجابه بمزيد من التمسك بالمقاومة والنضال والتشبث بالحقوق وعدم التراخي في الدفاع عن قيم الشعب…
* الرئيس المشترك لمنظمة المجتمع الكردستاني
صحيفة (Yeni Özgür Poltika) الكردية الصادرة في أوروبا.[1]