الثورة السورية بين التطرف و الاعتدال
الدين بين التسامح و القتل
نورالدين عمر
تندلع الثورات عبر التاريخ و حتى الآن بأشكال و ظروف و أسباب تختلف حسب كل مرحلة .و تلعب الظروف الموضوعية و الذاتية و ثقافة الشعب و التدخلات الخارجية دور في نجاح و فشل الثورات .و قد نجد ثورة على شكل مظاهرة او مظاهرات جماهيرية .و قد نجد ثورات تتخذ أشكال المظاهرات و الحروب و تمتد لسنوات ،و ثورات تتخذ أشكال الحروب الشعبية و تحريرية و ثورات سلمية و أخرى عنيفة ،و ثورات لم تدمر و تخرب و ثورات تدمر و تخرب و تهدم كل شيء .و مع عدم الدخول في احقيتها او عدم احقيتها ،او انها تمثل التقدم و التطور او تمثل الرجعيات و التطرف ، فإن الثورات و التمردات و بتأثير الأفكار و الأيديولوجيات و الظروف الصعبة هو رد فعل طبيعي حدثت و قد تحدث في اي وقت .
و ثورة السورية التي كانت رد فعل شعبي على الطغيان و الدكتاتورية و بتاثير ثورات اخرى و خاصة في مصر و تونس و التي اندلعت شرارتها بمظاهرات شعبية في -03-2011 سرعان ما تحولت إلى اشتباكات و اصطدامدات مسلحة .و أسباب ذلك عديدة منها نابعة بدرجة الأولى من النظام و عناده و مخططاته التي حاول بكل الوسائل و الطرق تحريف الثورةعن مسارها السلمي و أيضا بسبب التدخلات الخارجية و طبيعة المجتمع السوري و ثقافته .
و بعد خمسة سنوات من عمر هذه الثورة دخلت الساحة السورية مرحلة من الصراع المسلح يغلب عليه الطابع المذهبي و الديني و الطائفي .و تحولت سوريا إلى دويلات مذهبية و دينية متطرفة بمعظمها .
بعض القوى تعتبر ما حصل و يحصل هو فشل لثورة و بعضها اعتبرها نصرا و مكسبا .فالنظام يعتبر نفسه منتصر لأنه صمد و لم يسقط امام المؤامرة الكونية التي روج لها منذ البداية .و تنظيم الدولة الاسلامية أسس خلافته الاسلامية التي تقاوم العالم كله حسب اعتقاداته المتطرفة ،و جبهة النصرة فرع القاعدة في بلاد الشام أسس دويلات و إمارات إسلامية و هي ايضا تعتبر انها منتصرة ،و المجموعات الاسلامية و السلفية الاخرى كجيش الإسلام و حركة أحرار الشام الاسلامية و الجبهة الشامية الاسلامية و غيرها من المجموعات المتطرفة كلها تعتبر انها حصلت على مكاسب و تمثل الثورة و التغير .و سوريا اليوم تضم المئات من المجموعات المسلحة او على الاقل تضم أكثر من 1000 مجموعة مسلحة تخبات و تسترت تحت اسماء ثورية و الدينية أهم تلك الأسماء هي ” الجيش الحر ” .
سوريا لم تقبل بالطغيان و حدثت فيها تغيرات هائلة و لكنها اليوم تعيش أزمة حقيقية بل كارثة وطنية حقيقية .
فهي لم تعد دولة واحدة بل مجموعات دويلات تتصارع ، مع اشتباكات و قصف يطال كل المناطق ، و تشريد لاغلبية سكانها و تخريب للبنية التحتية مع مئات الآلاف من الضحايا و الجرحى و المعاقين و المساجين و الأسرى .
سوريا الآن ساحة لصراع بين المجموعات المتطرفة فيما بينها من جهة ، و فيما بين القوى المتطرفة و القوى التي ترى نفسها قوى معتدلة و ديمقراطية .و رغم أن المجموعات المتطرفة تسيطر حاليا على أغلبية الساحة السورية ،إلا أن القوى المعتدلة و الديمقراطية بدأت بتجميع قوتها و تحقق مكاسب على الأرض سيؤدي قريبا إلى تغيرت هائلة في الساحة السورية.
طبعا الحل في سوريا ليس بالتقسيم او استمرار الصراع إلى ما لا نهاية .بل أن الحل هو حل سياسي يحقق طموحات كل السوريين في تأسيس دولة لامركزية فيدرالية عبر شراكة حقيقية دون إقصاء اي مكون .و لذلك فإن توحيد القوى المعتدلة و الديمقراطية ضروري من أجل التصدي لتطرف بكل أشكاله السياسية و الدينية .و اعتقد أن تأسيس مجلس سوريا الديمقراطية كانت خطوة مهمة في هذا الاتجاه و هي بحاجة إلى توسيع بحيث تضم أوسع القوى المؤمنة بالديمقراطية في سوريا و تكون بديلا عن الطغيان و التطرف في سوريا .
الحل السياسي ممكنة بوجود قوى مؤمنة بها .و لا يمكن الاعتماد على القوى المتطرفة لتحقيق الحل السياسي حتى و ان جرت المفاوضات في كل عواصم العالم .و من اجل ذلك فإن توحيد القوى المعتدلة و الديمقراطية و تحقيق الانتصارات على الأرض مهم لفرض الحل السياسي الذي يحقق طموحات كل السوريين.
و كورديا فإن تقارب القوى السياسية الكوردية و توحيدها في هيئة تمثل الكورد سياسيا و دبلوماسيا هي خطوة لا بدأ منها و كذلك التفاف كل القوى حول الوحدات الكوردية و دعما ماديا و معنويا هي التي ستجعل للكورد قيمة كبرى في كل ما يتعلق بالحل السياسي في سوريا و خاصة أن الكورد معروفين عالميا باعتدالهم و ابتعادهم عن التطرف .و مع الدعم الدولي التي تتلقاه القوات الكوردية و قوات سوريا الديمقراطية ، و الانتصارات التي تحققها تلك القوات على الأرض نستطيع القول ان الكورد هم القوة الطليعية لكل تغير جذري في سوريا و هم أصحاب الثورة رغم حقد كل المتطرفين .[1]