السخطُ من السياسة الأمريكية… أين سَتُوصِلُ بتركيا؟
رياض يوسف
لم تتوانى الدولة التركية ولو للحظة واحدة في الإبداء عن امتعاظها وسخطها من الانتصارات الكردية على أرض روج آفا, ولم تخفي يوماً عدائها لهذه القوات متذرعةً بخوفها على أمنها القومي من خلال إنشاءِ إقليمٍ محاذٍ للحدود التركية يضم الكرد بأغلبية واضحة, ومبررة محاربتها لهم لهذه الأسباب.
الدولة التركية وللتغطية على ممارساتها الإرهابية ودعمها العسكري والمادي للفصائل الإسلامية المتطرفة والإرهابية وحتى تقديم الدعم المعنوي والتدريبي واللوجستي لهذه الفصائل المتمثلة بداعش وبعض الفصائل الأخرى مثل نور الدين الزنكي مؤخراً وأحرار الشام وجبهة النصرة حيث تقول في إعلامها المسموع والمقروء وحتى على شاشات التلفزة والقنوات التركية بأنها ضد الإرهاب المتمثل بداعش واخواتها في سوريا وتريد محاربتها والقضاء عليها وحتى أن رئيس حكومة العدالة والتنمية رجب طيب اردوغان قالها في الكثير من المحافل أنه ضد هذا الإرهاب وأنه سيحاربه.
ولكن بات واضحاً للعيان أن حكومة اردوغان تدعم داعش وتقدم لهم كل الأسلحة والعتاد اللازمة وحتى تقديم المواد التي تدخل في صناعة المواد المتفجرة والألغام والتي كشفتها الصحف التركية المعارضة, رغم كل هذه التسهيلات التي تقدمها تركيا إلا أنها تنكر دعمها وتورطها في هكذا علاقات تضر بعلاقاتها مع جميع الدول التي شكلت تحالفاً ضد هذا التنظيمات الإرهابية وقررت محاربتها والقضاء عليها, كل هذه التصرفات التي تقوم بها حكومة العدالة والتنمية بقيادة اردوغان سيجد البعض من الحاقدين وبعض الموظفين لدى اردوغان بأن له الحق في الخوف على أمنه القومي من خلال سيطرة الكرد على ما يقارب 700 كلم من حدود تركيا التي هي مناطق كردية بالأصل, وسيجدون بأن لها الحق في حماية حدودها من الكرد رغم التطمينات المتكررة من القادة السياسيين في أكثر من مناسبة بأن ليس للكرد أية عداوة مع الشعب التركي, وأن الإدارة في روج آفا تريد علاقات حسن جوار مع الدولة التركية, والسؤال هنا إذا كانت الحكومة التركية تدافع عن الفصائل المسلحة الجهادية والإرهابية القريبة من حدودها بداعي حماية أمنها القومي من الكرد حسب تفسيره!!! فبأي صفة تدافع وتستميت الدولة التركية أيضاً بقيادة اردوغان عن مدينة الرقة السورية المعروفة بأنها عاصمة داعش منذ نهاية العام 2013؟
لماذا قد تدافع الحكومة التركية بقيادة اردوغان عن إرهابيي داعش في الرقة وهي المدينة السورية التي تبعد المئات من الكيلومترات عن الحدود التركية؟
أوليس قطع الطريق بين الرقة وتركيا يعني أنها إعلان عن قطع الطريق الاقتصادي الذي يمد الحكومة التركية بما ينهبه داعش من ثروات سوريا, من النفط والمحاصيل الزراعية والمسروقات من معدات المصانع والشركات في سوريا, عداك عن الآثار التي تنهب من سوريا والعراق وتدخل إلى تركيا من هذا الطريق؟
ألم يقل وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو أن وضع القوات الامريكية لعلم وحدات حماية الشعب والمرأة ( YPG- YPJ) كأنهم يضعون أعلام داعش وجماعة بوكو حرام على أكتافهم, كما اشترط وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأثنين تخلي الولايات المتحدة عن المسلحين الكرد للمشاركة في الحرب ضد داعش في سوريا.
وقال أوغلو في مؤتمرٍ صحفي عقده في العاصمة اليابانية طوكيو: “ما نتحدث بشأنه مع الأميركيين هو إغلاق جيب منبج في أقرب وقت ممكن، وفتح جبهةٍ ثانية” في إشارةٍ إلى منطقة يسيطر عليها داعش وهي محاذية للحدود التركية.
وأضاف أوغلو: “إذا جمعنا قواتنا, لديهم (الأميركيون) قواتهم الخاصة ولدينا قواتنا الخاصة، ونحن نقول نعم يجب فتح جبهة جديدة لكن ليس بمشاركة حزب الاتحاد الديموقراطي ( الكردي)”، وفق ما أفادت وكالة ” فرانس برس”.
واعتبر أوغلو إن معارضين سوريين عرب مسلحين ومدعومين من قبل القوات الخاصة التركية والأميركية، وكذلك من دول أخرى حليفة، يمكنهم بسهولة التقدم باتجاه شمال مدينة الرقة حسب زعمه التي يسيطر عليها داعش منذ عام 2013.
وأعرب الوزير التركي عن خيبة أمله من الولايات المتحدة قائلا إنها لا تفي بوعودها، في إشارةٍ إلى تأخرها في تسليم البطاريات المضادة للصواريخ إلى آب أغسطس المقبل.
حيث تشن قوات سوريا الديمقراطية منذ الأسبوع الماضي هجوماً مكثفاً على ريف الرقة الشمالي معقل داعش الرئيسي في سوريا، وتسانده قوات خاصة أميركية دون النظر أو الأخذ بآراء تركيا, أو ملاحظات وزير خارجيتها وهم يعرفون حق المعرفة أنهم يخافون على كسر شوكة داعش حلم الحكومة التركية وذراعها العسكري التي تحارب بها الكرد في سوريا للقضاء عليهم وسحقهم، أيضاً حسب زعمهم, ولكن كل هذه اللامبالاة الأمريكية والتغاضي عن التصرفات وعدم الرد وعدم المحاسبة وغض الطرف عن كل هذه التصرفات يظن الكثير ويرى بأنه بمثابة فتح المجال للحكومة التركية وعلى رأسها أردوغان لارتكاب المزيد من الأخطاء التي ستكون بمثابة الضربة القاضية التي ستوجهها الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي للحكومة التركية, ومحاسبتها وبالتالي كسر هيمنتها والقضاء على فكرها الدكتاتوري الإرهابي في المنطقة. كل هذه التصرفات الغير محسوبة العواقب كفيلة بزيادة الهوة بين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة التركية بقيادة أردوغان, وكفيلة بتوسيع الشرخ بين عضوة الناتو وبين أمريكا ولكن لكل قضية أوانها ولكي ديكتاتور زمنه ومهلته تقتضي بقضائها.[1]