تسليح الكرد.. الخطوة الأولى على طريق إنهاء الحرب السورية
هيئة التحرير (شيكاجو تريبيون): تسليح الكرد.. الخطوة الأولى على طريق إنهاء الحرب السورية
يَصعب على أي طرف من أطراف الحرب الأهلية الوحشية المتقدة منذُ خمس سنوات أن يحافظ على نجاحات دائمة. لولا التدخل الروسي إلى جانب النظام حينها، لكان الأخير في وضع لا يحسد عليه. أما سجل الرئيس الأمريكي، باراك أوباما فأظهر فشلاً كبيراً فيما يخص الملف السوري، ويُحتمل أن يغادر السلطة تاركاً ورائه وصمة عار دائمة على ميراثه. أما المعارضة السورية فهي تحارب لكي تنجو الآن. أما تنظيم “داعش”، المجموعة التي يتفق الجميع على إنهائها، باتت تنحسر ببطء ولكن باستمرار، فهي تخسر مناطق سيطرتها يوماً تلو الآخر. رغم كل ذلك، استطاع الكرد وحدهم زيادة قوتهم وتحقيق الانتصارات في ساحة المعركة، وتوسيع الرقعة الجغرافية التي يسيطرون عليها في شمال البلاد، كما واستطاعوا استرداد مدن رئيسية من قبضة تنظيم “داعش” مثل مدينتي (#كوباني# – منبج). انطلاقاً من ذلك، فإن الكرد هم في أفضل موقف يجعلهم قادرين على شن هجوم ضد التنظيم في عاصمة خلافته في الرقة.
الانتصار على تنظيم “داعش” في الرقة، إلى جانب نصر متزامن في الموصل العراقية، وهو ما يتأمله الغرب، سيؤدي إلى سحق رؤية وتصور مقاتلي الخلافة في الشرق الأوسط. إضافة إلى أنه سيوجه ذلك ضربة قاصمة لقدرة التنظيم على التجنيد عبر الشبكات الالكترونية. الدور المحوري الذي يلعبه الكرد السوريون في الحرب ضد تنظيم “داعش”، يدفع البيت الأبيض إلى دراسة تسليح القوات الكردية بشكل مباشر، فحتى تاريخ اليوم، تقوم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بتسليح القوات العسكرية العربية الموجودة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الكرد، ولكنها لم تقم بتسليح الكرد. خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال جوزيف دنفورد، على أن قدرات المقاتلين الكرد العسكرية “ستؤدي إلى زيادة احتمالات نجاحنا باستعادة الرقة. المقاتلون الكرد هم شركائنا الأكثر فعالية على الأرض.”
وواجه أوباما خيارات صعبة مسبقاً في الصراع السوري. تسليح الكرد مباشرة يعتبر الأصعب– ولكنه الخيار الصحيح. يترتب على واشنطن دفع ثمن تعزيزها القدرات العسكرية للكرد في سوريا. حيث سيؤدي إلى تصعيد التوتر مع تركيا، حليف مهم لواشنطن في حربها ضد “داعش” ولكنها تعادي الكرد علناً بسبب الصراع التاريخي الكردي ضد الدولة التركية للانفصال عنها. العلاقات الأمريكية – التركية متوترة مسبقاً بعد الاعتقالات وفصل عشرات آلاف الضباط من الجيش التركي، دكاترة الجامعات، المدرسين إضافة إلى القضاة في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل ضد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وازداد أردوغان غضباً عندما امتنعت واشنطن عن تسليم رجل الدين التركي ومنافس أردوغان السياسي، فتح الله غولن، الذي يُعتقد بأنه العقل المدبر وراء الانقلاب، والذي يعيش الآن في ولاية بنسلفانيا الأمريكية. أضف إلى ذلك، هنالك تعقيدات أخرى مهمة: حيث أنه كلما ازداد الكرد قوة، كلما اقتربوا من فكرة دولة كردستان العابرة للحدود. وأعلن الكرد السوريون تأسيس نظام الحكم الذاتي في المنطقة الممتدة شمال سوريا والمسماة روج آفا والتي تملك دستوراً منفصلا، والتعليم يتم باللغة الكردية في العديد من مدارسها، حتى أنهم قاموا بفتح مكاتب تمثيلية دبلوماسية في العاصمة الروسية، موسكو إضافة إلى فتح مكاتب في عواصم أوروبية أيضاً. القادة الكرد سيكونون قادرين يوماً ما أن يقوموا بدمج روج آفا مع إقليم كردستان العراق الفدرالي منذ عام 2005، وتأسيس دولة كردية تعدادها 9.5 مليون شخص، والتي ستكون ممتدة من الحدود الإيرانية شرقاً إلى الحدود التركية غرباً. هل يمكن أن تعيش دولة كردية عابرة للحدود في وقت يُعتبر فيه الكرد من ألد أعداء الأنظمة الموجودة في كل من دمشق وأنقرة، إضافة إلى حكومة بغداد التي بالكاد تُطيق إقليم كردستان.
الأهم في هذه المرحلة هو طرد تنظيم “داعش” من الرقة، وتحقيق ذلك يتطلب تسليح الكرد في سوريا. تركيا قد لا تقبل بذلك. إحدى النقاط التي تستطيع واشنطن تأكيدها لإدارة أردوغان هي عدم قيام واشنطن بتسليح القوات الكردية بالمدافع الثقيلة، فقط تزويدهم بالأسلحة الخفيفة والذخيرة. يجب على واشنطن تذكير أردوغان بخطر “داعش” على الأمن القومي التركي. حيثُ أن تنظيم “داعش” كان وراء الهجوم الذي نُفِذَ على مطار أتاتورك وأدى إلى مقتل 45 شخص في حزيران الفائت.
إحدى أخطاء الرئيس الأمريكي، باراك أوباما الأكثر إحراجاً في سوريا كانت عبر تعليقه الآمال على القوات الخطأ. البرنامج الذي أطلقه أوباما والذي كلّف 500 مليون دولار أمريكي وطال لمدة عام كامل لتدريب 5400 مقاتل معتدل، نتج عنه عدة مقاتلين فقط. باراك أوباما يستطيع تعويض ذلك على الأقل من خلال تعزيز القدرة العسكرية للقوات الكردية السورية قبل انتهاء ولايته.
ترجمة: المركز الكردي للدراسات[1]