هل يحل لنا ان نناقش غير المُناقَش
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5042 - #12-01-2016# - 19:18
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
هناك مواضيع اصبحت من الثوابت، لم يعد على الكثيرين النظر فيها او مناقشتها بما يحكم العقل عليها و على حقيقتها، و منها على الاكثر دينية منقولة على الرغم وجود الشكوك في بنيانها و صحتها او في كيفية وصولها و نقلها خلال هذه القرون الطويلة، و ما صادف طريق وصولها الى عصرنا و اثر فيها او غيرها و منها بشكل مطلق او عكس ما كانت عليه بالتمام وا لكمال، دون ان يتاكد احد من اساسها الصحيح، او التغييرات التي حصلت لها بعد تداولها وفق الظروف التي مرت بها و كيفية حدوث نقص او زيادة فيها على الاقل. و على المقدار ذاته يوجد من المنقولات سواء نظريا كانت ام عمليا اي متداولا يوميا من العادات و التقاليد المتوارثة التي يتعامل جمع غفير من الناس معها و كانها من الثوابت المقدسة لا يمكن التقرب منها او مناقشة احكامها و مضمونها كما يشك فيها العقل و التفكير ايضا .
تسكعت مع صديق مقرب مساءا و صادف ان تكلمنا في موضوع اجتماعي حساس بحسه و عقله و ايمانه و توجهاته يعمل لصالح الطبقة الكادحة سواء نظرته الى الحياة او من حيث تعامله اليومي مع المقربين منه، و محب للناس البسطاء، و لكن اي كان مستوى ثقافته يمكن ان يُطرح اي موضوع للمناقشة و ابداء راي حوله و ما يكون وفق ما يفرضه العقل السليم غير المتكل على الغيب . انه يساري و له افكار تقدمية و ينحاز للعلم و المعرفة في مسيرته و يؤمن بالنقد و النقد الذاتي، و هو من تربية عائلة صادقة مع نفسها ايضا، و يمكن ان اقيمه انا و حسب اعتقادي ان اكبر نقطة ضعفه هو ما توارثه من عائلته هو الايمان بمذهب بشدة و بالاخص بامامه المفضل علي، و حبه هذا الاامام منهم حبا جما، وضعه في موقع معلق بين الالتزام بالدين او الماركسية البعيد عنه، اصبح كل ما يفكر فيه انه مقرر مع قرارة نفسه انه مهما امن بالعلمانية واليسارية فانه يجب ان لا يدع الفلسفة التي يؤمن بها و هي اليسارية لحد كبير، ان لا يدع عقله و تفكيره ان يشكك في مضمون الموضوع الهام لديه و هو المذهب وا لامام المفضل لديه، و ان يكون حرا في مناقشة كل موضوع و ليس هناك اي شيء خارج الشك و التفكير فيه الا مذهبه و امامه و حتى ليس دينه، و اي انه يمتنع عن التقرب من امامه المعصوم و كانه يحسبه الها او خالقا و من هوسه به، اصبح خارج سرب اليسار في وقت ما .
و اليوم فرضت عليه النقاش حول ما ازعجته به الموضوع الخاص الذي يمتنع في اكثر الاحيان ان يخوض فيه سواء تفاديا في زعزعة ايمانه به، او لا يريد في قرارة نفسه ان يشكك في القوة التي يمنحها اياه كلما كان في محنة، معتقدا بما ياتيه من الايمان بانه باعث له المسند و الداعم في كل مشلكة، و اجبرته بشكل غير مباشر على نقاش الامر . و هذا ما قلته له في البداية ان وضع الحاجب على اي موضوع سيبقيه مخبئا و لا يمكن معرفته و هذا لا يمت باليسارية التي توسمت انت بها منذ نعومة اظافرك . تاوه و قال انني ضعيف في هذا المنحى، و لا اريد ان اكسر بعض قناعاتي الايمانية التي خلقتها في نفسي، و لا اخفي عنك انها كما كان النبي محمد يفعله ابان نزول الوحي و ما يدخل فيه من الحالة الخاصة التي شبهها الباحثون بالصرع و التغيرات التي تحدث في وجهه و تعرقه و تربد وجهه و التشنجات الحاصلة في عضلاته المختلفة . و قال لي انا على دراية و مقتنع بما حدث له و خاصة بعد قرائتي لكتاب الشخصية المحمدية لمعروف الرصافي و بعض السير النبوية و ما صدر حولها و ما عاشه النبي في حينه، و لكن نقطة ضعفي في ايماني القاطع بامام علي و ما كان يتميز بها، لا اعتقد انه يمكن ان يكون انسان على شاكلته !! فقلت اهو افضل من النبي في مميزاته و خصائله؟ فسكت و ابتسم و اعتقدت بانه خاف ان يجيبني بصراحة، و لكنني تلمست منه ان يكون صريحا و تبسم فقط، و ادركت بانه يعتقد بانه افضل من النبي في كثير من النواحي، و ربما لم ياته الوحي، لانه لم يكن في عمر محمد، وقلت هل تؤمن بان الوحي نزل مباشرة الى النبي و بيد جبرائيل كما هو ناتج عن حالة النبي و وضعه النفسي وحياته و تطلعه على الاديان و اسفاره الخاصة الى الشام و اليمن، قال اشك في هذا ايضا، و لكن قوة علي و قدرته و خصائله و ما اعتبره الوهيته و خصوصيته العقلية والجسمية و حسمه للمواضيع في مسيرته و ايمانه بالماباديء التي حارب من اجلها لا يمكن ان يكون هناك من مثيله .
عدنا الى الواقع الاجتماعي و ما فيه و ما يؤمن هو به و عاد بما يؤمن انه نابع من توجهات و خصلات و نظرة الامام علي الى تلك المواضيع، و لابد انه كان يدرك ما كانت عليه الناس و عمل لصالحهم، و به فرض ما يهمهم و توارثه الناس المسلمين . بعد هذا اكتشفت من انه ازدواجي في تفكيره و لم اكن اعلم هذا من قبل، و كل ما ينطق به من حيث ايمانه باليسار و الطبقية و الماركسية و مصالح الفقراء الا نابعا من نظرته السطحية دون ايمانه العميق بالمسالة او الفكر او الفلسفة الماركسية، و الا لا يمكن ان تؤمن بالغيب و تكون غير واقعيا و انت مؤمن بالفلسفة المادية .
فاخذت ان اناقشه وفق ما هو عليه من الوسطية في كل شيء و لم يصل الى ان يثبت في عقليته و فكره المباديء التي يدعيها في اليسارية، و انما لازال تاثير ما ربي عليه و هو طفل لم يخرج من كيانه او عقله و بقى في خلفيته ثابتا لم ينتزع منه على الرغم من قرائته الشرهة للكتب اليسارية و الماركسية بشكل خاص .
تناقشنا كثيرا و لكن ملخص الامر و دون الدخول الممل في التفاصيل يمكن ان اقول: انه لازال رغم العمر الطويل في خوضه و تعمقه في امر الفلسفة و الفكر والمباديء الاساسية المعتمدة للفكر الماركسي، لازال عمليا تابع لما اكتسبه في طفولته و لم يقدر ان يخرج منه بشكل تام . بقي معلقا في الوسط بين العلمانية و الميثولوجية لشدة تعلقه و اقتدائه بالامام علي و ما غرزوه في عقله الباطن منذ بداية تكون عقله و تفكيره و نضوجه . لم يحسم امره بعد في مواصلة ما يؤمن به، ولم يتجرا على ان يكون مقاطعا ما ليس المفروض ان يتواصل فيه بعد كشف زيفه عقلانيا . و لكنه و رغم كبر سنه و انشغاله بالامر كثيرا و المستوى الثقافي العام الذي يمتلكه، لم يقتنع باي امر من الاثنين، و لم ينفصل عن الاثنين و كماسميته له و قلت له، انك توارثت العقل المثالي و اكتسبت العقل المادي دون الايمان بالمضمون . و قال في النهاية انا كوردي شيعي شيوعي علوي و ضائع بينهم لحد الان دون البقاء على جانب دون اخر و سابقى . و للحديث بقية ... بعد لقاء منتظر قريبا كما اتفقنا و لم نصل الى النتيجة اليوم.[1]