سيمفونية جديدة معزوفة على أوتار السياسة الإرهابية في ليلة دموية … من العازف ؟
أردوغان ودولة الحزب الواحد
بقلم مهند إبراهيم :
تدخل منطقة الشرق الأوسط إلى مرحلة شبيهة ببوابة جديدة مفتوحة الأفق مطلة على موج من الاستفهام لكنها مقفلة عند عتبة الحل على أمل أن تجد الخلاص وحسم المعركة, كمضيق يصعب آن تعبر منه باخرة محملة بآلاف الأطنان من الآهات والصعوبات والأزمات, باحثة عن الوجود والحياة الجديدة لكنها لا تعلم أنها قد قصدت الوجهة الخاطئة كونها و بدون شك ستكون أسوء من الوجهات التي انتهى عهدها, ستفقد أشرعتها وستغوص أكثر في أعماق مغلفة بالشحنات التي ستؤدي إلى عرض مشهد جديد لم يشهد له الأعوام الخمسة من الثورة فهي تسير فوق بحر من الدماء.
تفاهمات, ولاءات, مصالح, وعهود, وعداوة, وتوافقيات اللحظة الأخيرة لا مصداقية لها بعد المصافحة ذاهبة أدراج الرياح, ما أقصده وأعنيه هنا هو إن الفكر البشري بدأ يرتطم بجدران العجب والغموض, هنا يقولون توصلنا لحل ولكن ما من حل والأوراق مختلطة بسبب عدم القدرة لتحديد التواصل للبنية الحقيقية لاستئصال الفيروس وإعطائه الترياق قبل فوات الأوان.
في سوريا حقيقة اللغز غير معروف لأن الكل له وجهة نظر, والكل يريد أن يكون له حصة, وأن لا يبقى في الميدان دون تطفل, إذاً كيف للساسة والدول المهيمنة والأجندات أن تقوم بتنفيذ مخططاتها ومشاريعها بعد أن كانت قيد التنفيذ في سوريا, خاصةً بعد التطورات التي طرأت على الساحة العسكرية والسياسية.
التنظيم الإرهابي داعش بدأ ظهور هذا الاسم بشكل فجائي وهو تنظيم وشركة أسهم, فالكل يتداول أسهمه فيها بغية تحقيق مكسب وموطئ قدم بحجة محاربته, ولكن هو حليفٌ استراتيجيٌ خفي له يدرس واقع المنطقة وكيفية التحرك نحوها, والتأثير في ديموغرافيتها وأمنها, والقيام بأدوار وخطوات لتحقيق الطاقة الكامنة لطرف أو جانب معين, وليس داعش فقط وإنما العشرات من أسماء التنظيمات الحربية المتداولة في الحرب السورية.
الغاية من هذا الحديث هو الإرهاب الذي بدأ يضرب دون رحمة ولا شفقة تارة هنا وأخرى هناك, والفاتورة دماء الشعب السوري الذي مل من هذه المحن التي تخنقه ويتمنى أن يشاهد حقيقة الحوار السوري الفعال والجاد.
الإرهابي بدء بعمله بشكل كبير في المنطقة مستهدفاً العديد من الأطراف وأكثر الأطراف تعرضاً لإرهاب هؤلاء المرتزقة هي المنطقة الشمالية لسوريا ” روج آفا “.
من الذي يقف وراء الهجمات الإرهابية على روج آفا – شمال سوريا متنكراً بزي وقناع وإيديولوجية مرتزقة داعش, ومن يريد أن يقوم بتنفيذ سياسة إرهاب التهجير الممنهج ضد سكان المنطقة وخاصة مكونات المنطقة ( الموزاييك ) المتنوعة بسكانها وأديانها ومعتقداتها.
يوم الأثنين الواقع في 3 من تشرين الأول لعام 2016 هل الفاعل مبني للمجهول في الجريمة و الهجوم الوحشي على نادي وصالة السنابل للأفراح, التي كانت تعج بعشرات المدنين من أطفال ونساء وشبان في ليلة حولها الإرهاب المسيّس من سعادة لحزن ومن فرح لبكاء في مدينة #الحسكة# الصامدة الواعدة ذات التاريخ الحافل والشاهد على متانتها ووحدتها وعراقتها ووطنيتها ومقاومتها في وجه الاستبداد و الشوفينية والإرهاب؛ الذي يريد الانتقام دوماً لإرجاع ماء الوجه أو لتحقيق نتيجة تقاطع هدف جهتين عند نقطة معينة, فعلى سبيل المثال كما قلت سابقاً النظام السوري يقوم بتحركات خفية مرتبطة بمحاور دول سياسية مجاورة تقدم له الدعم بشكل خفي, وحتى رغم العداوة التي بينهما إلا أن الأعداء تتغير أهدافهم وكل حساباتهم التي وصلت لدرجة عالية من الشدة, ومن ثم أصبحت في سبات ونسيانٍ كحدث مار مرور الكرام بمعنى ( لا عليك يمكننا حل مشاكلنا لكن ليس الآن ) عند نقطة تقاطع واستفهام ؟؟؟ هي المحور الشمالي لسوريا ( روج آفا _ المنطقة الفدرالية ), فهنا اجتمعت الأهداف والمشاريع و منفذي الإرهاب من جديد.
خلف الهجوم الانتحاري الأخير في مدينة الحسكة الذي نفذه أحد الإرهابيين 34 شهيداً وأكثر من 90 جريحاً كحصيلة نهائية.
لكن السؤال من ولماذا قاموا بهذا التفجير وفي هذا الوقت ؟؛
لا بد من إن استخلاص استخباراتي مستند فقط إلى ظواهر معروفة تنطوي على الكثير من غير المعروف وبالتالي نستطيع استخلاص تحليل بسيط من ما سبق:
أولاً:
نشرت العديد من الوكالات الإخبارية العالمية مقال تحدثت فيه عن زيارة سرية قام بها أحد قيادات الاستخبارات التركية لدمشق واجتمع مع عدد من القيادات السورية وجاء في جريدة الديار, تكشف معلومات متداولة داخل أوساط متابعة للعلاقات التركية – السورية، أنه خلال الشهرين اللذين سبقا الانقلاب الأخير في تركيا، زار دمشق على التوالي وفدان من المخابرات العسكرية التركية والجيش، وأجريا اتصالات مع مسؤولين سوريين.
لنرى بعدها نتائج تلك الاجتماعات بعدة أيام وقبله حتى, فانسحاب مقاتلي المعارضة من دمشق وحمص واللاذقية باتجاه الحدود الشمالية الكردستانية ( باكور ), ومن ثم دخول الجيش التركي مدعومةً بعدد من الفصائل الإسلامية والسلفية جرابلس بعد احتلالها في ال24 من آب بعد أن نفذه ميته ( قوى الاستخبارات ) تفجير ” غازي عينتاب ” لخلق حجة الدخول لسوريا الذي كان مشابهاً لتفجير يوم أمس و استشهد فيه 50 مواطناً كردياً, ويتبع أنه اندلعت اشتباكات حادة وعنيفة بين قوات الآساييش وقوات سوريا الديمقراطية من طرف وميلشيات النظام وأتباعه من طرف أخر دامت أكثر من 6 أيام حيث كانت عملية تحرير جرابلس مستمرة وفي تتالي للأحداث, أيضاً لم يستطع النظام الانتقام لخسائره فوراً وبشكل مباشر مما أدى لاستخدمه الوتر الإرهابي ( داعش ) حيث تم استهداف نقطة لقوات الآساييش عند دوار المرشو.
كما وقد كتب أحد كتاب جريدة السفير السيد محمد بلوط يقول مسؤول كردي كبير إن أي تفاهم سوري تركي بات ممكناً، خصوصاً أن أنقرة تتصرف تحت تأثير هواجس التقارب الأميركي الكردي، وتوسع الولايات المتحدة عسكرياً في قواعد جوية أربع في مناطق السيطرة ” روج آفا والشمال السوري “
ثانياً:
تم الإعلان عن كتيبة أجناد الحسكة بتاريخ #31-08-2016# بعد الانتهاء من الاشتباكات التي توقفت بوساطة روسية, وجاء في بيانهم بأنهم سيحاربون الكرد والنظام سويةً شاكرين السلطان العثماني ” اردوغان” على دعمه, لكن لا نرى أي استهداف لثكنات النظام ولا لمراكزه فالتمعن قليلاً بالفكرة والموضوع نستطيع الوصول إلى إثبات تواطؤ الطرفين.
فالطرفان متفقان مع أداة الجريمة بأن أي حدث سيكون منسوباً لداعش وذلك عبر تبني جميع التفجيرات كما إن مرتزقة داعش لا يستطيعون الحركة في مكان ما لم يكن لهم حاضنة.
بالنسبة لهذا الحدث لماذا تم استهداف القاعدة الجماهيرية لمدينة الحسكة ” الشعب “
الحكومة التركية قالت سابقاً على لسان رئيسها ورئيس خارجيتها ” مولود جاويش اوغلو ” بأنهم سيحاربون المخطط الفيدرالي بشتى الوسائل. فقبل التفجير بيومين عقد مؤتمر منتدى الحوار الوطني الديمقراطي السوري في مدينة الرميلان وشارك فيه 160 شخصية وطنية سوريا معارضة كخطة للتعريف عن النظام الفيدرالي, وتغير الظروف على الأرض وإمكانية تطبيقها في سوريا الأم عامة, بهذا الشكل أنقرة وحتى النظام السوري قلقون من أي توافق بين الأطراف السورية المعارضة, بالإضافة لعملية الإحصاء حيث أكد رئيس المصالحة الوطنية السوري في حديث له لوكالة روداو الإعلامية بإن الحكومة السورية غير موافقة, وإن العاملين على هذا المجال لن ينجحوا و المنطقة لن تكون آمنة إذا لم تتريث في أعمالها.
هنا نستطيع الجزم نعم مرتزقة داعش هم من نفذوا هذه العملية لكن من مول ومن خطط ومن هم أصحاب الهدف الواحد .. استطيع القول بإن الفكرة وصلت.
الأطراف المعادية ستستمر بالضغط والطغيان والاستفزاز والإرهاب والتصعيد والتعسف, فهي تحوي مصطلحات اوتوكراتيكية في قاموسهم ” الأسود الأحمر ” الذي بات ترجمته للواقع السوري وللرأي العالمي ليس بالصعب بعد كل هذه الأنغام التي سجلتها سيمفونيتهم الإرهابية بيد المغني السياسي الخفي.
ما يجب علينا فعله هنا في روج آفا – الشمال السوري هو المحافظة على الوحدة الوطنية, والعمل الجاد مع الجهات الأمنية الداخلية مثل ( الأسايش وقوات حماية المجتمع ) والتقييد بجميع القرارات وآلية تطبيقها بالطريقة الصحيحة لتفادي مثل هذه المجازر والعمليات الإرهابية.[1]