بمناسبة الاعتداء الإرهابي في الحسكة
السياسة التركية تجاه سوريا … بقاء الهدف و تغير الأداة
xalid omerخالد عمر
يتلخص حل الأزمة السورية المعقدة في التحول من نظام الدولة القومية المركزية و الحكم الأوليغارشي الموجود إلى النظام الفدرالي الديمقراطي و إحلال اللامركزية محل المركزية و جعل الحكم بيد المجتمع المنظم والمدرك لوجوب هذا الحل كحل وحيد واوحد تتمثل من خلاله إرادة كافة المكونات السورية باختلاف مشاربها القومية والدينية والمذهبية, هذا المجتمع الذي سيولِّد من داخله مؤسساته التي تدير شؤونه وفقاً للأصول الديمقراطية, وهذا الحل الذي سيكمن في ثناياه وتفاصيله وتطبيقه على أرض الواقع حل كافة القضايا الاجتماعية من خلال فلسفة الأمة الديمقراطية.
إن المنظمات الإرهابية كداعش ومثيلاتها بمختلف مسمياتها والتي تهدف إلى احتلال الأرض وقتل الشعب وتستهدف قيم المجتمع وروحه, هذه المنظمات المدعومة إقليمياً ودولياً من قبل الأنظمة الحاكمة المتسلطة والتي تضمن استمرار بقائها وتوسيع رقعة نفوذها من خلال العمل على استمرار حالة اللاحل واللااستقرار واستمرار الأزمة السورية المعاشة والتي من أهم أركان استمرارها هو محاربة كافة مساعي الحل التي تسير في الاتجاه الصحيح ومحاربة الأطراف الساعية.
لقد أثبت الكرد من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي وحركة المجتمع الديمقراطي من خلال تنظيمهم للمجتمع وطرحهم لمشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية ومن بعده لنظام الفدرالية الديمقراطية بأن عهد السياسة الكلاسيكية قد ولى ولم تعد هذه السياسة تجدي نفعاً ولم تعد الأشكال والنماذج الكلاسيكية للحلول تلك النماذج التي تلبي تطلعات الشعوب والمجتمع وتحل مشاكلهم وقضاياهم وفي مقدمتها “مطلب الحرية” التي نادى به الشعب السوري في بداية حراكه.
ولقد أدركت القوى والأنظمة المتسلطة أن ثنائية ( طبقة متسلطة-مجتمع عبد ) ستتحول إلى ( مجتمع حر-سلطة معدومة ) مما يعني زوالها وزوال الأسباب المؤدية إلى تضخم ثرواتها فما كان منها إلا أن تشن حرباً ضروس بشتى أنواعها العسكرية والثقافية والسياسية بهدف إفشال مشروع الفدرالية الديمقراطية الذي يبشِّر بزوال تلك الأنظمة والقوى.
يقترب مشروع فدرالية روج آفا-شمال سورية من المراحل الأخيرة لإعلانه ومن ثم بناء مؤسساته المرتكزة أساساً إلى مؤسسات الإدارة الذاتية, الأمر الذي يعني زيادة وتيرة الهجمات التي تشنها الأنظمة والقوى سالفة الذكر بهدف إفشال ولادة ذلك المشروع المولود أصلاً, ولا يعني ذلك أن تلك القوى سوف تستسلم وتعلن نهاية المبارزة بمجرد الإعلان والمأسسة, بل سوف تستمر وبكل جهدها بل وبضراوة أشد, ولكن لا يجب أن يثنينا ذلك عن المضي فيما بدأناه بل وعلى العكس تماماً يجب أن يزيدنا إصراراً وإرادةً وتصميماً.
جاء التفجير الإرهابي الذي استهدف بهجة وفرح أهلنا بالحسكة كاستمرار لمحاولات القوى المعادية لإفشال المشروع الديمقراطي وإهباط معنويات الشعب و إيلامه, هذا الحدث ليس الأول من نوعه باستثناء أنها المرة الأولى التي يكون فيها المكان المُستهدف هو صالة للأفراح, حيث أنها المرة الأولى في روج آفا التي يتم استهداف صالة للأفراح بعملية إرهابية أودت بحياة العشرات و جرحت العشرات كلهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال, في مرة سابقة حدثت واقعة مشابهة ولكن في شمال كردستان في مدينة ديلوك الذي سبق الاجتياح التركي لمدينة جرابلس, إن الرسالة المراد إرسالها من كلا الحدثين ومن الأحداث المشابهة هي رسالة واحدة والفاعل واحد والمُستَهدف واحد ولكن هيهات أن يخيفوا شعباً حوّل الموت إلى حياة و يُثنوه عن بلوغ هدف نضاله المقدس.
[1]