الخيارات الصعبة في معركة تحرير الموصل و الرقة
الأطماع التركية في سوريا و العراق تعدى حجج الأمن القومي و محاربة الأرهاب إلى الاحتلال و تأسيس كيانات على شاكلة قبرص الشمالية التركية .و اعتقد ان الولايات المتحدة الأمريكية لن تجبر الدولة التركية لسحب قواتها من إقليم كردستان و بعشيقة و لكنها لن تسمح بإعطاء الأتراك دورا كبيرا في تحرير الموصل التي تستعد الإدارة الأميركية الحالية لها من أجل تحقيق نصرا على المستوى الاستراتيجي قبل الاستحقاق الرئاسي الأمريكي .
لكن الخلافات العراقية التركية وصلت إلى حالة من تدهور و القطيعة و خاصة بعد تصويت البرلمان العراقي على قرار يطالب الحكومة التركية بالخروج من الأراضي العراقية واصفاً إياه ب “الاحتلال” ومطالبة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بخروج القوات التركية من العراق. و مع الرفض التركي لإنسحاب قواتها من العراق بحجج الأمن القومي التركي و محاربة الإرهاب و منع التغير الديمغرافي والنزوح .تصاعدت حدة الهجمات الإعلامية بين الحكومة العراقية و التركية . فقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مخاطباً حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي : “أنت لست ندي ولست بمستواي، وصراخك في العراق ليس مهما بالنسبة لنا على الإطلاق، فنحن سنفعل ما نشاء، وعليك أن تعلم ذلك، وعليك أن تلزم حدك أولا”.” و لم يتأخر رد حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي على أردوغان حيث قال : “لسنا ندا لك و سنحرر أرضنا بالرجال و ليس عبر السكايبي..”.
فموقف الحكومة التركية هو إعطاء الجيش التركي الدور الأكبر في تحرير الموصل و منع مقاتلي قوات الدفاع الشعبي HPG من أي مشاركة و تسليم مدينة موصل لحلفاءها من عرب السنة .أما موقف الحكومة العراقية فهو رفض لأي مشاركة تركية في تحرير الموصل و تعتبر القوات التركية قوات إحتلال و تتهم انقرة بدعم تنظيم داعش. أما رئاسة اقليم كوردستان فموقفها دعم لأنقرة ،و بسبب علاقاتها الاقتصادية المتشعبة مع تركيا لا تستطيع رفض التواجد التركي في الإقليم و العراق ،بل إن تركيا تعتبر تواجد قواتها في بعشيقة تواجدا مشروعا و تتدعي أنها متواجد بطلب من حكومة #اقليم كوردستان# . و في هذا الصراع تحاول الإدارة الأميركية إيجاد نوع من التوافق بين كافة الأطراف في سبيل استكمال كافة التحضيرات لتحرير الموصل .
و اعتقد ان دور الأساسي سيكون لجيش العراقي مع قوات البشمركه و قوات HPG و قوات حماية شنكال في معركة التحرير و لن يكون للأتراك أي دور رغم بقاء قواتها في بعشيقة و إقليم كوردستان.
أما معركة الرقة فهي تختلف بعض الشيء عن معركة الموصل .و لكن ليس خافيا هناك صراع دولي و اقليمي من أجل المشاركة في تحرير الموصل و الرقة و تحاول بعض القوى أبعاد الكورد عن هذه المعركتين من أجل احتلالها و ضرب منجزات الكورد .و بعض الكورد ايضا ما يزال مصرين على القول يجب عدم زج ابناءنا في معارك الغير .رغم ان من مصلحة الكورد المشاركة و من مصلحتهم أبعاد تركيا و اي قوة تعاديهم .
أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية ربما تسمح لتركيا بالسيطرة عبر حلفائها من المجموعات الإسلامية و التركمانية على مدينة الباب و إلحاقها بجرابلس و إعزاز و تشكيل كيان مرتبط مع تركيا على غرار قبرص الشمالية و تحت مسمى “المنطقة الأمنة ” .و لكن لن يكون للاتراك اي دور في تحرير مدينة الرقة لعدة أسباب منها الرفض الكردي لأي مشاركة تركية، و حدود الرقة الشمالية كلها محاذية لمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية و بعيدة عن تركيا ،أيضا عدم ثقة قوات التحالف بقدرة المجموعات المرتبطة مع انقرة بتحقيق و إنجاز تحرير مدينة بحجم الرقة . و لذلك فان الدور الأساسي سيكون لقوات سوريا الديمقراطية و الذي يشكل وحدات حماية الشعب نواتها و عامودها الأساسي .
معركة الرقة ربما تؤجل لكنها ستبدأ عاجلا أم آجلا ،و في حال عدم حدوث تطورات أخرى فانها قد تبدأ مباشرة بعد معركة الموصل.و قد يفكر قوات التحالف مع القوات المتواجد على الأرض في تكتيكات و مخططات أخرى تخص عمليتي تحرير الموصل و الرقة بعيدا عن الاعلام .أو ربما الحديث عن الموصل و الرقة هي تمويه لعمليات أخرى يتم التحضير لها ،كما حدثت في معارك منبج سابقا .
مهم يكن فإن مشاركة الكورد و القوى الديمقراطية في عملية التحرير مهمة ، و تحرير هاتين منطقتين لا تقل اهمية عن تحرير اي مناطق أخرى و كل القوى تدرك هذه الاهمية بما فيها الدولة التركية التي تسعى لتشكيل منطقتي نفوذ في شمال سوريا و شمال العراق ، لا بل إن تحرير الموصل و الرقة ستغير المعادلات السياسية و العسكرية على الأرض و ستكون بداية لتشكيل تحالفات جديدة و مناطق نفوذ جديدة . و القوى الكوردية و الديمقراطية في كل من العراق و سوريا عليها أن لا تسمح بتشكيل كيانات مرتبطة مع انقرة على غرار القبرص الشمالية التركية ،و تلعب الدور الأساسي في عمليات التحرير .[1]