اليسار الكوردستاني و الموقف من مستجدات المنطقة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5014 - #15-12-2015# - 08:02
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
بداية، انني عندما اتكلم عن اليسار الكوردستاني، لا اعني من كلامي اي حزب كوردستاني موجود الذي يعتبر نفسه ممثلا لليسار، و لا اقصد اي تنظيم كوردستاني سواء علني او سري مطلقا، لانني على اعتقاد صريح بان من يعتبرون انفسهم ممثلين لليسار ليسوا كذلك على ارض الواقع، و الدليل انعدام صوت اليسار فيهم طليعية لفصل الامور السياسي في كل زمان و مكان . اما هؤلاء ليسوا على حال و موقف يدافع عنهم اليسار و هي القوة المتمكنة لاي حزب او تنظيم يؤمنون به، و الدليل تراجع هؤلاء جماهيرايا و صوتا، و بقائهم ضمن المتملقين للسلطة الكوردستانية مهما كانت نوعها . اليساريون الكوردستانيون، اي الطبقة الكادحة بجميع تركيباتها، لحد هذه اللحظة لم يجتمعوا في تنظيم معين، بل الاحزاب التي تدعي بهتانا بتمثيلهم، ليسوا الا مجموعة من الناس مجتمعة على مصالح معينة بادارة مجموعة من الاشخاص و الحلقات الضيقة التي تتملق للسلطة الكوردستانية من اجل مصالح حزبية و شخصية ضيقة كما يعلمه الجميع . اي اليسار لازال مشتتا و لم يتوحدوا و لم ينضموا لتنظيم، و ليسوا على موقف و منهج و فكر و فلسفة واحدة، سواء كان اعتمادا على ما فرزه الواقع من التخبط في التفصيلات المطلوبة لترتيب الطبقات و الصراع القائم وفقها، نتيجة تداخل المصالح و عدم بروز التفاعلات التي تنتج صراعا طبقيا اعتمادا على العمل و وسائل الانتاج و ما يهم العمال او الكادحين و اصحاب العمل اضافة الى فائض الانتاج، و ليس هناك ما يدفع اليسار ان يكون ممثلا في الواقع السياسي عبر انبثاق نقابات حقيقية ممثلة للطبقة، و تكون مشاركة و داخلة في الصراع السياسي الطبيعي، و حتما تكون في الطليعة لضمان حقوق العمال خلال نضال سلمي عام .
بما انه لا يوجد حزب يساري حقيقي في كوردستان يضم في صفوفه يساريين حقيقيين اصحاب مصالح مشتركة، و الذين يناضلون من اجل تحقيقها و يدافعون عنها بكل ما يمكنهم بعيدون عن مثل الاحزاب الكارتونية الموجودة، فان الكلام عن نضالهم و تعاملهم مع المستجدات المرحلية من باب الفرضيات والخيال . كل الاحزاب المحسوبين على اليسار اصبحوا بمرور الزمن خارج نطاق اليسار نتيجة انحرافهم و ضعف قياداتهم، و لا يمكن تمييزهم عن الاحزاب الاخرى نتيجة الخلل في عمل قياداتهم من جهة، و تاثيرات الواقع و ما تقتضيه حاجات حياتية انية ما فرضت عليهم الانحرافات على مسيرتهم، و ما تدعو آلية العمل الخاصة بمجموعة مصلحية فارضة ارادتها لضمان المصلحة الذاتية لها على حساب المصالح العليا للطبقة العاملة او اليسار بشكل عام . لم نلمس حزبا عاش مع الواقع الكوردستاني و تعامل مع هذا الخلط وفق ما تمليه التغييرات بعقلية ملائمة للعمل على ضمان حياة الطبقة الكادحة و مصالحهم بين هذه الفوضى في حياة الناس بشكل عام، و غرقوا تحت التاثير السلبي للاحزاب القومية المتطرفة او الليبرالية او الحركات الانتخابية الموجودة بعيدة عن التنظيمات الكلاسيكية . اننا نحس ان واقعا مزريا و جو من الياس خيمت حتى على بعض الكوادر التي فرضت حياته الخاصة البقاء ضمن هذه الاحزاب ان تنطيق بالحق بين فينة و اخرى . اي لا يسار بارز و لاتجمع يساري و لا حزب يمثل الجميع او الطبقة، في الوقت الذي نفتقد الى الية عمل لخدمة هذه الطبقة و انقاذها من الضياع في طريق العقليات المتواضعة المجتمعة في القيادات العشائرية او الحلقات المصلحية المجتمعة على هيئة كتل و خلايا متنفذة ضمن هذه الاحزاب السائدة، و هي مدعومة من الذي لهم مصلحة في استمراريتهم في السلطة، و بقاء قوى مثل هذه الاحزاب و هي متسلطة على رقاب الشعوب، و هؤلاء تمنع الاحزاب التي تحسب نفسها يساريا من الحل و الانقراض، نتيجة الاحتياج التام الى اصواتهم في الصراعات السياسية فيما بينهم .
اننا يمكن ان ننتقد مسار اليسارية في كوردستان على طول طريق نضالهم، بحيث كانوا تارة ضمن التوجهات العالمية التي لم تضمن حقوق المكونات المغبونة كبداية لتحقيق مهام الطبقة الكادحة من جهة، و مرة وقفوا ضد من ادعى الى ضمان الحقوق المختلفة للعراق والاقليات، بحيث لا تكون على حساب الطبقات الكادحة المختلفة الشكل و التركيب وفق درجة تطورالمجتمع و ما نتج عنه من الطبقات و الاحزاب او ما انتجت من الفوضى من حيث الطبقات وا لاحزاب ايضا . الا ان اخيرا يمكن ان نعتقد بان اليسار غير المنتمي الى الاحزاب في طور يتحرك و يتفاعل و ينتظر فرصة سانحة او وضع ملائم للبروز، بعدما ادرك جيدا انه لا يمكن ان يقلد الاخرين في اي مكان كان و ينهي عن الاحزاب اليسارية الكارتونية، فان اليسار الكوردستاني يجب ان يكون كوردستانيا متلائما و مناسبا للظروف الموضوعية العامة التي تحيط بكوردستان، و ما تتميز به من الظروف الذاتية، و من ثم تكون له نقاط مشتركة مع اليسار ااينما كان في العالم قريبا كان ام بعيدا . و هذا ان دل على الاعتماد على السمات المشتركة للكوردستانيين، و انما لا يعني ان يكون هناك تعصب عرقي او ديني مذهبي طاغي على اليسار عند الخوض في هذا المسار . مهما كانت هناك اولويات لا يمكن ان نفرض ما يضر بالطبقة الكادحة والنقاط المشتركة للطبقات من مختلف المكونات او البلدان، و انما يجب ان يكون التعامل وفق النظرة الانسانية البعيدة عن فرضيات الدولة من القهر و ما تنتجه من المضايقات او في اخطرها الدكتاتوريات. بادعاء فرض المصالح العليا .
اذاً، ان كانت يسارية اية مجموعة ضمانة للانسانية و انسايتها ضامنة ليساريتها فليس هناك اي تعارض بين الاثنتين اليسارية و الانسانية عندها .
و عليه، ان كان اليسار في طور التكوين و التصقيل خارج الاحزاب الكارتونية المدعية بتمصيل اليسار زورا و بهتانا، و لم تنبثق بعد احزاب تضمهم بشكل طوعي، فان دورهم لا يمكن ان يكون قويا في المتغيرات الحاصلة في المنطقة في هذه المرحلة . و كل الاعقاد بان نهاية المرحلة و ما تغيرت من المعادلات سوف تحتاج الى تنظيمات تضم اليسار الحقيقي في نهاية المطاف و التمخض جاري لولادة مثل ذلك التنظيم، ليبعد كل ماهو كارتوني مصلحي مزيف عن الساحة و يكف شرهم على الطبقة الكادحة المناضلة، و التي ترقد على صدورهم بقوة الاحزاب القومية العرقية المتعصبة.[1]