لماذا يخافون الاعلام اكثر من اي عدو؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5009 - #10-12-2015# - 19:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
او ل من قُتل بامر محمد و اعتبر اعلاميا بارزا في زمانه، لانه رفع صوته بين قومه و اعتبر من اعالي القومفي حينه، لانه انتقد باشعاره محمد اثناء دعوته، هو؛ كعب بن الاشرف الشاعر اليهودي، و كان مجرد يهجوا محمدا بمنطق زمانه دون اي يسيء اليه خارج نطاق الهجو المعتاد، ولو بكلمة خارج النسق الشعري المعتمد في عصره، و كان معمولا به في زمانه و قبل مجيء محمد ايضا .
ان حادثة قتل كعب لها دلالات كبيرة على عدم تحمل من يعتمد على الحزم و العزم و النرجسية و يهدف الى عمل مهم لديه اي انتقاد في ساعته، و لا يمكن ان يصبر و لا يتعود على تحمل النقد، و كانت الشعراء اعلى اصوات و اوسع اعلام زمانهم . عندما وصل اخبار كعي الى محمد، فقال: من لنا بابن الاشرف فقد استعلن بعداوتنا و هجائنا، و هو لم يجرح اي مسلم و لم يسب احدا حتى عدا هجا ما جاء به محمد من الاسلام و المنهج الجديد، و قال انه آذانا بشعره و قوى المشركين علينا . فقال له محمد بن مسلمة الاوسي انا لك يا رسول الله، هو خالي و انا اقتله، خوفا من الشك عليه لانه ربما يُتهم بميله اليه، او تملقا او تزلفا له، ثم اجمع على قتل كعب هو و اربعة من الاوس، و هم عباد بن نشر و الحرث بن عيسى و الحرث بن اوس و ابو نائلة، و كان ابو نائلة هذا اخا لكعب من الرضاعة . الا ان محمد بن مسلمة مكث ثلاثة ايام دون ان ياكل او يشرب خوفا من عدم وفائه بما قال و هو يفكر في مكيدة ليقتل بها كعب، فلم يجد قوة الا المخادعة . فقال لرسول محمد كيف نخدعه، فقال محمد قولوا ما بدا لكم فانتم في حل في ذلك، فاباح لهم الكذب لانه من خدع الحرب .
عندما تقدم بن مسلمة من كعب و تناشدا و تكلما معا اكثر من ساعة، و بعدها قال ويحك يا كعب اني جئتك في حاجة .. قال افعل، قال : قدوم هذا الرجل الينا و يعني محمد بلاء في بلاء، و تكلم عنه بسوء لمدة ليست بقليلة، و اقتنع كعب و قال: لقد اخبرتكم به من قبل . ثم قال ماذا تريدوني منه، قال بن مسلمة: خذلانه و التنحي به . ثم قال ابو نائلة اني اريد منكم ان تبعوني طعاما نسد به رمقنا، قال كعب: اترهنوني نساءكم؟ قال انت اجمل العرب كيف نرهنك نسائنا، و اية امراة تمتنع عن جمالك؟ قال فراهنوني ابناءكم، قالوا: فكيف فيسب احدهمم كرهن يوسف، و هذا عار علينا. قال نرهنك السلاح . و من ثم عادوا الى رسولهم محمد، و عند عودتهم خرج معهم لمنطقة بقيع الغرقد قريب من بيت كعب و اخذوا السلاح معهم . انه كان واثقا من ابو نائلة و هو اخوه بالرضاعة و لم يكن يتوقع خيانته ، و قال لامراته عندما حاولت منعه، قال: انه ابو نائلة، لو وجدني نائما لا يوقظني، فلم تقتنع زوجته و قالت: اني احس في صوته الشر. تحدثوا مع كعب اكثر من ساعة، ثم تماشوا، فوضع ابا نائلة يده على راس كعب، ثم شم يده و قال: ما رايت طيبا اعطر من هذا الطيب، فقال كعب: و كيف و عندي اعطر نساء العرب و اجملهن. فقال يا ابا سعيد و هي كنية كعب: ادن مني راسك لاشمه و امسح به عيني و وجهي، ثم بعد ذلك، مشوا ساعة و من ثم عاد ابو نائلة لوضع يده على راس كعب و استمسك به، و قال لاصحابه اضربوا عدو الله فضربوه و هكذا خدعوه، وحزوا راسه و اتوا به الى محمد في بقيع و رموا براسه بين يديه، فحمد محمد الله على قتله .
من هنا اصبح الاعلام اشد الوسائل كرها لدى السلطات و لم تتم حادثة الا و فيها شر لاعلام منذ بساطته الى اليوم الذي وصل الى تعقيداته من المرئية والمسموعة و المقروئة .
ان كان هذا الحادث هو محض اقدم ما حدث لاعلام ايديولوجي سياسي، و نابع من هجو من يدعو الى تغيير الواقع، و واجهه بالنقد، فلم يحتمل اي عرقلة امامه ان استاتطاع، فتعامل معه بهذه القوة المفرطة، اليوم كيف تتعامل السلطات مع الاعلام و ما يكشفون من عورة القيادات و السلطات، هل يقتلون ام يتعاملون وفق القانون، انه امر مختلف شيئا ما لتغيير الاوضاع العامة و التطور، الا انه لا يمكن ان نميز بين ما حدث و ما يحدث لدى السلطات الدكتاتورية الشمولية لحد هذه الساعة، فان الد اعدائهم هو الصحفي او الاعلام بشكل عام . فان القوانين السارية حول الاعلام تختلف من بلد لاخر و حسب التطور و ما هو عليه نظام البلد و حاكمه . فاننا يمكن ان نقول ان مثل هذه الحوادث تكررت الاف المرات بشكل و طريقة اخرى و كم من اعلامي او شاعر او مثقف و كاتب اعدم و سجن و شنق و حز راسه سرا كما كان قبل العقود الماضية .
غير اننا يجب ان نذكر بان القوانين المرعية تضع حدا للاعلامي و الموضوع الذي يبحثه مع ما يهم الشعب بشكل عام و ما يفضل على الخاص،في هذه المرحلة، و لا يمكن الخروج منه، و عليه يمكن ان ان يلتقي الجانبان عند الوسط الذي يفيد المجتمع دون تقاطع . و هذا ما يمنع الحاكم من التمادي و كما يضع حدا لتطاول الصحفي او الاعلامي على الحقوق العامة، و يمنعه عن القذف و التشهير و القدح، الا انه في زمن محمد لم تكن هناك حدود تفصل بين الهجاء والقدح و التشهير،و لم يكن هناك قانون يعمل به ويمنع القدح والتشهير، و يعتمد التقاضي على قوة الطرفين . فان محمد قد مسه الموضوع و اصبح حاكما و قاضيا و قانونا في الوقت ذاته و حكم في لحظة على المتهم بحز راسه .. و الله يحفظ عصرنا و يسود فيه القانون المرعي للاطراف، كي لا يتضرر احد و يستفيد الاخر على حساب المصالح العليا للشعب . فان اخطر سلاح لدى المجتمع ضد الطغاة هو الاعلام و الراي العام العامل النابع من الوعي و الثقافة العالية لدى المجتمع.[1]