اصرار العراق على خروج القوات التركية لاول مرة !!
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5006 - #07-12-2015# - 04:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
الجميع على علم بان القوات التركية موجودة منذ سنين في مدينة العمادية، و لم تات هذه القوات الاضافية الا لتزيد من القوة الموجودة اصلا، و بعلم الحكومة المركزية و اقليم كوردستان ايضا من قبل، و لكن الهدف الجديد مغاير لما اتت هذه القوات من اجله و ليس كما جائت من قبل كما هو المعلوم . اي عندما اتت القوات التركية لمحاربة حزب العمال الكوردستاني لم تلتفت الحكومة العراقية اليها، و لم تضغط القوى الخارجية المجاورة على العراق لبيان رد فعل قوي ازاه، و لم تصر كما هي اليوم على خروجها و كانها لم تخرق السيادة العراقية في حينه، ليس لشيء و انما لانها جاءت لهدف غير ما يهم العراق او نتيجة تحفظ الدول المجاورة للعراق على تحركات تركيا في حينه، على الرغم من انهاء الاتفاقية العراقية التركية منذ سنين، و لم تات هذه القوات من قبل الا خارقة للسيادة هي ايضا كما فعلت اليوم . و لكن السؤال المطروح هو؛ لماذا لم تلح السلطة العراقية بهذه القوة من مطالبتها على اخراجها كما يحصل اليوم على الرغم من ان القوات التي اتت من قبل اكبر و اكثر تسلحا من اليوم . هل اتت تلك القوات لمحاربة حزب العمال الكوردستاني و سيطرة تركيا على سياسة الاقليم، و هذا لا يهم الحكومة المركزية، هل سيادة اقليم كوردستان تختلف عن السيادة العراقية، هل ساومت الحكومة العراقية مع تركيا في تحركاتها السابقة لانهما لديهما مصالح مشتركة من وجود القوات التركية في اقليم كرودستان وليس في الموصل، هل المعادلات التي تعتمد عليها تركيا اليوم في مجيئها تختلف عما اتت من قبل، و هي توجه لاهداف اخرى، هل وجود القوات في اقليم لا يمس مصالح استراتيجية لدول جوار العراق و لم تضغط على العراق للرد على تركيا بقوة كما يحصل اليوم .
من المعلوم ان تركيا تحركت ضمن التحالف الدولي الغربي و نشطت اخيرا بعدما امتنعت عنه منذ انبثاقه نتيجة غرورها ونظرتها المتعالية الى الاخرين و ما تضمر من الاهداف الاكبر مما تهم المنتمين الى هذا التحالف من الدول العربية، و كانت نيتها علنية في اعادة امجاد السلطنة و ان كانت على حساب وجود و مكانة الدول المنطقة و منهم ضمن التحالف المنبثق ضد داعش في سوريا و العراق .
اليوم، و الجميع متاكد و يعلم ان مجيء تركيا بهذه القوة الاضافية لما عندها اليوم، ليست بهدف ضرب الحزب العمال الكوردستاني كهدف رئيسي لها، و انما بعد ان تيقنت بان لم تبق لها امل في ايجاد مساحة لتحركها في سوريا بعد استقدام روسيا و تهدف الى ما ليس لصالح تركيا، و تريد تركيا ايضا تعويض المنطقة العازلة السورية التي نوت بفرضها لضمان وجودها و ثقلها بقوة في شمال العراق اي الموصل و ما لديها من نيات واهداف بعيدة . و ليس العراق عالم بهذا و يمسه مجيء تركيا فحسب ، و انما المحور الاخرالذي يضم العراق و ايران بشكل خاص تفاجئت بمجيء القوات التركية بسرية و تعلم اهدفها، اي تعلم ايران ان الخارطة التي تتجدد بوجود قوات تركيا في منطقة حساسة كهذه و بتوافق عربي تركي مع رئاسة اقليم كوردستان، فانها ستبقى محصورة في مركز العراق الدولة فقط، و لم تستفد شيئا و لم تزد من هيمنتها كما تفعل لانه مركز العراق تحت رحمتها منذ سقوط النظام العراقي السابق .
ان النشاط الدبلوماسي قليل النظير الذي نشاهده من التصريحات والتحركات العراقية المختلفة، وما اعلنت عنها الحكومة العراقية و وصلت الحال الى ان تتجه الى مجلس الامن، ليس نابعا عن التوجهات العراقية الداخلية المحضة فقط، و انما ربما تتحرك وفق ما عليها من الضغوطات الخارجية من محوره ايضا، اي من قبل ايران على الارجح . و الا اننا نلمس لاول مرة هذه التحركات القوية لمثل هذه النشاطات الاقليمية من قبل الحكومة العراقية، و هذا ما يكشف الكثير و منها الاحتدامات المستقبلية المحتملة بين قوى المحاور .
اذاً، المعادلة الاتية من بعد تدخل تركيا ستخض المستنق و ربما ستزيد المنطقة تعقيدا ، ان تركيا دخلت في الخط مع امريكا و القوى الاخرى المشتركة من العمليات التي تحصل بعدما سخرت القوى الغربية امكانياتها اخيرا لانهاء داعش بعد وصول شرارته الى باب بيتهم. اذاً دخول روسيا بالقوة من جهة اخرى و انبثاق محور روسي ايراني سوري عراقي لها اهداف مغايرة تماما لمحور امريكي تركي قطري، ومختلف شيئا ما مع السعودي الاردني .
مما سبق يتوضح لدينا، ان دخول تركيا و الرد غير المسبوق من قبل السلطة العراقية ليس لما اتيت من اجله القوة لهذا اليوم بقدر تركيزها و تثبيتها لتحقيق اهداف مستقبلية تهم المحور التركي الامريكي الكوردي .
ان من واجبنا ان نعلن هنا ان مجيء تركيا مهما كانت اهدافها و ان كانت بعيدة عن الاضرار بالكورد من حيث الاستراتيجية التي تعمل بها وفق نتائج المعادلات النهائية لما تحصل، الا انها لا يمكن الوثوق بها . اي طالما لم تحرك تركيا ساكنا عند مجيء داعش و نيته احتلال اربيل بعد ان كانت على تلك العلاقة القوية مع اقليم كوردستان، و لم تتعض الحكومة الكوردستانية من تلك التجربة وانماخضعت لامر المحور التركي اكثر، فاننا يجب ان نخشى من اي تحرك تركي، ولابد ان ندرك ان تركيا ان تستهدف الموصل فانها لا يمكن ان تقبل بتقوية الحزب العمال الكوردستاني و الكورد في سوريا و ان تمكن ستفشل التجربة الكوردية العراقية ايضا في اية فرصة تسنح لها .
اي مجيء تركيا لاهداف استراتيجية و مشاركة في تغيير للخارطة و رد العراقي ليس نابعا من الذات بقدر تنفيذ اوامر خارجية احست بارتفاع كفة ميزان تركيا في ما يحصل للمنطقة في المستقبل القريب.[1]