الازمة الاقتصادية و توجهات السلطة في اقليم كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5002 - #01-12-2015# - 14:47
المحور: الادارة و الاقتصاد
من المؤكد ان اقتصاد اي بلد مرتبط ارتباطا وثيقا بنظامه و ما هي عليه السلطة من الفكر و الفلسفة و التوجهات و الاسس التي بنيت عليها، او بالاحرى ان النظام مرتبط بالشكل و التركيب و الامكانية الاقتصادية و التوجهات المبنية عليها . فان النظام الراسمالي لا يمكن ان يفكر بالمساواة بين افراد الشعب و تكفؤ الفرص و العدالة الاجتماعية، و الاشتراكية لا يمكن ان تسلم الاقتصاد الى الافراد و ما يهمها لا يمكن ربطها بادارة البلد الا انه سيكون اقتصاده مبنيا من مجموع اعلامال المنفردة و المنفصلة عن البعض للافراد . و هكذا للانظمة الليبرالية و الاشتراكية الديموقراطية و غيرها التي تدير اقتصادها بخصوصيات لكل منها من حيث الفكر وا لفلسفة و المنهج الذي يسيرون لعيه وفق ما يفيد شعوبهم .
هذا الكلام ينطبق و يمكن ان نلاحظه في دولة حرة بكيان و سيادة و سلطة نافذة و اقتصاد مستقل . اما لو تكلمنا عن اقليم ككوردستان، ليس بدولة و لم يبق مرتبطا بشكل وثيق بمركز الدولة و لم ينظم علاقاتها ليس مع المركز و لا مع الدول الاخرى بشكل قانوني سليم لتنظيم اقتصاده، فلا يمكن بحث اقتصاده بشكل مستقل او مرتبط مع مركز الدولة التابع اليها بشكل علمي كي نخرج بنتيجة .
هذا الامر الفوضوي المشوش حتى لاي اقتصاد في العالم مهما كانت قوته، فما بالك بنظام و سلطة و اقتصاد فوضوي كما نراه في اقليم كوردستان، و السلطة فيه التي هي فوتت على نفسها اكبر الفرص خلال العقد الاخير من امكانية تنظيم اقتصاده لبناء اساس متين لاي قرار سياسي يمكن ان يتخذه مستقبلا .
لازلت السلطة ذاتها ليست واثقة من توجهاتها و مترددة و لم تعمل وفق خطط و استراتيجيات معلومة، و انما تسير على ما تامر به الايام من التغييرات و الظروف التي فرضت نفسها عليه، و ما تفرضه السياسات الخاطئة التي تبنتها، و ما تعرقلها من السدود المبنية امام استقلالها و استقرارها سياسيا و اقتصاديا لاسباب و عوامل كثيرة سياسية كانت ام اقتصادية . فالجميع على الدراية بان الموانع كثيرة و منها خارج سيطرتها هي و لابد لها ان تخضع اليها، و هنا يمكن ان نقول النسبة الكبيرة منها من صنع يدها و نتيجة سذاجتها او عدم وجود الخبرات المطلوبة لاتباع خطط واستراتيجيات وفلسفات اقتصادية او سياسية تمكن الاقليم للعبورو نحو الشاطيء الذي يمكن ان يطمئنه على مستقبله القريب على الاقل .
اقتصاد اقليم يديره من لا يهمه الا استمرارية سلطته، وفق ما يفكر به من النظرة الضيقة الانانية و النرجسية المسيطرة عليه من قاداته، اقتصاد اقليم ليس لديه منفذ لتصدير ما لديه، و اقتصاد اقليم تديره العقول الضيقة الافق، ومن هو متبني في العالم الراسمالي و من الافراد من هم اصحاب شركات لا يهمهم شيء سوى ربحهم شخصيا و الادعاء بعكس امام الشعب، انه اقتصاد بيد من يمكن ان يشك فيه اي منا و ان كان يعتبر و يظهر نفسه نزيها مخلصا على العلن، لان طبيعة التجارة و اصحاب الشركات او رجال الاعمال، و ما يبنون عليه حياتهم العملية و ما يتربون به، هو البحث عن الربح اينما كان و باي شكل و ان كان المتضرر منه الشعب باكمله، و و ليس مصلحة الاخر الا كلام فاض . فان اقتصاد اقليم كرودستان الفاشل لحد اليوم، و بالاخص بعد الثروات الكبيرة التي حصل عليها خلال العقد الاخير، و وصلت به الحال الى ان يكون مديونا لاكثر من عشرين مليار و لم يقدر على حتى دفع رواتب موظفيه لمدة اكثر من اربعة اشهر، و دخل في ازمة خانقة و تزداد يوما بعد اخر بعدما خنقت عليه الشركات التي تعامل معها دون خبرة مطلوبة و بسذاجة، انعكس عليه ضررا و على الشعب المغلوب على امره ايضا .
ان كانت توجهات المتسلط و المسيطر على السلطة عائلية عشائرية حزبية و بعقليات قروية غير معتمدة على الاسس العلمية للاقتصاد، و كل ما يهمه جمع الاموال شخصيا و خزنه كما هو صفة الفلاح و القروي، فلا يمكن انتظار الخير منهم . و ان كان الاقتصاد مبني على تلك التوجهات و من يشاركهم من الذين استغلوا الفرصة من الانتهازيين من رجال الاعمال و ممن تشدقوا بعلمهم و معرفتهم بالاقتصاد و هم في الاساس فاشلين في اعمالهم، لم نحصل الا على هذه الفوضى و الانغماس في الوحل و المستنقع الذي لا مخرج منه الا على حساب المواطن الفقير المعدم .
انهم نهذا التخلف البائن و هم لا يعترفون به ايضا، فاوصلوا الاقليم الى الافلاس دون ان يعترفوا بهذا لحد اليوم، و رغم فشلهم الا انهم لا يريدون اي بديل افضل منهم كي يدير الاقليم وفق قواعد و اسس عصرية بعيدة عن جشعهم و انانيتهم. ليس امام الشعب الكوردستاني الا النهضة و الوقوف بوجه هؤلاء المتعالين عليهم، و يسيطرون على ممتلكاتهم و يتلاعبون بمصيرهم و ينهبون ثرواتهم و يغامورن بمقدراتهم . انه اقتصاد بتوجه عشائري قبائلي حزبي و حلقي ضيق، دون اي اسس علمية كما يفرضه عالم الاقتصاد اليوم، و هو امر بدائي امام ما تعمل عليه دول العالم من الاسس المطلوبة في عالم يلعب الاقتصاد دورا اساسيا لضمان مستقبل اي بلد، لا بل الاقتصاد هو الذي يحدد مستقبل اي بلد في عالم اليوم، فما بالك باقليم لم يصل باية درجة من الاستقلال الاقتصادي و وقع في المازق الكبير الذي لا يمكن الخروج منه بسلام، هذه هي السلطة الكوردستانية التي لا يمكن وصفها الا بالمتخلفة الفوضوية في اقل درجة من تقييمها.[1]