حركة التغيير تدفع ضريبة خطاها الاستراتيجي
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4970 - #29-10-2015# - 14:35
المحور: القضية الكردية
قلناها من قبل ان الاخطاء التي ترتكب باسماء و اعذار مختلفة ستدفع اصحابها ضريبتها عاجلا كان ام اجلا . لقد كتبت من قبل عن الاتفاقايات الكثيرة بين الجهات في كوردستان. و اي سلوك او من الاحرى اي تعامل جيد ان لم يكن افضل للجميع ان يقدموا عليه، و اية عملية تكون منتجة او عقيمة . و في مقالات عديدة و بصريح العبارة بينت الاخطاء الاستراتيجية . و من ضمن ما انتقدته و حسبته خطئا استراتيجيا تقع عواقبه المخيبة على صاحبه و سيدفع ثمنه هو اشتراك حركة التغيير في كوردستان في الحكومة الائتلافية الجديدة لاقليم كوردستان بعد الانتخابات الاخيرة .
حركة التغيير التي ابدعت في انبثاق المعارضة في اقليم كوردستان الذي كانت السلطة تتعرج فيه لعدم اكتمال شروطها في الاستناد على الديموقراطية و الحرية و مصلحة الشعب قبل الاحزاب . و الحق يُقال ان حركة التغيير هي التي دفعت اقليم كوردستان من الناحية السياسية الى مرحلة متقدمة اخرى من حيث التكامل المطلوب لتجسيد النظام السياسي العام .
بعد ان اعلنت الحركة عن نيتها الاشتراك في الحكومة الائتلافية المعقودة الامال عليها، و استبشرت خيرا بان تكون مشاركتها فعالة و ذات قاعدة مبنية على المساهمة في كل ما يخص الحكومة و ليس المشاركة الفوقية فقط، لتنتج اربع سنوات هادئة و امنة كما اعلن منظم عام الحركة نوشيروان مصطفى عن ذلك، و هو غير مبال بان الوضع يعود الى حالها القديمة في انهاء دور المعارضة بعيدا عن بديل اخر لها .
لقد عقدت حركة التغيير العزم في مهامها الجديدة معتقدة بانها قد تنجح كما نجحت في المعارضة ، و كان ذلك خطئها الاعظم لاسباب :
1- انها لم تقرا الاطراف المشاركة الرئيسية بشكل جيد، و بالاخص الحزب الذي يعتمد على العائلية و بصفات معلومة عنه بانه يفكر كونه حزب قائد و عائلة قائدة و ليس لاحد ان ياخذ منهم ولو جزء من السلطة، و يعتبر التعامل او التفكير هذا من قبل حركة التغيير هو السذاجة السياسية بعينها .
2- اخطات حركة التغيير حين اعتقدت بانها ستكون بديلا للاتحاد الوطني في السلطة لدى الديموقراطي الكوردستاني منذ البداية، و انه من المحتمل ان يحل الاتحاد الوطني محلها في المعارضة و لن يشارك في الحكومة، او على الاقل اعتقدت بانها تكون القوة الثانية و تستطيع ان تاخذ مكانتها في السلطة لتحقق بعضا من اهدافها العامة .
3- اعتقدت بانها تستلم وزارات و تعمل على تحقيق مهامها و عملها و اهدافها الخاصة، بينما و هي في بداية عملها اصطدمت من انها استلمت وظيفة الوزير او عدة موظفين فقط في كل وزارة دون امكانها في تغيير ما بنيت عليه تلك الوزارة، و في حال اقليم كوردستان الذي وصل الى الافلاس المالي بعد الازمة المستعصية طول هذه المدة .
4- انها كانت قلقة من جماهيريتها و اعتقدت بان الموالين و حتى الكوادر سيبتعدون عنها بمجرد اطالة مدة المعارضة، و عليه يجب اشراكهم في تحقيق مصالحهم الشخصية ايضا، و خير مكان هو ملذات السلطة و ما فيها .
و عليه وقعت حركة التغيير نفسها في مازق منذ البداية، لذلك تراجعت عن ما نوته تدريجيا ببطا بعدما احست بالخطا او اصطدمت بما لم تكن تتوقعه من حليفه الحزب الديموقراطي الكوردستاني، و سلوكه و تعامله مع السلطة و اقليم كوردستان على انه ملكه الصرف و ليس شريك كما اعتقدت الحركة . و هكذا راينا اخيرا بانها تصرفت و كانها معارضة و في السلطة في الان ذاته، اي محاولة الابقاء على مكانتها في نقد للسلطة التي اشتركت فيها، من اجل ضمان منافع حزبية و شعبية لجماهيرها، و ساهم في تاييد مطالبات الشعب و الاحتاجاجت التي حدثت نتيجة فشل الحكومة في ادارة الاقليم في كافة النواحي، و ارادت ان تبريء نفسها من الحال، على الرغم من انها ادعت تصحيح المسار و لم تنجح، و اخيرا تلقت و واجهت الضربة اللاقانونية العشائرية الشخصية المصلحية الضيقة غير المتوقعة ، و اجبرت على اعادة النظر في خطواتها و وصلت الى مربع الصفر .
اليوم و كما وصلت اليه حركة التغيير الى ما هي عليه الان جراء تعامل الديموقراطي الكوردستاني معها، فيمكنها ان تعيد النظر فيما اقدمت عليه من قبل و ان تعترف بخطاها و عدم قرائتها للحليف و معرفتها بنواياه و عدم قراتها لتاريخ و سلوك و عقلية الشريك الذي ابرمت معه اتفاقية الشراكة في السلطة، و يمكنها اعادة تنظيم الذات وفق استراتيجية جديدة . و به يمكن ان نقول ان الاعتراف بالخطا فضيلة و بعد ذلك يمكنها اعادة تنظيم صفوفها و اصلاح الحال، لينتهي الوضع الاستثنائي لها و تخلص تعرج النظام من النقص الذي يعانيه من انعدام المعارضة المباشرة الرسمية . و عليها فيما بعد ان تعمل بكد من اجل الحصول على الكراسي البرلمانية التي تؤهلها على اشراك الاخرين معها في انبثاق الحكومة المقبلة، و ليس ان تكون تابعا كما فعلت في هذه الحكومة، و في حينه يمكن ان تنجح في تحقيق مهامها كسلطة اتت نابعة من معارضة حقيقية واقعية ، و تكون نتائج نضالها المدني باهرة في النهاية، و يمكن ان نرى مرحلة جديدة مزيحة لكل التخبطات و الشوائب التي حدثت جراء التعامل مع العقليات المحافظة الكلاسيكية و المصالح المغرية و الاخطاء التي ارتكبت.[1]