دونالد ترامب الملف الكردي السوري والدور التركي فيه إلى أين ؟
الرئيس الأميركي المنتخب “دونالد ترامب” سيواجه العديد من الملفات الساخنة في السياسة الخارجية لإدارته الجديدة، من أبرزها الملف السوري ودور تركيا في هذا الملف الشائك المعقد، فتركيا دولة حليفة في “الناتو” والحرب على “تنظيم الدولة “|داعش| رغم تقاعسها في محاربة “تنظيم الدولة””|داعش| بالعكس كان له دور كبير بظهور تنظيم “|داعش| في كل من سوريا والعراق، وكانت البوابة الوحيد لمرور المقاتلين والأسلحة وبيع النفط لتنظيم”|داعش|. وأخيراً دخوله الحرب على “تنظيم الدولة”|داعش| هو فقط شكلي. هدف تركيا الأساسي هو محاربة الكورد والوقوف بوجههم ومنعهم من نيل حقوقهم المشروعة في سوريا المستقبل.
فإدارة أوباما أدارت إلى حد كبير التوازن في التحالفات لهذا الملف، حيث دعمت بشكل كبير قوات الحماية الشعبية الكوردية التي تعتبرها قوةً أساسيةً في الحرب ضد تنظيم الدولة “|داعش|.
لكن تركيا تنظر إلى” قوات الحماية الشعبية الكوردية” على انها فرع لحزب العمال الكوردستاني في سوريا لهذا تعتبرها تركيا منظمة “معادية لها”
وإدارة أوباما أقنعت تركيا بعدم التدخل في الدعم المقدم للقوات الكوردية٫ وهناك أيضا مواقف لإدارة أوباما ومنه منع تركيا من ضرب قوات حماية الشعبية الكوردية، حيث تم رفع الأعلام الأميركية في أكثر من موقع كوردي لعدم قصفها وضربها من قبل القوات التركية. وآخرها عدم مشاركة قوات الأميركية في مهاجمة مدينة الباب مع القوات التركية. وهو دليل على عدم موافقة واشنطن لسياسات التركية في ملف شمال سوريا. ووقوفها مع قوات سورية الديمقراطية التي تتشكل بأكثرية من وحدات الحماية الشعبية الكوردية.
ترامب في حملته الانتخابية صرح أنه سيدعم الكورد عسكريا!! لمحاربة “تنظيم الدولة”|داعش| وهذا سيزيد من المساعدات المقدمة لوحدات الحماية الكوردية، قد تتحول إلى تقديم دعم سياسي، وهنا خوف تركيا من التحالف الناشئ بين أمريكا والكورد سوريا. والمؤشر على تحول هذا الدعم إلى سياسي، هو طرح الممثل الأممي “ديمستور” منذ يومين على الحكومة السورية إنشاء إدارة ذاتية لمناطق المعارضة في شرق حلب، ولم يأتي اقتراح “ديمسترو” من فراغ إنما هو طرح القوى الكبرى لمستقبل سوريا الفدرالي. سوريا مفيدة (وهذا يعني أن النظام هو أكثر واقعية من المعارضة في حل السوري) وأن سوريا فيدرالية موحدة ستكون أقوى وأفضل، وهذا يعطي للكورد وإدارتهم الذاتية في شمال سوريا الشرعية القانونية والدعم الدولي، وهنا يكمن التخوف التركي من ترامب الذي صرح أكثر من مرة أنه يريد تقديم دعم أكبر للكورد. وإلى أي مدى سيقوم بدعم الكورد على حدود تركيا الجنوبية وهل سيتحول هذا الدعم العسكري إلى سياسي وينتج فيدرالية كوردية أخرى، حيث تعتبر تركيا الفدرالية خطراً على وجودها فتركيا تحتل القسم الأكبر من كوردستان. وكوردها محرومون من أدنى الحقوق القومية والسياسية….
هناك من يرى أن الإدارة الأمريكية الجديدة تريد حل الصراع في سوريا بإطلاق يد روسيا في ساحة السورية، وهذا يعطي لتركيا الأريحية في التعامل مع روسيا لكبح الطموحات الكوردية وإغلاق باب الفيدرالية في سوريا المستقبل،
تركيا تظن أن روسيا ستقف معها في خندق المضاد للفدرالية في سوريا، ولهذا تحاول تركيا تحسين علاقاتها مع روسيا أملاً منها في وقف التأييد الروسي للفدرالية الكوردية في سوريا. والأن تركيا تجري محادثات مع روسيا بشأن شراء صواريخ أس – 400- بدل شرائها من دول أخرى أو قيامها بتطوير الصواريخ بنفسها ،
الهدف هو شراء الموقف الروسي في عدم دعم أي مشروع فيدرالي لسوريا المستقبل.
نعم ترامب قال انه لا يريد إسقاط النظام السوري، وانه “معجب” بسياسات الرئيس الروسي. ولكن لأمريكا مصالح استراتيجية في المنطقة. ولا يمكن أن تسمح لروسيا وتركيا بأن يكونا الفاعلين على ساحة الشرق الأوسطية وبالأخص في الملف السوري على حساب مصالحها الحيوية في المنطقة. ومن هنا يأتي الدعم الأمريكي المقدم للكورد، حيث خذلتهم تركيا في الحرب العراقية 2003، وبعدها في محاربة “تنظيم الدولة”|داعش| ودعمها الخفي لتنظيم الدولة|داعش| (حيث كان ومازال تركيز الدولة التركية هو القضاء على المشروع الكوردي في المنطقة وليس محاربة تنظيم الدولة) |داعش| .
وإغراقها أوروبا باللاجئين، وتحويل تركيا من الديمقراطية إلى نظام شمولي دكتاتوري أردوغاني لا يمكن الاعتماد عليه في المدى الطويل. وهنا نقطة التحول الأمريكية إلى التحالف مع الكورد في المنطقة، وقطع الطريق على تركيا في التمادي بدعم التطرف وخلق حالة عدم استقرار في المنطقة فالإدارة الأمريكية الجديد هدفها الأول هو محاربة الإرهاب في شرق الأوسط “من داعش إلى باقي التنظيمات التي تعتبرها إرهابية “بحسب تصريحات الواردة من ترامب وفريقه… أن هذه الحرب تريد قوى مقتنعة بأن هؤلاء الإرهابيون يشكلون خطرًا على مستقبل المنطقة، ويكونون قادرين على دحر الإرهاب, وتأمين الاستقرار في المناطق التي يتم تحريرها منهم، وقد أثبت الكورد قدرتهم الاستثنائية على دحر الإرهاب في شمال سوريا والعراق، وأظن أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستقوم بإعطاء دور أكبر للكورد في ملف السوري، أولاً بسبب محاربتهم الإرهاب، وتأمين الاستقرار في المناطق التي يتم تحريرها، وثانيا خلق توازن بين القوى في سوريا، حيث سيكون للكورد دور مهم في حل دبلوماسي لسوريا المستقبل.
وبالنسبة لتركيا ستعمل إدارة ترامب على إبعاد تركيا من المحور الروسي… قدر المستطاع، والمساعدة في حل الصراع التركي الكوردي في الداخل التركي عن طريق استئناف المفاوضات بين الحكومة التركية وحزب العمال الكوردستاني , هذا ما نأمله من إدارة ترامب القادمة .[1]