أردوغان يخدع الروس أم المرتزقة ؟
عزيز كويلو أوغلو
– ترتكب الدولة التركية الفاشية مجازر مروعة بحق أهالي مناطق الشهباء (إعزاز، باب وجرابلس)، كما تدمر القرى وتجبر الأهالي على النزوح من قراهم. وتنفذ جميع هذه الممارسات الاستعمارية باسم محاربة داعش وحماية الدولة. وهذا في الحقيقة كذبة كبيرة للدولة التركية.
دولة الاحتلال التركية اعتمدت في سياساتها الخاصة بسوريا على نقطتين أساسيتين: استهداف الكرد والقوى الديمقراطية وكذلك إسقاط النظام السوري في بداية الأزمة السورية. ولكنها الآن وكما يبدو لم تعد تتحدث عن إسقاط النظام سواء أكان ذلك مراوغة أو حقيقة. فأردوغان ومنذ فترة طويلة لم يعد يتحدث عن سوريا وعن إسقاط الأسد. وهي تفعل ذلك انسجاماً مع تحالفها مع روسيا، إلا أنها لا زالت تواصل مساعيها الخفية من أجل إسقاط النظام.
الدولة التركية تلعب ومنذ مدة على عدة أوتار فهي تمارس سياسة مشتركة مع روسيا من جهة ومع أمريكا من جهة أخرى وكذلك مع المجموعات المرتزقة التابعة للائتلاف الوطني السوري. إلا أنها سياسة متناقضة ومن الصعب الاستمرار فيها. كما أنها من جهة أخرى تتعامل مع روسيا بهدف تسليم حلب وريفها إلى روسيا والنظام السوري وتركت المجموعات التي تحارب النظام حالياً في حلب تواجه مصيرها. ومن جهة أخرى تحتل مناطق الشهباء بالتعامل مع نفس المجموعات. كما أنها من جهة أخرى تقول لأمريكا أنها تحارب النظام السوري وأنها تدخل المجموعات التابعة لها إلى مناطق الشهباء بهذا الهدف، أيضاً تقول لروسيا إنها مستعدة للتفاهم حول بقاء بشار الأسد. إن سياسة تركية في المنطقة متناقضة جداً.
والسؤال المطروح هنا هو إلى ستتمكن الدولة التركية من الاستمرار في هذه السياسات؟
إن التزام أردوغان جانب الصمت في الوقت الذي وصلت فيه الحرب التي تخوضها روسيا والنظام السوري في حلب وإدلب إلى أعلى مستوياتها، وفي الوقت الذي يفقد فيه العشرات من المدنيين يومياً حياتهم نتيجة الاشتباكات الدائرة بين قوات النظام والمجموعات المرتزقة، فإن هذا الصمت يعني إن أردوغان تخلى عن المجموعات التي تقاتل في أحياء حلب الشرقية. وهذا الأمر يوضح بشكل جلي العلاقة والتفاهم بين روسيا ودولة الاحتلال التركية والتي أكدها أردوغان حين قال “إن صديقي بوتين طلب مني إخراج جبهة النصرة من حلب وأنا لبيت طلبه”. وإذا كانت هذا التقارب التركي الروسي صحيحاً فإن ذلك يشكل ضربة قوية وقاصمة للمجموعات التي تقاتل في حلب.
كما أن صمت أردوغان إزاء ما يحدث في حلب ودعم هجمات قوات النظام، سيمكن الدولة التركية أولاً من ترك المجموعات المسلحة التي تقاتل في حلب مثل أحرار الشام، الجبهة الشامية ونور الدين الزنكي، تواجه مصيرها. واستخدامها لمقاتلة القوى الثورية في مناطق الشهباء. وهي نجحت إلى الآن في إقناع روسيا بهذه السياسة، وروسيا تقول إنها متفقة مع تركيا إلا أنها لا تثق بها بشكل كامل.
ولكن لماذا تتعامل تلك المجموعات المرتزقة مع الدولة التركية؟
دولة الاحتلال التركي تنتهج سياسات متعددة الأوجه مع تلك المجموعات المرتزقة أيضاً. وكانت مجموعات نور الدين الزنكي صرحت في وقت سابق “إنها أطلقت مع مجموعات درع الفرات حملة فك الحصار عن حلب”. مما يكشف حقيقة السياسة التركية إزاء المجموعات المرتزقة. فالدولة التركية تقنع المجموعة المرتزقة بأن هدفها هو فتح جبهة ضد قوات النظام في منطقة الباب بهدف محاربة النظام، وبهذا الشكل تعمل الدولة التركية على تحريك المجموعات المرتزقة التابعة لها.
خلال تصريحاته المتكررة يركز أردوغان على ذكر سم الباب ومنبج بهدف إخفاء أهدافه الحقيقة عن المرتزقة التابعين له، إلا أن الهدف الأكبر لأردوغان هو حلب. وهو يسعى إلى إخفاء هذه الأهداف من خلال التركيز على معاداة الكرد والاعتداء على الثوار.
غارات طائرات دولة الاحتلال التركية ضد مواقع الثوار لم تجري بمعزل عن الموافقة الروسية، مما يكشف الستار عن الاتفاق الروسي التركي. إلا أنه اتفاق هش ولا يمكن التكهن بوقت انهياره وانتهائه. كما لا يمكن التكهن بالوقت الذي ستنهار فيه الألاعيب التركية مع المجموعات المرتزقة.
لكن ما هو واضح الآن هو أن الدولة التركية تخدع الروس وكذلك المجموعات المرتزقة التابعة للائتلاف السوري. وتستغل الطرفين من أجل مصالحها، ولكن إلى متى سيستمر هذا الوضع …[1]