المقاومة، كضرورة وطنية سورية
آلدار خليل
تستمر الدولة التركية بقيادة أردوغان في الاستمرار بالتدخل في سوريا، لأنَّ أردوغان لم يرتوِ بعد من دماء السوريين بعد أن أقدم على تسهيل نمو التطرف وفتح الحدود لداعش بالإضافة إلى اللعب بالمعارضات الهزيلة وكل ذلك كان ينتهي بسفك الدماء السورية وخلق الفوضى. الإدارة الذاتية الديمقراطية أكدت في أكثر من مرة أنها في روج آفا – شمال سوريا ملتزمة بجميع العهود والمواثيق فيما يخص حفظ أمن الحدود والالتزام بحقوق الجيرة مع الدول المجاورة ومنها تركيا لكن غطرسة أردوغان كانت دائماً تجعله يصمُّ أذنيه عن سماع صوت الحقيقة ويصرُّ على التدخل بالشأن السوري واللعب بمسارات الحل عبر مأجوريه إلى أن وصل به الأمر بعد فشل جماعاته في الداخل في تنفيذ مآربه إلى التدخل البري واحتلاله لأراضي الشمال السوري مخترقاً بذلك جميع العهود والمواثيق الأممية وأخلاقيات المجتمع الدولي وكذلك السيادة السورية ومصرحاً علانية أنَّه ضد أي تجربة ديمقراطية ستنمو على الجغرافية السورية بخاصة ما هو مطروح من قبل الأكراد السوريين بالشراكة مع مكونات المجتمع السوري في روج آفا وعموم سوريا، وبذلك يفصح عن آخر حلقات تآمره مع داعش على الشعب السوري حينما يقوم بمعاداة القوة الديمقراطية الداحرة لداعش، ويقوم باستبدال المتطرفين بمسميات أخرى لإضافة الصبغة الشرعية على وجود داعش في سوريا بعد أن انتهت داعش الأم جهاراً.
إن معاداة أردوغان للتجربة الديمقراطية والتي يشكل الكرد أهم دعائمها ومن ثم معاداة الثورة في روج آفا والتدخل المباشر مستفيداً من حالة الصراع الدائر في سوريا ليس من وارد القرار التركي الخام حيث ومن أجل معاداة هذه التجربة قدمت تركيا كل ما يمكن تقديمه من تنازلات للأطراف المؤثرة في سوريا من قبيل النظام السوري وروسيا والتحالف الذي تترأسه أمريكا وهذه الأطراف أيضاً استفادت من تلك التنازلات بغية الاستثمار، وبالتالي فإن تدخل أردوغان وقصفه لأراضي روج آفا ومن ثم محاولته للسيطرة على منافذ حلب وكذلك حصاره لمنطقة الباب واستبدال داعش هناك بداعش من ذوي الصبغة الجديدة ومن ثم محاولاته التحكم بمجريات حملة الرقة والضغط الممارس من قبله في العراق وإعدادات حملة الموصل والتمركز التركي في بعشيقة كلها أمور لا يمكن أن تكون ناجمة عن تهور شخص إنما تنم عن اتفاقات بين الأطراف المذكورة، وهنا يتم استثمار المواقف للمصلحة السياسية، وإن جميع هذه الأطراف بما فيها تركيا تتفق فيما بينها على مبدأ خلق العقبات أمام النمو الديمقراطي ومنع وصل مقاطعة كوباني بعفرين فهم يدركون أنَّ اتحاد الكانتونات الثلاثة سيساهم في خلق واقع جديد للمنطقة بخاصة بالنسبة للكرد السوريين وشركائهم المحليين وستُفضي بالضرورة إلى تكريس الحالة التنظيمية الديمقراطية وإفساح المجال أمام الحل في سوريا ووضع الأطراف الساعية للفوضى في حصار الموت.
نحن نقبل على مرحلة جديدة وهذه المرحلة بحاجة إلى التصعيد من حال المقاومة والعمل على الحفاظ على مكتسبات الثورة وميراث الشهداء وإن مواجهة الاحتلال التركي أمر لا نقاش حوله لأن حالة العداء من قبل الدولة التركية تستفز يوماً بعد يوم بركان المقاومة لدى شعبنا المتجه نحو الفوران.!
فتركيا ومنذ عمر الثورة السورية لم تقدم قيد أنملة مما من شأنه خلق فرص الحل السورية حتى احتضانها للمعارضة كان من باب التحكم بمجريات الفوضى أو بناء تحول في سوريا يناسب الدولة التركية، وهنا لا بد من استيقاظ الضمير الوطني لجميع الأطراف والشخصيات التي ترى وتأمل الخير من أردوغان، ولابد أن يدرك الجميع أن أردوغان وحزبه يتحملون الجزء الأكبر فيما تعرضت وتتعرض له سوريا إينما تواجد الجيش التركي وعناصره يتواجد الدمار والفوضى والأدلة قريبة وكثيرة، وإن الاعتقاد بأن تركيا ستجلب الديمقراطية لسوريا أو تمضي في سعيها نحو الحل الوطني السوري أمل وتكهن فارغ يشبه الأمل في إعادة الحياة لجثة متعفنة بإبرة إسعافية، وهنا لابد لهؤلاء المعوِّلين على الدور التركي من العودة إلى المسار الوطني والالتفاف حول حالة المقاومة المطروحة من قبل شعبنا المقاوم لأنه الحل الأفضل نحو تبني النهج المقاوم في البناء الديمقراطي الحر في سوريا.
سوريا تمرُّ بمرحلة مهمة من تاريخها وإن الحالة الوطنية تقتضي الالتفاف حول النهج المقاوم والعمل على الحفاظ على الوحدة الوطنية السورية وتأمين مستقبل الشعب السوري من منظور أخلاقي ووطني وتثبيت الموقف المقاوم على أسس صحيحة قاضية نحو النمو الديمقراطي المؤدي إلى دولة مدنية حرة يسودها العدالة والحرية والمساواة وإن أي موقف خارج هذا الإطار إنما هو بمثابة الإصرارعلى الاصطفاف مع خانة المتآمرين على الشعب السوري وأعداء مستقبله.[1]