قضت إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مايو 2023 على آمال دميرتاش في إطلاق السراح المبكر، مما حمل الكاتب بينر على طرح فكرة المضي قدماً في المراسلة.
واستخدم زعيم كردي مسجون وكاتب تركي حر، رسائلهما المتبادلة ليكتبا من دون أن يلتقيا، عملاً بات أحد أكثر الكتب مبيعاً في تركيا.
فقد حققت رواية الجريمة التي تحمل بالإنجليزية عنوان ثنائي في المطهر (Duet in Purgatory)، والمتمحورة حول محام يساري متقاعد، وجنرال مسن له ماض حافل بالارتكابات، نجاحاً هائلاً.
وبنى الكاتبان القصة التي تمتد على الأعوام ال40 الماضية من تاريخ تركيا المضطرب والصراع الكردي المزمن، من دون مناقشة الحبكة على الإطلاق.
وقال الزعيم الكردي#صلاح الدين دميرتاش# في مقابلة أدلى بها لناقد أدبي من السجن، كانت مجازفة محفوفة بالأخطار أن تحاول كتابة رواية وكأنك تلعب الشطرنج، خطوة بخطوة، من دون الاتفاق على الحبكة أو الشخصيات أو الأسلوب لا شيء.
بدأت كتابة القصة عندما أرسل المؤلف والمترجم يغيت بينر إلى الزعيم الكردي المسجون دميرتاش، الذي يمضي عقوبة بالسجن لمدة 42 عاماً، نسخة من رواية لويس فرديناند سيلين الكلاسيكية، رحلة إلى نهاية الليل.
ووضع بينر ملاحظة مكتوبة داخل النسخة جاء فيها عربون تضامني.
ويقبع دميرتاش البالغ 51 سنة، والرئيس المشارك السابق لثالث أكبر حزب سياسي في البرلمان التركي، في السجن منذ عام 2016. وقد دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لاحقاً احتجازه باعتباره سياسياً، ودعت إلى إطلاق سراحه.
وقال بينر، لم أستطع أن أتقبل أن هذا الرجل الذي صوتت له، مثل 6 ملايين آخرين، الذي أشاركه أفكاره، وجد نفسه خلف القضبان بينما أنا حر.
استمتعنا كثيراً
وأعجب بينر الذي عاش في المنفى في ثمانينيات القرن ال20، بمجموعة القصص القصيرة التي كتبها دميرتاش بعنوان الفجر، وبدأ الاثنان في تبادل المراسلات عبر محامي السياسي الكردي.
وقضت إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مايو (أيار) 2023 على آمال دميرتاش في إطلاق السراح المبكر، ما حمل بينر على طرح فكرة المضي قدماً في المراسلة.
وتوجه بينر لدميرتاش باقتراح مفاده ماذا لو كتبنا رواية، كلانا؟، على رغم أنه لم يكن قد فكر في حبكة أو شخصيات ولم يكن متيقناً من جدية المشروع.
في حين أن الفكرة سعت في الأصل إلى إبقاء السجين مشغولاً، سرعان ما أنهى الرجلان كتابة 13 فصلاً.
ويرفض بينر أن يقول من بدأ في الكتابة أولاً، لكنه يوضح أن الثنائي تناوبا على صياغة النص.
ويشرح بينر، لقد استمتعنا كثيراً ولكن كان علينا الانتهاء. وقد وضعنا النص جانباً لمدة شهرين قبل أن يقرأه بعض الأصدقاء.
وطبعت دار ديبنوت التي أصدرت سابقاً روايات دميرتاش وقصصه القصيرة، 55 ألف نسخة في الشهر الماضي، على أن تصدر مزيداً من النسخ في سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويقول الزعيم السياسي الكردي أسهمت قصصنا الشخصية، ومساراتي، ومسار ييغيت في تشكيل الرواية. لقد أعطاني ذلك محفزاً عندما كنت في حاجة إلى ذلك.
ويلفت بينر إلى أن نجاح الرواية يكمن في توقيتها المناسب. ويضيف أن الكتاب يطرح مسألة المصالحة من خلال شخصيتين من الجيل نفسه من الخاسرين يتقاسمان شعور الهزيمة عينه.
ويشير إلى أن فكرة الكتاب تتحدث عن تركيا اليوم التي أصبحت أكثر انقساماً من أي وقت مضى.
استثناء
كان بينر عاطفياً للغاية عندما حصل أخيراً على إذن لمقابلة دميرتاش في يوم إصدار الكتاب في سجن أدرنة في شمال غربي تركيا، إذ يقبع زعيم المعارضة في عزلة ولا يسمح له إلا بزيارات أسبوعية من محاميه أو عائلته.
استثنائياً، سمح له بالخروج من الزنزانة الصغيرة التي يقبع فيها منذ ثمانية أعوام، التي يتقاسمها مع رئيس بلدية مدينة ديار بكر الكردية السابق عدنان سلجوق مزراكلي.
وقد أشاد النقاد بالسرد المضحك والسريع والحيوي في الكتاب، وتهافت القراء لرؤية بينر أثناء تجواله في المكتبات.
*الاندبندنت.[1]