أهي نهاية شهر العسل الداعشيّ الأردوغانيّ؟
صلاح مسلم
إن كان القرار المتّبع هو إهداء مدينة الباب إلى تركيا مقابل تنازل الأخيرة عن حلب؛ المدينة المهمّة جدّاً بالنسبة لروسيا، والباب المدينة التي تهمّ تركيا لفصل الشمال السوريّ والوقوف سدّاً منيعاً أمام الكرد فحسب. فلننظرْ إلى خريطة الأحداث كيف تحوّلت القضية السوريّة وانحرف مسارها؟ من الثورة التي طرحت شعار إسقاط بشار الأسد، وشعارات الحرّيّة والكرامة، إلى صراعٍ على حلب والباب فحسب، ونقل المسلّحين إلى إدلب التي صارت قنبلة سنّيّة موقوتة، وليظهر أردوغان بهيئة المنتصر ويقول:” لن نسمح بإقامة دولة جديدة في شمالي سوريا، ومازلنا نطرح إقامة منطقة آمنة خالية من الإرهاب شمالي سوريا (إذْ لا يستطيع أن يلفظ كلمة كرد إطلاقاً) وسنحرر الباب ومنبج والرقة…”
لا أعرف لماذا لا يتساءل؛ لماذا استطاعت قوّات سوريا الديمقراطيّة أن تتفوّق على داعش في مواقع عدّة وتحرّر مناطق كثيرة في زمن قياسيّ قياساً ببطء تمدّد جيش الاحتلال التركيّ، مع أنّ قوّات سوريا الديمقراطيّة ليست جيش دولةٍ ترى نفسها القوّة الأولى في الناتو، والرابعة على مستوى العالم، فعندما قرّر داعش أن يحارب الدولة التركيّة بشكلّ جدّي لا بمسرحية جرابلس الهزلية، فقدت تركيا في موقعة واحدة جيشاً كاملاً وعدداً كبيراً من العدّة والعتاد، بعد أن تخلّى أردوغان عن داعش، والسؤال المطروح: – هل انتهى شهر العسل الأردوغانيّ الداعشي؟!
لكنّ الجبان أردوغان عندما يخسر مع حليفه داعش يقصف روج آفا بمدافعه الجبانة، ويخون المسلَّحين في حلب، مع أنّهم خدموه في ضرْب الشيخ مقصود، ولم يقصّروا في الامتثال لأوامره أبداً، ويظهر تارةً بمظهر المتسوّل أمام أوروبا، وطوراً يُطأطئ رأسه أمام بوتين، ويستقوي على من نجح بالديمقراطيّة فقط لأنّه كرديّ، فقط لأنّه ديمقراطيّ، فقط لأنّه إنسان.
لا يجسّد أردوغان فرداً معيّناً أو حالة طارئة، إنّما يجسّد ذهنيّة تراكمية؛ هذه الذهنيّة القومويّة الطورانيّة التركياتيّة المطعّمة بالإرهاب الإسلامويّ، وقد وعى الوحوش كيفية التعامل فيما بينهم، فالمسخ الداعشيّ يُدْرِكُ ماهية التعامل مع المسخ الأردوغانيّ، وقد انتهت تلك العلاقة الرومانسية فيما بينهما، والآن لا يعرف ماذا سيفعل هذا المسخ الأردوغانيّ، فكلّما وقع في مأزق ما انهالت مدافعه على روج آفا، سواءً في ديريك أو كوباني أو عفرين، طائشاً لا يدرك أيّ خرابٍ جلبه على أهله وشعبه.
لقد برهن أردوغان أنه البلطجيّ الشرق أوسطي بامتياز، فقد كان الناس يستهزئون من تصريحات القذافي، لكنّ أردوغان قد برهن أنّه السبّاق في هذا المضمار بكثير، وقد سبق علي عبد الله صالح وغيره، وما يميزه عن أولئك الأباطرة الأوسطيين أنّ كلامه في الصباح لا يشابه كلامه في الليل، ويظنّ أنّ كلَّ من حوله غبيّ – لا محالة – فيخون هذا وينقلب على ذاك دون أن يحسب حساب انتهاء شهر العسل بينه وبين داعش، وبينه وبين الائتلاف، وبينه وبين جبهة النصرة…[1]