شنكال واستراتيجية التنظيم الذاتي
اللغة بوصفها ضرورة تاريخية
آلدار خليل
في استمرار المخططات التي حيكت ولا تزال ضد ثورة روج آفا، الثورة التي مثلت جوهر التغيير في المنطقة، بدأت مرحلة أخرى من مراحل المواجهة عن طريق فئات محلية ننظر إليها كشريكة في مستقبل شعبنا، والتي انزلقت عن مسارها الوطني إلى الخط المضاد في موقف واضح معاداةً لثورتنا التي ترى فيها القوى المكلفة للقوى المحلية أنَّها الأخطر -أي ثورة روج آفا- ولابد من إخمادها الأمر الذي لم يكلل بالنجاح حتى اللحظة بالرغم من الكثير من الأساليب والمخططات وآخرها ما حدث في شنكال.
أمام المتغيرات التي حدثت في الشرق الأوسط والتي يمكن وصفها بالجذرية إذا ما تناولنا مدى ملائمة أشكال الحكم السابقة يمكن التأكيد على أنَّ لجوءَهم إلى عمليات التوكيل لعملائها في المنطقة مرحلة أخيرة من مراحل محاولاتها المعرقلة لتطلعات شعبنا.
في مقايسة حجم التضحية والمكتسبات التي تحققت في ثورة روج آفا والتغيير الذي أحدثته هذه الثورة؛ هنالك جهد كبير من القوى المحافظة بكل ما يحمله هذا المصطلح من سلبية ورجعية، وقد شكلت مع القوى المعادية (أنظمة استبدادية وتنظيمات إرهابية، وشخصيات فئوية أقليَّة) جبهة معادية؛ تلاقت مصالحها في خنق وإجهاض أية محاولات من القوى المظلومة لمواكبة المتغيرات ومنهم الكرد، وحدث فيما بينها ترابط وليس من السهل انفكاكها؛ على الأقل في الوقتين: الحاضر والمستقبل القريب بحكم اتحادهم على المتاجرة بالمصير، حيث أنَّ ما يفعله الحزب الديمقراطي الكردستاني- العراق، وما رافق من زيارات متبادلة من أنقرة وإليها وغيرها من العواصم وما أنتجت من أفعال وترجمة عملية لها؛ يعني ما يعنيه من أنَّ هذا الحزب سخّر كل الإمكانات التي بمتناول يده لتوجيهها ضد ثورة روج آفا، وبالتحديد الهجوم الرباعي المفاجئ على خانصور وشنكال المؤلف من بقايا المجموعات البعثية التي سلمت الموصل إلى داعش؛ وبعض الذين هربوا من روج آفا تحت حجج لا منطق لها، وبعض الأطراف من الذين يرون أنفسهم مواد قابلة للبيع والشراء، وقبلهم جميعا الجيش التركي المحتل لبعشيقة؛ هذا الرباعي وبنسخ أخرى يظهر في كل الثورات كتكتل يخشى التغيير الديمقراطي ويعاديه ويستميت كي لا تكون إرادة الشعب قائمة؛ وتثبت المجازر التي تعرض لها أهلنا في شنكال والتي وصلت إلى 74 مجزرةً أنَّ هذا الرباعي يحرص ألا تكون شنكال قائمة وأن تكون المجازر مستمرة بحقهم بهدف الإبادة مِنْ بعد الإنكار؛ وإلّا ما الذي يخيفهم من حالة التنظيم المتقدمة المتحققة في شنكال، حالة الحماية الذاتية التي تحدث للمرة الأولى بعد كل هذه المجازر التي يتعرضون لها؟ أم سعيهم للثأر من منطق التنظيم الذاتي لمنع حالات إبادة أخرى؟ علماً أنَّ الأجندة لا تتوقف عند شنكال (الشعب والمعتقد) بل تتعداه بشكل صريح إلى توجيه مدافع الهدم لروج آفا، فالحصار لم يأتِ بنتيجة والحاضنة المجتمعية لا تتقبَّل أيَّ احتمالٍ لنشوب حرب بينية سواء ما بين الأخوة أو ما بين مكونات شعب روج آفا، يُضاف إليهما قائمة الفشل بمن جنّدتهم تركيا بدعم واختيار الحزب الديمقراطي الكردستاني في أن يكونوا بديل الكرد وبديلاً عن شعوب شمال سوريا؛ على الرغم من الدعم والتسهيلات وتأمين اللقاءات وتنفيذهم لأجندات الجبهة المعادية وتحولهم لأدوات تنفِّذ ما يُطلب منها كما هو حال بعض الشخصيات التي تُقدِّم نفسها على أنها ممثلة للمجلس الوطني الكردي فمساعيهم أُفرغت من محتواها بالإرادة التي يتصدى بها شعبنا والتي تؤكِّد بشكل يومي أنَّه لا يمكن لأي طرف أن يتآمر على الثورة الحرة أو يُعبِّر عن حاجة الشارع ولاتمثيله وبخاصة من الذين يتقربون بكل تلك المساعي إلى أوراقٍ خاسرة لقضيتنا الوطنية كمثل سعيهم ومقصدهم في إدراج وحدات حماية الشعب والمرأة وحزب الاتحاد الديمقراطي لقائمة الإرهاب، وهنا من المهم التفكير أنَّ الهجوم على شنكال يُعد أيضاً توجيه الحدث إلى مكان آخر بعيدٍ عن الفشل الكبير الآخر الذي مُنِيَ به المجتمعون في جنيف4 وفي مقدمتهم مُنفِّذو الأجندة التركية من الذين يمثّلون المجلس الكردي.
مراهنة الحزب الديمقراطي الكردستاني على النظام التركي هو رهان خاسر؛ سيّما ويعلم الجميع أنَّ أردوغان بات في مشهد العد التنازلي؛ وكما أن في عام 2017م ستكون نهاية داعش؛ فإنها أيضاً ستكون نهاية الوجه الآخر لداعش أي أردوغان ونظامه، شنكال بكل أصالتها وخصوصيتها تسير نحو إعلان إدارتها الذاتية، مشروع الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا؛ وباتت مسألة وقت للانتقال إلى مرحلة الشرعية الدستورية، هذه هي أهم النتائج التي كتبت بدماء ومقاومة الشعب الكردي والشعوب الأخرى في روج آفا، ولأجل هذه النتائج نقولها: كفى؛ نحن تجاوزنا مرحلة إثبات دورنا وهويتنا لأننا اليوم نمثل روح التغيير وهذا نتيجة تضحيات أبطالنا وبطلاتنا وبفعل إرادة وتمسك شعبنا بثورته التي لا عدول عنها مهما تكاتفت القوى المعادية ومهما سخرت واستأجرت من أطراف ممن ينوبون عنها بالوكالة، القراءة المنطقية للواقع يقضي أنَّ الشكل الإداري خلاف المركزي هو الأنسب للمنطقة ولعموم الشعوب المسحوقة بما فيهم الإيزيدين وأنَّ التنظيم على أساس الحماية الذاتية نظرية استراتيجية تمنع تكرار حالات الإبادة على مرِّ التاريخ، فشنكال لو كانت مُدارة على هذا الأساس لما نال داعش من شعبها وإن لم تكن فستكون عرضة للإبادات دائماً بالإضافة لعموم شعوب المنطقة، فلابدَّ من النظر إلى حال الشعب الكردي برؤية وطنية مسؤولة وتحديد حاجات شعبنا والعمل على المحافظة على مكتسباته في المقاومة والنضال الأمر الذي يضمنه المؤتمر الوطني الكردي والذي يمثل حاجة المرحلة والمصلحة الوطنية الكردية التي نرى أنفسنا في جهوزية تامة ودائمة لها.[1]