#شنكال# ومأساة الكردياتيّة
صلاح الدين مسلم
شنكال هي عنوان المآسي، ورمز الإبادة بحقّ الكرد، والإيزيديون يُجسَّدون كرمزٍ للوجود الكرديّ في الشرق الأوسط من الوجهة التاريخيّة التي تقلق الدول القوميّة التي تريد أن تنسف تاريخ كلّ الشعوب العريقة في الشرق الأوسط، والتي تسعى جاهدةً للقضاء على تاريخ تلك الشعوب عبر مؤامرة الصهر والإبادة.
فإن كان القدر قد اختار لشنكال أن تكون مسرحاً لحمامات الدمّ، أظن أنّه لم يختر لها أن تكون مسرحاً للرومانسية الكردية التي تقلب المشهد المأساوي من هجوم للإسلام السني التكفيري بقيادة أردوغان وحلفائه على الإيزيديين، إلى صراع فيسبوكي بين منادين برومانسية الأخوة الكردية والمنادين بوقف الاقتتال الكردي.
فسواء كانت الخطّة هي الحصول على منابع النفط في كراتشوك ورميلان، أو القضاء على الثورة المجتمعيّة في روجآفا والشمال السوريّ، أو محاربة حزب العمال الكردستاني التنظيم الوحيد الذي يحارب الفكر الدولتي والذي يقف حاجزاً أمام غطرسة الحداثة الرأسمالية في الشرق الأوسط والأيديولوجيّة الليبراليّة، لكنّ الهدف الرئيس هو القضاء على الإيزيديين في شنكال وقراها، الهدف هو القضاء على هذا العرق الأصيل في الشرق الأوسط، القضاء على تاريخ الشعوب الأصيلة في المنطقة.
لقد كشفت شنكال حقيقةَ المتمنطقين قناع الكردياتيّة، الذين ظلّوا على مدى نصف قرن يُعتبَرون زوراً وبهتاناً الحامي الوطيس للكردياتيّة المزيّفة، وأضحى كلُّ من يكشف حقيقتَهم هو المعادي للكرد وكردستان؛ الشمّاعةِ التي ظلّ يعلّق عليها الناهبون الخائنون خياناتهم، ومن هنا غدا الحديث عن الاتهام بالخيانة بمثابة الابتعاد عن الوطن والشعب والرمز، وبما أنّ ثورة روج آفا هي الثورة التي حطّممت كلّ أنواع الثوابت والأفكار المتحجّرة، وأصبحت هذه الثورة تطلق العنان بعيداً عن روج آفا جنوباً وشرقاً وصارت أراضي الشمال السوريّ تتوسّع وتكبر يوماً بعد يوم، فلذلك جاهد المقنّعون يكشفون عن قناعهم يوماً بعد يوم، فلم تعد التصريحات مبطّنة كما السابق، وصار أزلام أردوغان يعبّرون عن نواياهم بكل فجاجة، ونسَوا الثورة السوريّة والصراع المفترض مع النظام السوريّ، والصراع مع داعش، وبات كلّ الحديث منصباً حول المدّ الكرديّ.
في كلّ هذه المعمعة بدا خطّ الكردياتيّة واضحاً وجليّاً، فمن ينادي بالكردياتيّة لا يعلم ولا يطبق شيئاً من كردياتيّه على الأرض، بل أضحى الصراع مكشوفاً ما بين الإسلام السنّي التكفيريّ وما بين كلّ من يقف أمام هذه الأيديولوجيّة الإقصائيّة في الشرق الأوسط، وبات كلّ شنكاليّ يخاف من كلمة الكرد، ويشمئزّ منها، فلقد لقى الويلات على يد الكرديّ المسلم أكثر من العربيّ المسلم.
يقول شنكالي بحرقة: إنّ مشكلة العربات التي من المفترض أنّها تحمي أهالي شنكال؛ أنها إما تهرب منهم عندما يهاجمهم داعش، أو تدوس عليهم عندما يدافع الشنكاليّون عن أنفسهم.
ويقول شنكاليّ آخر: على أرضنا، فقط على أرضنا، كلّما تعلّمنا حرفاً ازددنا خوفاً وبُعداً عن أنفسنا، وازددنا خوفاً من التاريخ وازددنا خوفاً من المستقبل، أترى العذر فينا أم فيما تعلمناه؟!![1]