الدول المتخلفة و اقتصاد السوق
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4742 - #08-03-2015# - 18:40
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ما تريده الراسمالية العالمية هو تطبيق اقتصاد السوق الحرة في كافة انحاء العالم و تعتبر الاشتراكية مصيبة على البلدان، و تعمل كل ما بوسعها من اجل بيان اصحية نظرتها و نظريتها، دون ان تاخذ بنظر الاعتبار الفروقات الاقتصادية بين البلدان و تبعية بعضها للبعض، وهي ترعى سيطرة الشركات الكبرى و الدول الراعية للنظام الراسمالي، مما تفرض اتساع البون التي يزداد يوما بعد اخر بين الدول، و بين الطبقات في الدول ذاتها يوما بعد اخر . و امريكا بالذات اجبرت دولا و وكلاء لترويج منتوجها الفكري كما هو الصناعي لبيان ايجابياته و تلائمه، مقابل بيان سلبيات غيره من الافكار التي يمكن ان تنافسها في اصحيتها و صلاحها لاكثرية الناس و ليس لمجموعة معينة يمكن ان تسيطر على الاكثرية . و هي تسخر كل امكانياتها و قدرتها في تلك السبيل و لا تالو جهدا في ازاحة من يعرقلها ان اراد ان يبين لها الاصح . و كلما تناقشت معهم انهم يتكلمون عن تجربة الاشتراكية التي فرضت ابان مرحلة الاتحاد السوفيتي و المعسكر الشرقي و ما رافقتها الفوضى و الفساد و التخلخل و انحراف، و لم يُطبق النظام الاشتراكي علميا كما هو و واجه صعوبات شتى و عرقلة القوى الراسمالية، اضافة الى السمات البشرية التي تتسم بالمامها و التزامها بالغريزة بدلا من العقلانية للمصلحة العامة، و يريدون ان يغطوا السلبيات الكبرى الناجمة عن السوق الراسمالي الحرة من الاحتكار و الفساد و ما تنتج عنها الانظمة الدكتاتورية و الاستبداد و تضييق مدى الحرية و الظلم و الابتعاد عن مصلحة الانسان و الانسانية في الفكر . هدفهم هو تجزئة الراسمالية و تفككها عن الاركان التي تستند عليها و كانها ليست بمنظومة مترابطة مع بعضها، و كان الانظمة الراسمالية التي جلبت الدمار و الفساد في الدول ليست براسمالية و انما بعض الدول المتقدمة هي نموذج الراسمالية، بينما يحاولون بيان الاشتراكية كانها نظام فشل في جميع الدول التي حاولت تطبيقها . و ان الراسمالية تريد ان تعفي نفسها عن الروابط المعقدة التي تربط بين اركان و اسس الراسمالية في كافة انحاء العالم، و هكذا بالنسبة للاشتراكية اليت لا يمكن ان تطبق في دولة دون ان تتاثر بما موجود بقربها او في الدول الاخرى .
ما نريد بيانه هنا هو ما تريده الراسمالية العالمية من التعميم و عدم التمييز بين دولة اخرى من حيث الارضية الموجودة، و هي تريد فرض ما لديها فكرا و نظرية دون حساب لخصوصيات التاريخ و الاقتصاد الموجود و ما تبرز من الفرض الفوقي لنظام لم يبنى بشكل طبيعي و تدريجي كما تريده امريكا بالقوة الغاشمة و الاضطرار . انها تستغل صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و المؤسسات المالية الكثيرة التي تفرض شروطا على الدول المتخلفة من اجل توفير ضرورات الحاة للشعوب المغلوبة على امرها، و هي تريد ان تمنع عنهم التفكير في الافضل من النظام الموجود لديها، متناسية الفروقات و التمييز و اللامساواة الموجودة في عقر دارها و هي لم تصلح ما وقعت فيها من التناقضات الاقتصادية التي تعاني منها داخليا و تريد ان تفرض على الاخرين اخطائها عسى ان تؤمن به الجميع . و الادهى من ذلك تعتبرها النظام المثالي للانسانية و انه افضل ما انتجه الانسان و هو نهاية الانظمة و احسنها . و كما تفعل في توجهاتها الثقافية الفلسفية السياسية من قبل نهاية التاريخ و صراع الحضارات التي ليس لها بديل او افضل مما هي فيه كما تدعيه .
ان الدول التي مدت امركيا يدها اليها، اي تدخلت فيها و فرضت نظامها عليه سواء كان برضاها او اضطرت على ذلك، فانها شهدت فوضى و اقتصادا مشوها غير ثابتا متخلفا من جهة، و ازدادت من الفروقات الفردية و التمييز الفردي و المسافات الكبيرة بين الغني و الفقير على الصعيد الفردي و المجتمعي من جهة اخرى، و هي التي فرضت الاقتصاد غير المستقر في افغانستان و العراق و الدول التي تتبعها وهي صم بكم دون اي اعتبار لخصوصياتها المجتمعية و الاقتصادية . الدول النامية التي توجهت الى الراسمالية في نظامها لم تزل عالقا في الوحل و لم تخطو خطوة الى الامام بل اكثرها تراجعت و اضطربت في اقتصادها دون ان تشهد اية تنمية كما عاهدتها الراسمالية العالمية و توعدت لهم بها . انها لعبت بمقدرات العالم من اجل طبقة صغيرة من شعبها و هي التي تؤمن لهم الاستمرار في السيطرة على العالم اقتصاديا و سياسيا و تريد ان تفرض معالمها الثقافية و ما تؤمن على مجتمعاتهم ايضا . امريكا راس الراسمالية التي تعاني من اكثر افات الراسمالية انتشارا على شعوبها، ليس هناك في اية دولة من مستوى الفقر و العوز كما موجود في امريكا، ليس هناك من الفروقات الكبيرة الشاسعة بين الفقير و الغني كما هو في امريكا، ليس هناك جشع و احتكار و الهروب من الضرائب و الفوضى الاقتصادي في اية دولة في العالم اكثر من امريكا ذاتها . انها لاتزال تعاني من المرض و الفقر في كثير من ولاياتها و لم تعمل على انقاذهم بينما تصرف جهودا و اموالا على بقاع تريد ان تعيش كما هي، و تمتص دماء الاخرين من اجل مصلحة حفنة من الاثرياء المسيطرين على اقتصاد العالم . المحير في الامر انها لم تعترف باخطائها المتعددة و تعمل بكل دقة و جهد كبير على فرض نفسها و ما تفكر به في العالم اجمع بكل السبل المتاحة لديها، و هي صاحبة الشركات العملاقة و الثروة الهائلة.[1]