رسخوها حربا مذهبية
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4742 - #08-03-2015# - 23:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
كسح تنظيم داعش المناطق المحسوبة على مذهب معين( السني) من العراق مستغلا الظروف التي خلقها المالكي من االاحتقان و االضجر و الصراع الذي وصل حافة الوضع الماسآوي في تلك المناطق، و لم يدع شكا في التفرقة المذهبية و اثر حتى على المعتدلين، مما حدا بالذي لم يحتمل التعدي المكشوف على اهله و نشر الفوضى و التدخل في ابسط الامور محاولا بكل ما لديه من القوة في التغيير الديموغرافي و السيطرة على هذه المنطقة بالقوة المفرطة، و اتخذ التحايل على اهله بعدما اسس بهم الصحوات و من ثم دار ظهره عنهم و اهملهم للوضع السياسي الاقتصادي الصعب، مما ترك منطقتهم مرتعا لمن يمد يده اليهم خارجيا كان ام داخليا مهما كان نيته او هدفه، و عليه اصبح اقليما فوضويا مختلفا عن باقي العراق بشكل واضح .
واكب المذهب المعتدى عليه و الذي احس بالضيم و الغبن تنظيم داعش بطرق و اشكال مختلفة، منهم انظم اليه و دعمه بما يملك، و منهم اخذ موقف الحياد، و منهم دعمهم باضعف الايمان، و منهم ترك مسكنه هاربا من الحرب، و منهم فر خوفا من ما ياتي بعد اكتساح المنطقة و انجراف داعش و ما يحدث كرد فعل لما حدث عند مجيء داعش، و الشعب مغلوب على امره و هو انحصر بين المذهبين و ان كان غير مؤمن بالمذهب اصلا وغير مبالي باي منهما جملة و تفصيلا .
بعد الفتوى التي اصدرها السيستاني، لم يبق مجال او فرصة للتماسك و الوحدة و التراصف او اعادة اللحمة الهشة التي كانت موجودة اصلا، لانها استجيبت من مذهب معين بعينه دون الاخر و المنطقة التي يحارب بها الان تابع للاخر، و اخذ كل مذهب توجهه و اضطر المنتمين اليه سواء كان ايمانا و فكرا او مجازا ليختار فكرا و موقفا و باشكال متعددة و هو ينحاز لمذهبه و يريد عملا يبقى بعيدا عن الاخر .
المؤلم في الامر، ان عملية التحرير التي استهلها الجيش و الميليشيات عمٌق الجرح و فرق المذهبين على الارض و تجسد ما كان يخاف منه المواطن من ترسيخ العداوات لفترة طويلة لا يمكن تحديدها . الواضح في الامر ان عملية التحرير صبغ بصبغة واحدة بعيدا عن الموزائيكية التي يتصف بها الشعب العراقي، ما زاد الطين بلة هو تدخل الميليشيات و التدخل الواضح الفضيح بقوة من قبل ايران و بعلم امريكا التي لا تمانع في هذه المرحلة لاسباب تخص مفاوضاتها النووية، مما اثرت هذه المواقف المتناقضة بدورها على الوضع العراق الداخلي، و كانه يهم مذهب معين دون غيره، و هذا ما حدا حتى بمن كان ينوي العمل على تحرير منطقته ان يتردد عندما تلمس التدخلات الخارجية و ما يُراد بها تسجيل مجد لمذهب معين دون غيره . اي عدم التمهيد سياسيا و اتخاذ المواقف الفردية و عدم التوافق على كيفية اجراء العملية العسكرية مواكبة مع التوافقات السياسية، فرض على المكرهين على العيش تحت نظام داعش الخرافي ان يتعاطفوا معه كما تعاطفوا عند مجيئه، و هذا ما يجعل المشكلة اعقد و لا يمكن ان ننتظر عودة المياه الى مجاريها و ان تحرر الاراضي كافة من ايدي داعش .
زرع الشك و الخوف في قلوب من يعيش في هذه المناطق اكثر من ما كانوا عليه . بدئوا يتصورون مستقبلا مخيفا لهم في ظل من يمن عليهم و يدعي تحريرهم من داعش دون مساعدتهم . و الوضع الاجتماعي الذي اختلط و انتاب الجميع الرعب و السخرية من ما موجود لم يدع التآخي ان يسيطر على الوضع، و لا يمكن ان نتصور سيطرة ابن الناصرية و البصرة على منطقة ابن الموصل و الانبار و ان جرفوا داعش الان و مسحوا اراضيهم. اي ما ياتي بعد التحرير ادهى و اصعب على الحكومة العراقية مهما فعل، و العراق ليس بايران او تركيا . فانه بلد له من المذهب و جار لدول فيه من المذاهب ذاتهاو بنفس الالتزام و العرف العشائرية، و لديه من المصالح المشتركة مع جيرانه وبما فيها التداخل الاجتماعي الذي لا يمكن ان نتصور ان يبقى هذه المنطقة امنة تابعة الى المركز، طالما كانت حكومتها من اللون الواحد او السلطة الفعلية على الارض من المذهب المعين دون غيره فعليا . لذا ان لم يحل الوضع سياسيا و اجتماعيا مع العمليات العسكرية الجارية و بالسرعة ذاتها، لم يتم القضاء على الوضع المزري في المستقبل، و ستكون المنطقة معرضة لكل طاريء وانها ممهدة لتغييرات المفاجئة و المستجدات غير المتوقعة لامر محتمل دوما.[1]