هل ينجح الاتفاق التركي الكوردي ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4735 - #01-03-2015# - 13:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
في هذا الوقت الذي نقترب من شهر اذار و نوروز و ما يحدث فيه سنويا، في هذا الوقت بالذات الذي يقترب تركيا من حمى الترويج للانتخابات البرلمانية، و تتحدث تركيا نظريا في اقتراب كوردي تركي لمصلحة معلومة و ليس من اجل حل المسالة الكوردية كما تدعي في العلن، و ليس على الكورد الا اليقظة في هذا الوقت المفصلي الحساس .
لو نقيٌم الوضع في كوردستان الشمالية منذ المحادثات التركية الكوردية و عملية السلام لم تتقدم بما تفرض على الارض خطوات كبرى يحس اي كوردي بها و بان تركيا صادقة في توجهاتها و نياتها، و لم تتخذ عملية السلام كتكتيك لعبور المرحلة التيفيها ما تفرض خطوات على السلطة التركية نحوالخضوع للاعتراف بالحقوق المغتصبة للكورد الذي يدعيها منذ عقود طويلة . القائد الكوردي عبد الله اوجلان لازال في زنزانته و تحت مراقبة شديدة منذ اكثر من عقد و نصف، لم يُرفع حزب العمال الكوردستاني من قائمة الارهاب التي فرضتها تركيا منذ عقود بعلاقاتها الدبلوماسية و موقعها و ثقلها لكونها عضو حلف الناتو، على الكثير من دول العالم اضافة الى المصالح الاقتصادية التي دفعت للكثير من الدول ان تنفذ ما تفضله تركيا حول هذا الحزب و قائده .
منذ انتفاضة اذار في كوردستان الجنوبية، و تاثرت كوردستان الشمالية بها بشكل مباشر مما دعت الظروف المختلفة التي برزت ان تجبر تركيا على تغيير وجهتها سياسيا الى حد ما وفق ما تفضله من تحاشي ما تعتبره نقل الحال الخطر الى كوردستان الشمالية و ما تتبعه من تاثيرات على سيادتها و استراتيجيتها السياسية، و تصر على بقاء كوردستان الجنوبية على حال تكون خاضعا لما تفرضه تركيا من النواحي السياسية الاقتصادية عليها، و سوف تفعل ما بوسعها او تساعد على اعادة ما موجود في اقليم كوردستان الى المربع الاول، كما تمكنت في دخول داعش الى اقليم، و يُشك بها لتغيير وجهة داعش نحو كوردستان .
اما لو تكلمنا من منطلق المعادلات المتغيرة في المنطقة و ما يمكن ان يُفرض على تركيا لاضطرارها على تقبل الحقيقة و هو؛ ايران اصبحت لها يد طولى في العراق و سوريا و اليمن اضافة الى لبنان من جهة، تركيا تراجعت موقعها بعد الخلافات مع الكثير من دول الخليج و مصر و اردن الى حدما، فانها اصبحت في مكان اضعفت موقفها امام التوازن المطلوب امام ايران في تسيير سياساتها في المنطقة، اضافة الى حياد اسرائيل حول ما يهم تركيا و ما هي فيها، نتيجة التخبط في ما تفعله تركيا ازاء ما تريده اسرائيل او ما لمصلحتها في المنطقة، اي يمكن ان نقول ان تراجع ثقل تركيا و موقفها في فرض ما لمصلحتها اصبح واضح للعيان، و انها اليوم تريد اعادة النظر في سياساتها بعدما احست باخطائها الجسيمة، و لكن لم تُستغل تلك الاخطاء الجسيمة التي ارتكبتها تركيا من قبل الكورد لحد الان، هذا من جهة، اما من جهة اخرى، فان تركيا و بعد برودة العلاقات مع الدول المؤثرة و عدم تنفيذ ما عليها كعضو في الناتو مما هز موقعها هناك ايضا فانها هي التي ادخلت نفسها في وضع محرج . وفي المقابل فان ايران تسير بسرعة في تثبيت اركانها و مواقعها في المنطقة، بينما تركيا تراجعت كما نرى .
اما ما تهتم به تركيا في العراق بعد ثبوت الوضع بعد مجيء العبادي، فانها لازالت على امل ان يتقدمان في علاقاتهما على حساب اقليم كوردستان، و به تتمكن تركيا من فرض ما تريد على الكورد في كورستان الشمالية و ما يهمها هو تجريدهم من السلاح و تنجح في الامتداد الى اراضي كوردستان انتخابيا بواسطة من يميل الى السلطة الاسلامية المذهبية اكثر من الروح القومية التي انعشها الحزب العمال الكوردستاني من جهة، و من تتمكن من شرائهم بدعاوى و حجج مذهبية لا صلة لها بالحقوق العامة للشعب الكوردي من جهة اخرى .
اي، العلاقات المحورية بين ايران و الدول التي لها تاثير مباشر عليهم و العلاقات المبتسرة بين تركيا و تلك الدول، هي التي تفرض ثقل البلدين، و تاثيرهما و ما يخرج من الحسابات العالمية من المعادلات التي تفرض الخطوات الدولية ازاء كل منهما و ما يُعد لهما من قبل الدول الكبرى . فالمعادلات متداخلة بشكل تتاثر اي منها او نتيجة كل منها بما يحدث في الاخرى من الجهات المتعددة . لازال المحوران السني الشيعي في حال منحنى احدهما اكثر ثقلا على الاخر بكمية قليل، و المصالح فرضت على امريكا بالذات عدم امكانها من اعادة التوازن الى حاله السابق لحد اليوم .
و من منظور و ما يُفرز من النتائج من تفاعل المعادلات الجارية و المتاثرة لكل خطوة بسيطة تتخذه اية دولة في المنطقة ازاء الاحداث، يمكن الحساب لعملية السلام الجارية في تركيا و ما تتخذه من الخطوات التي لا تنبع من النية الصافية الصادقة و انما جراء ما تفرضه الظروف الموضوعية في المنطقة، و بدوره ما تفرضه المتغيرات الناتجة منها على سياسات تركيا الداخلية .
و عليه، فان نجاح عملية السلام لم تتوقف على ما تؤمن به تركيا او تتوجه اليه بقدر ما تفرضه الظروف الخارجية في المنطقة و ما ينتج عنها، و على الكورد ان يحتسبوا اكثر من تركيا لانهم اصحاب الحق و طلابه اكثر من غيرهم، و يتوقف نجاحهم على دقة حساباتهم لما يجري في المنطقة قبل ان يحسبوا لداخل تركيا، و الا ان تجريد الكورد من السلاح سيكون ذات نتائج وخيمة عليهم، و سيتراجعون خطوات في نضالهم الدامي التي طال عقود.[1]